الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رهبة وارتعاش عند التحدث مع الناس، ما العلاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب بالجامعة، عمري 21 سنة، أعاني من الخوف المبالغ فيه عند تقديم عمل أمام زملائي في الفصل، رغم أني متفوق.

إن شخصيتي ليست مهزوزة بل هي مرحة، ومشكلة الخوف تكون فقط عند تقديم عمل أمام جمع من الناس، أما باقي جوانب حياتي فهي عادية، لا خوف فيها ولي علاقات جيدة، وأصلي بالناس أحياناً.

مع العلم أني أخاف من رعشة اليد التي تفضحني بعد كل محاولة أكثر من خوفي من الناس.

الرجاء من فضيلتكم تقييم حالتي، بأن ترشدوني إلى الدواء الذي يخلصني من رعشة اليد، ومن الرهاب، ثم هل مفعول الأدوية يظهر في الأسبوع الأول؟ وما هي الخطوات النفسية التي يجب أن أقوم بها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

درجة الخوف الاجتماعي أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه هو - إن شاء الله تعالى – بسيط جدًّا، وعابر، وظرفي، أي أنه يحدث في موقف معين، ومن أهم الخطوات النفسية التي ننصح بها هو أن تحقر هذا الخوف، وألا تهتم به، وأن تُدرك تمامًا أنك لست مراقبًا من قبل الآخرين، وأن أداءك أفضل مما تتصور.

هذه ركائز وحقائق مهمة جدًّا، إذا تأملت فيها وتدبرتها وأخذت بها مقتنعًا - إن شاء الله تعالى – هذا يغيّرك فكريًا من حيث المفاهيم الخاطئة حول درجة الخوف التي تعاني منه.

الأمر الثاني هو: أن تعتمد على العلاج السلوكي الذي يعرف بالتعريض أو التعرض مع منع تجنب الاستجابة، أي أنك تعرض نفسك ولكنك لا تهرب من الموقف، والتعريض يفضل أن يكون في الخيال، وكذلك في الواقع بالطبع، التعريض في الخيال يكون من خلال: أن يضع الإنسان صورة ذهنية تمثيلية درامية – كما تُسمى – يتخيل فيها أنه أمام موقف يتطلب مواجهة الناس، مثلاً طُلب منك أن تُقدم موضوعًا معينًا أمام جمع كبير من الأساتذة والطلاب.

مثل هذا الموقف يجب أن تعيشه بكل تفاصيله، لا تقفز فقط وتتصور اللحظة التي سوف تقدم فيها العرض، لا، ابدأ من الإعداد لهذا العرض، الإعداد على مستوى المادة العلمية المطلوبة، الإعداد على مستوى ملبسك ومظهرك أمام الناس (وهكذا) وبعد ذلك ابدأ بالفعل في تقديم هذا الموضوع وأنت تتصور أنك أمام هذا الجمع من الناس، هذه التمارين مفيدة جدًّا إذا ثابر الإنسان عليها واستمر عليها، وعليك أن تغير محتوى الموضوع، مثلاً بعد أن انتهيت من هذا العرض طلب منك الناس أن تصلي بهم كمكافأة لك لأن أداءك كان أداء ممتازًا أمامهم، وفي نفس الوقت أنت رجل معروف بحسن السيرة.

عليك أخِي الكريم بالتطبيق، التطبيق مهم جدًّا، هنالك مهارات اجتماعية تطبيقية مهمة، حين تتكلم مع الناس انظر إليهم في وجوههم، تبسمك في وجوه إخوتك دائمًا هو صدقة، كن أنت الذي تأخذ بالمبادرات في الأقوال والأفعال أمام الآخرين، هذا أيضًا يمثل دفع نفسي كبير جدًّا.

يا أخِي الكريم: هنالك تصور إنساني لا بد ألا تنساه، وهو: أنت لست أقل من الآخرين، والبشر مهما كان مقامهم عال هم بشر في نهاية الأمر، يأكلون ويشربون، وينامون ويتغوطون ويمرضون ويموتون، فالبشر هم البشر، لابد أن تكون مفاهيمك على هذا السياق، وكل الذي مطلوب منا هو أن نحترم بعضنا البعض، لا أن نخاف من بعضنا البعض.

موضوع أن شخصيتك مهزوزة: هذا ليس صحيحًا، هذا شعور خاطئ يجب ألا تعيره اهتمامًا، بل يجب أن تلفظه وأن ترفضه تمامًا.

بالنسبة للعلاجات والخطوات النفسية الأخرى: هي أن تمارس الرياضة مع مجموعة من أصدقائك، أن تحضر حلقات التلاوة، وأن يكون لك حضور كما ذكرت لك في الأنشطة الاجتماعية والثقافية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: هنالك أدوية ممتازة جدًّا، مفيدة جدًّا، منها أدوية تثبط الرعشة من خلال التحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي، ومنها عقار يعرف تجاريًا باسم (إندرال) ويسمى علميًا باسم (بروبرالانول) الجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم تجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بعض الناس يتناول هذا الدواء بجرعة عشرين مليجرامًا كجرعة واحدة قبل الفعل أو التفاعل الاجتماعي الذي سوف يكون عرضة له، لكن مبدأ تناوله بصورة مستمرة لمدة شهرين قد يكون هو الأفضل.

أيضًا سيكون من الجميل جدًّا أن تتناول أحد الأدوية المضادة للرهاب لفترة ثلاثة أشهر فقط، وعقار (زيروكسات) والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) سيكون دواءً جيدًا، الجرعة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا – استمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية بسيطة وفاعلة وجيدة جدًّا، وغير إدمانية، ولابد - أخي الكريم الفاضل – أن تطبق الإرشادات السلوكية التي ذكرتها لك، والتي أود أن أضيف أيضًا لها أهمية تمارين الاسترخاء، مهمة جدًّا لإجهاض قلق المخاوف أيًّا كان نوعه، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها، وتأخذ بالتوجيهات والتعليمات النفسية الواردة بها، وانظر كذلك العلاج السلوكي لقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).

أسأل الله أن ينفعك بها، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً