الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مهارات الاتصال هل تتعارض مع سبيل المؤمنين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية أشكر لكم إتاحة الفرصة لطرح الأسئلة، دائما ما أسمع وأقرأ عن مهارات الاتصال وطرق التواصل مع مختلف الفئات من الناس، سواء الشخصية الصعبة أو المغرورة أو غيرها الكثير، ويتبادر لذهني السؤال التالي: هل هذا يتعارض مع سبيل المؤمنين؟ مصداقا لقول الخالق تقدست أسماؤه:

{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}.

فالمؤمنون أمروا باتباع أسلوب معين وسمي بسبيل، ومن يتبعه فهو يدعي على الله بطريقة غير مباشرة، وتلك الكتب تأمرنا باتباع أساليب وسبل أخرى قد تدعو الناس إلى التنافس وترك سبيل المؤمنين الذي يحث على عدم التنافس "كمثال" وهناك الكثير من الأمثلة التي لم أستطع التوفيق بينها وبين سبيل المؤمنين.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يوفقنا جميعًا لاتباع سبيل المؤمنين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن سبيل المؤمنين بيّن واضح في كلام الله تعالى وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو عبارة عن مجموعة من القواعد العامة التي وضعها الشرع للتحاكم إليها والالتزام بها، وقضية التواصل أو التنمية البشرية أو الأمثلة التي وردت في رسالتك، هذه (حقيقة) يُحكم عليها من خلال القواعد العامة، فإذا كان التعارف قائمًا على الصدق وعدم الكذب، وقائمًا على تحقيق أهداف معينة، ليس من بينها تضييع الأوقات فيما لا ينفع، أو قامت علاقات تتعارض مع الشرع، فإن الإسلام يدعو إلى التواصل، ويدعو إلى التعارف، لأن الله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا} فالتعارف لا يتعارض أبدًا بحال مع الإسلام، حتى وإن كان التعارف ما بين مسلم وغير مسلم، فأنت يجوز لك أن تتعرف على غير المسلمين بقصد دعوتهم إلى الله تعالى، أو إزالة ما لديهم من شبه، أو محاولة الرد على الشبه التي يُوردونها على الإسلام بأي صورة من صوره.

إذن التواصل – هذا الذي تتكلم عنه – لا يتعارض مع الشرع إذا كان يلتزم بالقواعد العامة، كقاعدة الصدق، بمعنى عدم إعطاء معلومات كاذبة، والأمر الثاني ألا يكون القصد تضييع الأوقات، أو أن تكون هناك علاقات (مثلا) بين الرجال والنساء، لأن هذا – كما تعلم – له قيوده المعروفة في شؤون الأسرة المسلمة، والإسلام يمنع منعًا كليًا إقامة علاقة ما بين رجل وامرأة ليس بينهما رابط شرعي.

ومن هنا فإني أقول: إن التواصل أمر يحث عليه الإسلام، وهو لا يتعارض مع سبيل المؤمنين ما دام يلتزم بهذه القواعد العامة الموجودة، وبالعكس كلما كنت أكثر حرصًا على التواصل وأقدر على ذلك وعلى كسب أصدقاء جُدد فهذا يقوي (حقيقة) عُروة الإسلام، لأننا بهذا التعارف سيقوى بيننا التواصل، وستتوثق بيننا المحبة والمودة، ونستطيع من خلال ذلك أن نقيم شريعة إسلامية رائعة.

إذن قضية التواصل التي ذكرتها - أخي الكريم أحمد – لا يوجد هناك (حقيقة) تعارض أبدًا بينها وبين الإسلام ما دامت ملتزمة بالقواعد العامة، وهي من سبيل المؤمنين، وأنت تعلم أن هناك نصوصًا كثيرة تحث على التآخي وعلى التعاون وعلى التآزر، ويكفي أن هذا من حق المسلم على المسلم.

وأما بالنسبة لغير المسلم فأنا أقول: إن التواصل معه بنية دعوته أو رد الشبهات التي تثار في نفسه ضد الإسلام، أعتقد أن هذا نوع من التواصل الرائع الذي كان عليه سلفنا الصالح عليهم رحمة الله تبارك وتعالى، والذي ينبغي أن نكون نحن عليه، لأننا أمة دعوة – كما تعلم – وواجب علينا أن نبيّن للناس ما أكرمنا الله تبارك وتعالى به من هذا الدين العظيم، ولن يتم ذلك في ظل القطيعة أو التناحر أو التنافر، وإنما الجو القائم على التفاهم والحوار هو أعظم جو (حقيقة) لنشر الحق وشيوعه بين الناس، وهذا كان هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم – في الدعوة خاصة في المرحلة المكية، كما قال الله تبارك وتعالى: {كفوا أيدكم وأقيموا الصلاة} وبعد ذلك أيضًا كان أمر الله تعالى: {قاتلوا الذين يقاتلونكم} فإذن نحن لا نقاتل أحدًا لنجبره على الدخول في الدين، وإنما عندما حملنا السلاح وخرجنا إلى العالم كان الهدف (حقيقة) إنما هو القضاء على الظالمين المجرمين الذين صدُّوا عن سبيل الله تعالى وحرموا الإنسانية من أن تمارس حقها في عبادة ربها الذي خلقها وأنعم عليها بتلك النعم التي لا تعد ولا تحصى، وإلا فنحن نلتزم قول الله تبارك وتعالى: {لا إكراه في الدين} ولا يجوز لنا بحال أن نكره أحدًا على الدخول في الدين بأي وسيلة من وسائل الإكراه، لأن هذا الدين ليس ملكًا لنا، وإنما هذا الدين هو دين الله تعالى، والذي بيّن لنا السبيل للدعوة والإقناع الناس إنما هو الله جل جلاله.

فمرحبًا بالتواصل بصرف النظر عن أنواع الشخصية التي تتعامل معها سواء كانت ساقطة أو مغرورة أو متكبرة أو سواء كانت انطوائية أو غير ذلك، فنحن (حقيقة) حملة مشاعل هداية، مطلوب منا أن نبلغ دين الله لجميع الخلائق ولكل بني آدم في مشارق الأرض ومغاربها.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أبوعبدالله

    الله اكبر زادك الله نورا وعلما يا شيخ موافي كلام جميل ومرتب ويفيض بالعلم والحكمة
    ... لا فض فوك وبارك الله فيك وفي بقية الاستشاريين والعاملين في هذا الموقع الرااائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى
    ... هذا الموقع افاد واجاد ونصح ووضح وبين اشياء كثيرة وحل إشكالات كثيرة فرحم الله القائمين على هذا الموقع الإسلامي المتميز اسمروا بارك الله فيكم و أضاء طريقكم بالعلم والعمل والصبر ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً