الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف ورهاب يصاحبه استفراغ قبل المواجهات!

السؤال

حالتي النفسية التي أعاني منها هي منذ عام 1416هـ كنت أخاف جدا، وأقلق من حضور مناسبات أو عزائم، أو حضور أي وليمة أو مناسبة، حتى الإفطار في رمضان كنت قبله أقلق وأحمل همه، وأستفرع حتى لو كانت معدتي فارغة لكي أرتاح، ثم أذهب إلى المناسبة حتى لو كانت مناسبات مصغرة، وكذلك عند مقابلة مسؤؤل بحكم عملي، ويصاحب هذا قلق وضربات القلب سريعة، وعدم الأكل والاستفراغ، وفي بعض الأحيان أجلس على المائدة، ويحصل أني أريد أن أستفرغ وأنا على المائدة، مما يسبب لي غصة، وأحاول أن أغطي على فمي لكي لا أستفرغ.

وفي الغالب أني قبل بداية الأكل أذهب إلى الحمام لكي أستفرغ وأرتاح، وهي أكبر مشكلة كانت تؤرقني، وهي عملية الاستفراغ والذهاب إلى الحمام حتى لو لم آكل شيئا، يعني بعض الأحيان لا تخرج إلا عصارة المعدة -أكرمكم الله-، بمعنى أن ما يؤرقني ويتعبني هو الاستفراغ المصاحب لي قبل الذهاب لمقابلة مسؤولي في العمل، وكذلك الخوف الذي يصاحبه ارتباك وتعرق.

قبل أسبوع كنت أريد أن أذهب بنفسي إلى مديري، ولكن قبل أن أذهب ذهبت إلى الحمام لكي أستفرغ وأرتاح, وكذلك عندما أفطر أو أتعشى عندما أقلق أو أخاف من المقابلة أستفرغ وأذهب إلى الحمام.

وللعلم: إذا كنت أعلم أنه يوجد لدي مقابلة لشخص مسؤول، أو مقابلة شخصية مهمة للوظيفة؛ فإن أول عمل أقوم به هو عدم الأكل، وأساسا لا توجد شهية، وثانياً أستفرغ قبل المواجهة.

ملاحظة: إذا حضرت أكون نوعا ما فعالا في المناسبات، ولكن كل القلق والخوف والاستفراغ قبل المواجهة فقط، أما في حالة حضوري، فأكون إيجابياً، ولكن -الحمد لله- ذهبت إلى الدكتور، ووصف لي لوسترال، وتحسنت الحالة، وأصبحت أحضر مناسبات الزواج فقط، والآن أنا متوقف عن العلاج منذ أكثر من سنة.

أما باقي الحالات كالمقابلة الشخصية، أو مقابلة مسؤول، أو شخص يعزمني، أو أن أقوم أنا بالاتصال بشخص ما، أو زميل قديم في مدينة أخرى أكون مسافراً لها بحكم العمل أتردد وأخاف، مما سبب لي عدم التواصل مع الزملاء مع أني أحب التواصل.

أرجو إفادتي في استخدام حبوب السيبراكس مع حبوب مؤقتة قبل المواجهة، وجزاكم الله خيراً، ومتى يستخدم في الليل أو النهار، وما هي الجرعات؟

والله يحفظكم ويراعكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقبل أن نتحدث عن الحبوب أو العلاج الدوائي أقول لك: هذا الخوف الظرفي الاجتماعي وما يعقبه من تسارع في ضربات القلب، والاستفراغ، أو الشعور بالغثيان والغصة، هذا هو المكون العضوي أو الجسدي أو الفسيولوجي للخوف أو القلق الاجتماعي، وانحصر قلقك في عرض نفسي جسدي يتعلق بالجهاز الهضمي، وأصبح الأمر نمطًا وسواسيًا، وهذه الحالات تعالج من خلال تحقير الفكرة ذاتها – هذا مهم جدًّا – وألا تصر على الربط ما بين الاستفراغ والمواجهات الاجتماعية، وما حدث في الماضي ليس من الضروري أن يحدث في المستقبل.

تعامل مع الأمر على هذا السياق، وعليك أن تُكثر من المواجهات الاجتماعية، ضع برنامجًا يوميًا تواجه فيه مواجهات اجتماعية، على الأقل تكون هنالك خمسة أنشطة في اليوم، حتى وإن كانت هذه الأنشطة أنشطة بسيطة.

مثلاً النشاط الأول: هو أن تذهب إلى مناسبة ما.

الثاني: أن تذهب وتزور مريضًا في مستشفى، وتحادثه، وتواسيه، خاصة إذا كان معه زوّار آخرون، سوف تكون فرصة طيبة لأن تُبرز نفسك في هذا الموقف الاجتماعي.

الثالث: بالطبع يجب أن تكون حريصًا على صلواتك في المسجد، لكني أريدك أن تصلي على الأقل أحد الفروض خلف الإمام تمامًا وفي مسجد كبير، وضع في تفكيرك أنك سوف تنيب عن الإمام إذا طرأ له طارئ.
الرابع: أن تذهب مثلاً إلى السوق، وتتجول في أحد المتاجر، وتسأل البائع هنا وهناك أمام بقية الزبائن، وهكذا.

الخامس: ممارسة رياضة جماعية -مثلاً- مع بعض الأصدقاء ككرة القدم مثلاً.

أخِي الكريم: التعريض النفسي مهم جدًّا، والتعريض النفسي يُقلص تمامًا المخاوف، وهذا يسمى بالتحصين التدريجي، مع ضرورة تجاهل أمر الغثيان أو الاستفراغ، وإن حدث فيما مضى ليس من الضروري أن يحدث الآن.

وأوقف نفسك تمامًا عن موضوع الذهاب إلى الحمام، بل أنصحك أن تحاول أن تتناول أطعمة في بعض الأحيان في مكان لا يوجد فيه حمام؛ لأن وجوده وسيلة للاستجابة للمخاوف، أنت تعرف أن الحمام حولك موجود أو في المكان الذي أنت فيه، هذا من الناحية السيكولوجية والنفسية يُعضد ويوطد ويقوي الفعل السلوكي السلبي، فحاول أن تستطعم في مكان تعرف أنه لا يمكن أن تجد فيه حماما (مثلاً) وهكذا.

أيها الفاضل الكريم: تمارين الاسترخاء مهمة جدًّا لك، هذه التمارين بكل أسف الكثير من الناس لا يعطيها الاعتبار الضروري، لكن الأبحاث تشير إلى فائدتها المطلقة في إزالة هذه المخاوف بجميع أنواعها؛ لأن المخاوف أصلاً المكوّن القلقي فيها كبير جدًّا، وأرجو أن ترجع استشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) وستجد فيها - إن شاء الله تعالى – ما يفيدك، وإذا داومت على تطبيقها فهذا جيد.

يجب أن تلجأ إلى اللقاءات الاجتماعية، والتفاعلات الاجتماعية الجماعية، وحضور حلقات تلاوة القرآن، وممارسة الرياضة –كما قلنا الجماعية- وحضور مناسبات الناس والإصرار عليها كما ذكرنا ذلك، والانخراط في أي عمل خيري أو اجتماعي أو ثقافي؛ هذه كلها مهمة وضرورية جدًّا، ومنافعها كثيرة، وفي ذات الوقت تروض النفس على أن يتقبل المواجهات الاجتماعية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت لم تذكر عمرك، وأنا أقول لك: إذا كان عمرك عشرين عامًا أو أكثر فلا مانع من أن تتناول السبرالكس، والذي يُعرف علميًا باسم (استالوبرام) ابدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة كافية جدًّا بالنسبة لك، بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام –أي نصف حبة– يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما الدواء الآخر فهو الإندرال والذي يمكن أن تستعمله لفترة شهرين متواصلين أو عند اللزوم، وأعتقد أن استعماله المتواصل أفضل، والجرعة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً.

أوضحنا لك كل ما تريد، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق Nasr

    دكتور انا أعاني من نفس الحاله من عمر

  • أمريكا ام عيون عسلية

    شكرا كتييير لإني انا عم عاني من هالحالة كمان ورح حاول اني آخذ نصيحتك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً