الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرهاب الاجتماعي يصيبني عند إلقاء كلمة أو الإمامة فقط!

السؤال

لقد عانيت من الرهاب الاجتماعي في الفترة السابقة، وبعد استشارتكم أرشدتموني إلى العلاج السلوكي، إلا أنني ما زلت أعاني في بعض المواقف حصرياً عند إلقاء كلمة أمام الآخرين أو الصلاة الجهرية بمجموعة، سواء في المسجد أو مصلى الشركة فقط، في هذين الموقفين، ماعدا ذلك أموري كلها على ما يرام -والحمد لله- سواء الاحتكاك بالآخرين أو بحياتي الاجتماعية الأخرى والأسرية.

الأعراض هي سرعة نبضات القلب، ومغص المعدة، وارتجاف الأرجل والأيدي، وقد ذهبت إلى الطبيب ووصف لي علاج citoles 10 حبة صباحاً، وكذلك indral 10 حبة مساءً، وعند استخدام العلاج الأول لمدة يومين أصبت بغثيان ودوخة، وقد أوقفته واستمريت على العلاج الثاني، فهل هو العلاج المناسب أم أن هناك علاجاً أفضل وبدون أعراض؟ وكذلك تكلفته مناسبة؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / نديم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

فنحن بالطبع سعداء جدًّا أن نسمع أن حالتك قد تحسنت كثيرًا، وأقول لك أن ما بقي لك من أعراض يجب ألا تأبه له ولا تلقي له بالاً، وتحاول أن تجاهد نفسك في تحقير هذه الأعراض، وتكثر من هذه المواجهات، وأفضل طريقة للمواجهات في مثل حالتك هي المواجهة في الخيال، ثم المواجهة التطبيقية العملية.

المواجهة في الخيال نقصد بها: أن تتصور موقفًا خياليًا دراميًا في أنك تلقي كلمة أمام مجموعة كبيرة من الناس، وكان فيها بعض الأشخاص الذين لهم مكانة اجتماعية معينة، وبدأت أنت في إعداد الكلمة بالطبع، ثم بعد ذلك حضرت أمام هذا الجمع وقد قام الشخص الذي يُقدم الاحتفال بتقديمك، ومن ثم بدأت في كلمتك، بدأت ببسم الله الرحمن الرحيم، ثم السلام على الحضور، وبعد ذلك دخلت في موضوع الكلمة، وهنا تصور أنك سوف تُصاب بنوع من القلق والرهبة البسيطة، وهذه يجب أن تعتبرها حميدة ومفيدة ومطلوبة، لأنها هي التي سوف تحفزك، بعد ذلك تجد أن مستوى القلق قد انخفض تمامًا.

أريدك أن تمثل هذه المواقف تمثيلاً حقيقيًا، ويجب أن تكون المدة ليست أقل من خمسة عشر دقيقة، ويا حبذا لو قمت بهذا الفصل الدرامي مرتين في اليوم. هذا مهم ومهم جدًّا. وعليك أن تغيِّر وتشكل في محتوى ونوعية هذه المواجهة.

حين تذهب إلى الصلاة احرص دائمًا في صلاة الجماعة أن تكون في الصف الأول، وتصور دائمًا أنه سوف يُطلب منك أن تصلي بالناس، حتى وإن كان الإمام موجودًا، أعدَّ نفسك هذا الإعداد النفسي، التحضير النفسي دائمًا فيه فائدة كبيرة جدًّا للإنسان.

بالنسبة للعلاج الدوائي: عقار (citoles) أعتقد أنه (إستالوبرام) هو دواء جيد ومفيد، لكنه بالفعل قد يسبب بعض الغثيان البسيط لبعض الناس في بداية الأمر، وربما كان من المفترض أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرام إذا كانت الحبة يمكن أن تقسم إلى قسمين – الدواء لا شك أنه جيد جدًّا، وهو فعال لعلاج الآثار الفسيولوجية، إن استطعت أن تؤمِّن الـ (citoles) -لأنك ذكرت أنه غال بعض الشيء- إذا استطعت وتيسر لك أن تتحصل عليه فأعتقد لا بأس به، وأنصحك أن تتناوله بجرعة نصف حبة ليلاً، هذه المرة اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوع، وبعد الأكل، هذا - إن شاء الله تعالى – يقضي تمامًا على الآثار الجانبية، بعد ذلك ارفع الحبة إلى عشرة مليجرام يوميًا، وهذه يمكن أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر (مثلاً) بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذا لم تستطع شراء الـ (citoles) فمن الأدوية البسيطة والجيدة والرخيصة نسبيًا عقار (أنفرانيل) والذي يعرف علميًا باسم (كلوإمبرامين) هو دواء قديم نسبيًا لكنه جيد ومفيد، له آثار جانبية بسيطة، مثل أنه قد يسبب جفافًا في الفم في الأيام الأولى للعلاج، وهذا العرض الجانبي يختفي تلقائيًا وتدريجيًا مع الاستمرار في العلاج.

الجرعة المطلوبة للأنفرانيل هي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا، تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعل الجرعة خمسين مليجرامًا، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة، استمر عليها لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين أيضًا، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما بالنسبة للإندرال فهو دواء استعماله اختياري جدًّا، يمكنك أن تتناول عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر آخر. الإندرال دائمًا يفضل تناوله في الصباح، لأنه في بعض الأحيان قد يسبب أحلاماً مزعجة لبعض الناس. وبعد ذلك يمكن أن تتوقف عن هذا الدواء وتستعمله عند اللزوم.

فيا أخِي الكريم: الخيارات أمامك متاحة جدًّا من حيث العلاج الدوائي، وكذلك التطبيقات السلوكية، وحالتك الحمد لله تعالى متقدمة بصورة إيجابية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً