الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إن احتاجوك مدحوك وإن لم يحتاجوك صغروك..كيف أتعامل معهم؟

السؤال

ماذا يفعل الإنسان مع من كان لديهم عمل فينادونك ويكبرونك ويمدحونك بألسنتهم، أما إن كانت هنالك وليمة فإنهم يصغرونك أمام الناس، ويتتبعون رائحة أخطائك، ليقللوا من قيمتك؟! وماذا تفعل بهذه الغصة في النفس؟ وماذا إن كان هؤلاءالناس الوالدين أو الجدين؟

ماذا تفعل مع أخ إن عزمته أتى ونفخ ريشه، وإن كان هناك عمل يدوي للعائلة لا يجبر ولا يساعد فيه، ولكنه إذا مر علينا يقول: إنه يوجد في عملنا خطأ، أو إن هذا لو كان بهذه الطريقة لكان أفضل، ثم يذهب ولا يساعد إخوته؟! كيف نضعه في منزلته؟ وأبونا يرضيه أكثر منا مما يزيدنا هماً؟ ما الحل؟

نسأل الله أن يغفر لنا ولكم، آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ivvhu حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -أيها الابن الكريم- نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأرجو أن تعلم – يا ابني الكريم – أن الإنسان الموجود في جماعة لا بد أن يدفع ثمنًا، فالجماعة فيها بركات وفيها خيرات، ولكن لا بد أن يجد الإنسان بعض المضايقات، وبعض المواقف التي لا تُعجب الإنسان، وقد يحتاج الإنسان إلى مُداراة أمثال هؤلاء، خاصة عندما يكونون آباءً أو أمهات، أو أكبر من الإنسان سِنًّا.

المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يُخالط ولا يصبر.

الظاهر من هذا الكلام أنهم يعرفون قدرك، ويعرفون قدرتك على العمل والإنجاز، وهذا بكل أسف طبيعة عند كثير من البشر، إذا احتاجوا للإنسان مالوا إليه وعظموه، وإذا لم يحتاجوا إليه بدأوا يتكلمون عنه، ولكن العاقل لا يضره كلام الناس طالما هو عارف بحقيقة نفسه.

أنت أعرف بنفسك من الناس، والله أعلم بك منك، ولذلك أصلح ما بينك وبين الله، ولا تبال بما يقوله الناس، واجتهد في أن تُداريهم وفي أن تَعيش معهم، وألا تحمل الأمور فوق طاقتها، وألا تُعطي مثل هذه الكلمات فوق حجمها، لأن هذا مما اعتاده الناس.

إذا ثبت لهؤلاء أنك على حكمة، وأن عندك صبراً؛ فإن كل هذه الأزمات وكل هذه المشاكل تتلاشى؛ لأن الإنسان إذا صبر كانت العاقبة للصابرين، وكذلك مسألة الحِلم والعفو عنهم والصفح، خاصة عندما يكونون أرحامًا، فإن صلة الأرحام لا تدوم إلا بالصبر على المرارات ونسيان الجراحات.

لو أن الإنسان أراد أن يقف مع كل من يُغضب وكل من يتكلم، وكل من يتصرف تصرفًا غير صحيح لَخَسر الناس أجمعين، ولكنه يجتهد في النصح، في أن يكون مثاليًا في نفسه، يُنزل الناس منازلهم، إذا سمع خيرًا رحّب به، وإذا سمع غير ذلك حاول أن يسكت ثم يحاول أن ينصح، إذا كان الوضع مناسبًا وكان هذا المنصوح يمكن أن يقبل النصيحة، ويشترط عند ذلك ألا يكون ذلك أمام الناس، بل يكون على انفراد.

كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
تعمدني النصيحة في انفراد * وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع *من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيتَ أمري* فلا تجزع إذا لم تلق طاعة

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونوصيك بتقوى الله، ونوصيك بالصبر، ونوصيك بإعطاء هذه الأمور حجمها، ونوصيك بعدم رد السيئة بمثلها، ولكن عليك أن تعفو وتصفح.

كن دائمًا عبد الله المظلوم ولا تكن عبد الله الظالم، واحفظ لسانك عن الناس وإن تكلموا في عرضك، فهذه حسنات تأتيك، وهذه سيئات تروح عنك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً