الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوقف عن ربط موضوع الزواج بالاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم

أنا معلمة جديدة، بدأت منذ سنتين، وأحب مهنتي جداً، وأستمتع بممارستها، منذ سنتين تمت خطبتي من شخص لم أرتح له ولم أتقبله، لكن أقاربي ووالدي أقنعوني بأن ما أشعر به مجرد قلق من الحياة الجديدة، قارب الموضوع على التمام لكن حالتي تدهورت جداً، وأصبحت لا أنام ولا آكل ولا أتحرك من مكاني، وأشعر بآلام مبرحة في أنحاء جسمي، أخذني والدي لطبيب نفسي وشخص حالتي بأنها اكتئاب متوسط، بدأت بتناول الأدوية بشكل منتظم، وتحسنت حالتي وعدت لممارسة حياتي الطبيعية، ولم يتم موضوع الزواج.

بعد سنه تقريباً عادت نوبة الاكتئاب للمرة الثانية للسبب الأول نفسه، حيث ربطت نوبات الاكتئاب المؤلمة بموضوع الزواج، عدت للطبيب نفسه، واستخدمت الأدوية نفسها ولفترة أطول، -والحمد لله- تحسنت الحالة وشعرت بذهاب كل الألم بعيداً، بعد سنة هأنا الآن أعاني من نوبة جديدة، وأشعر بالخوف كوني أريد التمسك بخطيبي هذه المرة، ولا أريد من حالتي أن تقف بيني وبينه، أخاف من ردة فعله تجاه المرض، ونظرة أهله نحوي، وأخاف الذهاب إلى الطبيب مرة أخرى، لقد أتعبت أهلي ونفسي، ولا أريد تكرار التجربة للمرة الثالثة، مع العلم أني كنت أتناول "فلوزاك" طوال فترة علاجي، وازداد وزني قليلاً.

أرجو منكم مشكورين تنويري بما عليّ فعله تجاه وضعي، وكيف أتوقف عن ربط موضوع الزواج بالاكتئاب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
أنت تم تشخيص حالتك بأنها اكتئاب نفسي متوسط، وقمت بمعالجة هذه الحالة مرتين وكانت الاستجابة للعلاج رائعة جداً، هذا دليل على أنه بالفعل يوجد لديك اكتئاب، ومادامت الاستجابة كانت جيدة للأدوية هذا دليل على وجود العامل البيولوجي كمسبب لهذا الاكتئاب، ويظهر أنه لديك الاستعداد للإصابة بهذه الحالة النفسية التي لا نعتبرها خطيرة.

أما موضوع الخطيب والزواج ربما يكون أمراً ثانوياً، لا أقول يجب أن لا نعتبره كعامل، ولكن لا أعتقد أنه عامل أساسي ،أعتقد أن استعدادك وقابليتك وحساسيتك هي التي قد تكون دفعتك نحو هذا المزاج الاكتئابي، وأعتقد أنه من المهم والضروري جداً أن تعدلي نفسك فكرياً ومعرفياً، وهذا هو المهم، كثير من حالات الاكتئاب لا تظهر كعسر مزاجي أو كدر إنما تظهر في شكل خلل معرفي سلبي، الإنسان ينسى كل الجماليات التي عنده، ويبدأ في التقاط السلبيات والتركيز عليها وتضخميها وتعظيمها حتى وإن كانت صغيرة، وهذه علة أساسية، وهذا النوع من التفكير المعرفي يؤدي قطعاً إلى اكتئاب نفسي.

فيا -أيتها الفاضلة الكريمة- أرجو أن تنقلي نفسك نقلة إيجابية فيما يخص تفكيرك -والحمد لله- أنت الآن توظفت، والمهنة مهنة جميلة وأنت تستمتعين بها، وتقدم لك هذا الرجل وتمت الخطبة -وإن شاء الله تعالى- مقدمون على الزواج، لا تنظري إلى سلبياته إن وجدت بل انظري أيضاً إلى إيجابياته، وانظري إلى الزواج كمؤسسة عظيمة وممتازة، وأنه مستقر ورحمة وسكينة ومودة وطريق إلى الذرية وهكذا، ولا تنظري للزواج نظرة سلبية، فالزواج حدث كبير، وحدث جميل في حياة الزوجين خاصة المرأة من وجهة نظري، التغيير الفكري -إن شاء الله تعالى- سوف يفيدك، وأنا سعدت جداً حين عرفت منك أنك تودين التمسك بخطيبك ولا تريدين الفكاك عنه، ولا تريدين لهذه الحالة النفسية أن تؤثر عليك، هذا الشعور نفسه أعتقد أنه شعور جيد وإيجابي، وسوف يجعلك تتمسكين بهذا الزوج.

أريدك أن تتصوري حياتك الزوجية القادمة، تصوري الزواج، وتصوري الفرح، وتصوري اجتماع الأهل، تصوري أنك عشت مع زوجك حياة طيبة وكريمة، يجب أن تنقلي خيالك ليكون خيالاً عملياً واقعياً، هذا -إن شاء الله تعالى- يدفعك إلى نوع من التواؤم والتكيف الإيجابي مع فكرة الزواج، هذا هو الذي أنصح به، وفي ذات الوقت أرى أنه ليس هنالك ما يمنع أبداً أن تتناولي الفلوزاك مرة أخرى، والفلوكستين وهذا هو مسماه العلمي دواء بسيط، ودواء سهل التناول وليس له آثار جانبية، وقد ثبت حتى أنه سليم مع الحمل، خذي كبسولة واحدة من هذا الدواء يومياً حتى ولو تناولتيها لمدة ستة أشهر، أعتقد أنه ليس هنالك ما يمنع أن تأخذي هذه الخطوة، ولكن في ذات الوقت يجب أن تكوني إيجابية التفكير، وهذه الوسيلة السلوكية التي تمنع دائماً الانتكاسات المرضية، وتساعد على استمرارية التعافي وتأصيله وتثبيته -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله تعالى أن يجمع بينك وبين وزوجك على الخير والبركة، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً