الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت أقرأ عن الأمراض العقلية .. فأصبت بخوف شديد، ما سبب ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 21 سنة، ومشكلتي هي الخوف من الأمراض، وهذه الحالة بدأت معي مع بداية العام الحالي إلى هذا اليوم.

بدأت أخاف منها بشكل مخيف، والتفكير بها يزعجني جدًا، وقد قرأت عن طريق الصدفة في هذا الموقع القيم - الذي أسأل الله أن يجزيكم عليه كل خير، وأن يزيدكم علمًا، اللهم آمين -.

المهم قرأت عن مرض الفصام، والأمراض العقلية والنفسية بشكل عام، وأمراض أخرى عديدة، وفي تلك الليلة عندما ذهبت للنوم أصابتني نوبة خوف شديدة، انتفض جسمي منها، وبدأت قدماي ترتجفان جدًا، ولم أنم أبدًا، وأصبحت أفكر بها كثيرًا، وأخاف منها لدرجة كبيرة، ومع مرور الأيام ومن شدة الخوف منها أشعر أني أرغب بالقيء بشكل مُلح، وكأن شيئًا ما عالق في حلقي، وهذا يخيفني أكثر, وأصبح نومي مضطربًا جدًا جدًا، وتأتيني أحلام غريبة ومخيفة جدًا، ومزاجي غير منتظم بتاتًا.

قرأت عن شخص يَكفُر بداخله - أسأل الله له الشفاء العاجل - وبدأت أشعر بهذه الوساوس الحقيرة -اعذروني على هذا اللفظ - ولكن هي بالفعل حقيرة، ودائمًا أحاول أن أتجاهلها، لكني أشعر أنها تأتيني بين الحين والآخر، أنا أعترف بتقصيري تجاه فرائض الله، لكني أحب الله - تبارك اسمه، وتعالى شأنه - ولا أستطيع تحمل تلك الوساوس، وأحيانًا أشعر بأني لست أنا، وأن يداي ليست يداي، وأن العالم أصبح شكله غريبًا، مع أني متأكد أنها كلها أوهام وأفكار حقيرة، ولم أعد أستمتع بالأشياء التي كنت مهتماً بها - كوني مصمم جرافيك - لم أعد أنتج أفكارًا وأطبقها على بعض البرامج، ولم أعد أستمتع كالسابق، تشتت ذهني، وفقدت تركيزي تمامًا، وأشعر أني تغيرت تمامًا عن سابق عهدي، مع أني شخص كنت فيما مضى أقوى من أن تسيطر علي مثل هذه الأفكار والوساوس، كنت شخصًا متفائلًا جدًا، أحب التفكير بإيجابية وأحمدُ الله أني لا زلت اجتماعيًا، وهذا يعطيني دافعًا كبيرًا لأتجاهل هذه الأفكار الغريبة، والطاقات السلبية، لكنها تأتيني بين الحين والآخر، والتفكير بالأمراض، والشعور بالوساوس مؤلم جدًا جدًا.

كل ما أتمناه: أن أعود كالسابق، شخصًا متفائلًا طموحًا، صاحب إرادة قوية، وثقة عالية بالنفس.
فما هو تشخيص هذه الحالة؟ وهل أنا بحاجة إلى علاج؟ وهل يناسبني (الزولفت) كونه علاج الوساوس، وحالات الاكتئاب والقلق والمخاوف، وكيف يمكنني الحصول عليه في حالة عدم توفر وصفة من الطبيب؟

أرجوكم أفيدوني - أفادكم الله - وأتمنى أن لا تكون حالتي مستعصية، وآسف جدًا على الإطالة.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشكرك على وصفك الواضح والطيب لحالتك، وأنت بدأت وأفدتنا أنه في الأصل لديك مخاوف من الأمراض، والخوف قد يكون من الأمراض العضوية، وفي السنوات الأخيرة أيضًا أصبحنا نشاهد الكثير من حالات الخوف من الإصابة بالأمراض النفسية.

أيها الفاضل الكريم: المخاوف في أصلها نوع من القلق، والذي يظهر لي أنه لديك استعداد لهذه المخاوف القلقية، وحوالي 60% من حالات المخاوف والقلق تكون مصحوبة بوساوس، وأحيانًا تكون الوسوسة مُلحة ومسيطرة جدًّا، فالأفكار التي أتتك هي أفكار وسواسية ولا شك في ذلك، ويُعرف أن القلق والمخاوف والوساوس تؤدي إلى ضعف التركيز وإلى عسر المزاج، وتؤدي أيضًا إلى ما نسميه باضطراب الأنّية، والذي وصفته بوصف جميل جدًّا حين قلت أنك - تشعر كأن لست أنت - هذا وصف جميل حقيقة.

فيا أخِي الفاضل: أرجو أن تطمئن، ومجمل القول أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، وهذا بالطبع يتطلب تناول علاج دوائي، إن كان بالإمكان أن تذهب إلى الطبيب فهذا جيد - وأقصد بذلك الطبيب النفسي – سوف تجد منه الإرشاد والتوجيه، وكذلك تناول العلاج، وإن لم تستطع فأقول لك: الوساوس تعالج من خلال: أن يحقّرها الإنسان، وألا يناقشها مع نفسه، بل لا يحاورها حتى لا يدخل في تفاصيلها وتشعباتها، مما يجعلها أكثر انتشارًا واستحواذًا وإطباقًا، ويجب أن يصرف الإنسان انتباهه من مخاوفه وقلقه وتوتراته، وذلك من خلال: حسن إدارة الوقت، وعدم ترك أي مجال للفراغ الذهني أو الفراغ الزمني، وقد وجد أيضًا أن التواصل الاجتماعي الراشد – وكذلك ممارسة الرياضة – هذا فيه خير كبير جدًّا للإنسان، والتطوير المهني، أو السعي نحو التفوق الدراسي، كلها إضافات إيجابية جدًّا، ترفع من كفاءة الإنسان النفسية، وتزيل مخاوفه ووساوسه.

حالتك تستجيب للأدوية المضادة للوساوس والمخاوف والقلق، وكما تفضلت وذكرت فإن (الزولفت) هو أحدها، وكذلك (الزيروكسات) يعتبر دواءً جيدًا، وكذلك (الفافرين)، وحتى (البروزاك) وهنالك الآن إشارات بأنه يفيد في مثل هذه الحالات.

جرعة (الزولفت) المطلوبة في حالتك هي: أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجرامًا، تستمر عليها لمدة شهر، ثم تجعل الجرعة مائة مليجرام ليلاً، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة، أو بمعدل خمسين مليجرامًا صباحًا وأخرى مساءً، وهذه الجرعة العلاجية تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرين يومًا، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بالنسبة للحصول على الدواء: في بعض البلدان كـ(الوزلفت) – والأدوية المشابهة – لا تحتاج لوصفة طبية، لكن في بعض البلدان تُطلب الوصفة الطبية، وإن كان هذا هو الحال في الأردن، فهذا يعني أن تذهب إلى طبيب نفسي، لكن يجب أن تترك للطبيب الاختيار لأحد الأدوية - أو يمكنك أن تذهب لأي طبيب عمومي، أو طبيب أسرة، أو طبيب باطني أو طبيب تعرفه - وسوف يصرف لك هذا الدواء، حيث إن هذا الدواء دواء بسيط جدًّا، وسليم جدًّا، وأنا أؤكد لك أن حالتك على العموم هي حالة بسيطة وغير مستعصية، لكنها قطعًا تتطلب العلاج، ونعرف تمامًا ومن خلال الثوابت العلمية أن التعجيل والتبكير بالعلاج والالتزام به دائمًا يقود الإنسان - إن شاء الله تعالى – إلى التعافي المبكر.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً