الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من التأتأة والمخاوف التي تلاحقني في كل مكان؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في المرحلة الجامعية تخصص أدب أمريكي, عمري 25, في السنة الرابعة, والدي متوفى منذ أن كان عمري سنة تقريبا أو أقل, تربيت في ظروف اجتماعية في الصغر صعبة جدا.

أعاني من مشكلة التأتأه في الكلام, وأخاف من التحدث أمام الجمهور في الصف, أو في الجوال, أو في الشارع مع أي شخص, لكنها تقل أحيانا مع المقربين مني.

تصيبني رجفة وسرعة في دقات القلب, وأحيانا مغص وألم في البطن, وأحس أن تنفسي سريع, وغير قادر على بلع ريقي, حتى إنها أثرت علي دراسيا واجتماعيا, وإذا كنت لوحدي أتحدث إلى نفسي بشكل طبيعي.

أيضا أنا دائما سارح البال, أفكر تفكيرا سلبيا, مثلا إذا كنت ذاهبا إلى مسؤول أقول في نفسي إذا عمل معي كذا وكذا سأرد عليه بكذا وكذا, وأجلس أتحدث مع نفسي بالسلبيات.

أيضا تصيبني حالات حزن لا شعوريا, مثل أن أفكر أن فلانا مات, أو عند سماع أغنية حزينة تدمع عيني, أو في بعض حالات الفرح تدمع عيني, أو عند القراءة أو المذاكرة بصوت مرتفع تدمع عيني, وإذا أردت أن أذاكر لا أستطيع الحفظ بشكل جيد, وقد كنت في الماضي أحفظ ما أقرؤه بسرعة, أما الآن فأجد صعوبة, وتفكيري دائما سلبي, ولا أستطيع النوم جيدا, أو أذهب إلى الاختبارات وأنا مواصل لم أنم.

أيضا لا أحب التكلم إلى الآخرين كثيرا, أيضا في المناسبات لا أحب الحديث مع من هم أكبر مني, وإذا تحدثت مع أحد سواء في المناسبات أو مع الأصدقاء أو غيره؛ أفكر وأخاف أن أتأتئ في الكلام أمامهم.

مشكلة التأتأة بدأت معي منذ الطفولة, وخفت في إحدى الفترات من العمر, والآن رجعت بنسبة 70 في المئة تقريبا مع المشاكل التى ذكرتها.

ذهبت إلى أحد الأطباء النفسيين لكن بدون جدوى, أعطاني بعض الكتب, وقال لي اقرأ, وقرأت, لكن لم تذهب التأتأة, وقال أنت لا تعاني من شيء, ولا تفكر فيها, ثم ذهبت أيضا لمركز تدريب, وقال لي المدرب مستوى التأتأة لديك منخفض جدا, ومشكلتك بسيطة جدا.

المشكلة أني إذا ذهبت لطبيب وقال لي تحدث أو اقرأ لا تظهر التأتأة إلا بشكل بسيط, أو لا تظهر نهائيا, فأحس بعض الأحيان أن لساني ثقيل, أو أن شفتي ثقيلة ولا أقدر أن أنطق الكلمة, وأحيانا أحس أن الكلمة نفسها لا تريد الخروج من صدري, والهواء يمتلئ في الرئتين, وأراقب هذا الموضوع بشده أثناء الحديث مع أي شخص كان.

أيضا تصبني رجفة وخوف وتسارع في دقات القلب قبل الاختبارات, أو عند اقتراب وقت الاختبار, وأثناء الاختبار بشكل كبير, ودائما أحس أن اللعاب في فمي كثيرا, وأحتاج أن أبلع ريقي كل لحظة ويخرج مني صوت, حتى أوقات المحاضرات لا أركز مع الدكتور, بل بالعكس أركز مع الدكتور حتى لا يسألني سؤالا, أو يقول لي اقرأ.

عندي خجل من التحدث أمام الجمهور, أو من الحديث في موضوع عاطفي.. إلخ.

المشكلة الثانية: الغضب, أغضب أحيانا من أشياء تافهة, وتصيبني التأتأة بشكل كبير أثناء الغضب.

أتمنى أن تفيدوني.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالمشكلة التي تعاني منها واحدة، فأنت ذكرت أن مشكلتك التأتأة أمام الناس، والمشاعر النفسوجسدية التي تحدثت عنها وموضوع العصبية والغضب، وأن التأتأة كانت قد اختفت، لكنها رجعت لك الآن بنسبة تسعين بالمائة، كما أن تأثراتك الوجدانية الشديدة فرحًا أو حزنًا كانت هي جزء من عملية القلق التي تعاني منها.

من الواضح أنك تعاني من قلق، ومن الواضح أنك تعاني من افتقاد الاستقرار والتوازن الوجداني أو النفسي، وهذا أيضًا نتج من ظروفك الحالية (الدراسة – السنة النهائية) وأصبح تفكيرك على نمط وسواسي.

أيها الفاضل الكريم: ما دام الطبيب وكذلك أخصائي التخاطب أثبتوا لك وأوضحوا لك أنه ليس لديك مشكلة، هذا يعني أن مشكلتك هي مشكلة ظرفية وقتية مرتبطة بحالة القلق والتوتر الذي تعاني منه، وقلقك وتوترك أخذ ما نسميه بالطابع الاجتماعي, أي أصبح التفاعل النفسي يظهر لك في شكل أعراض بيولوجية عضوية عند المواجهات.

يجب أن تكون أكثر ثقة في نفسك –هذا هو خط العلاج الأول– والموضوع الثاني والمهم: أنا أعتقد أنك في حاجة لدواء مضاد للمخاوف, فإن تمكنت ورجعت إلى الطبيب وأوضحت له أنك بالفعل قد استطعت أن تقرأ أمامه بصورة جيدة لكن حين المواجهات مع الناس لا يكون هذا هو الوضع، وقد أفدناك بأنك تعاني مما يمكن أن نسميه بالرهبة الاجتماعية البسيطة.

إذا قام الطبيب بتفهم حالتك وإعطائك الدواء فهذا خير وحسن، وإن لم يحدث ذلك إن تمكنت من الحصول على دواء بسيط جدًّا يسمى (زيروكسات) واسمه العلمي (باروكستين) وأنت محتاج له بجرعة صغيرة، أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجراما –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا- تناولها بانتظام يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، تناولها ليلاً بعد الأكل، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة (عشرة مليجرام) لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أعتقد أن هذا الدواء سوف يفيدك كثيرًا، وسوف تحس بتحسن كبير يبدأ غالبًا بعد ثلاثة أسابيع من بداية الدواء، وحين يبدأ هذا التحسن لا بد أن تواصل المواجهات، ولا بد أن تأخذ المبادرات حين تكون موجودًا مع الآخرين، كما أن ممارسة الرياضة الجماعية سوف تفيدك، وكذلك أن تشارك الناس مناسباتهم، وأن تحضر حلقات القرآن، هذا كله سوف يفيدك كثيرًا.

أما عملية التقلب الوجداني والتعبير عن مشاعرك بشدة في مواقف لا تستحق ذلك، هو أيضًا مرتبط بقلق المخاوف التي تعاني منه، وحين يزيل هذا القلق وهذا الخوف وتكون لك القدرة على أخذ المبادرات والمواجهة، أعتقد أن التوازن الوجداني سوف يأتيك أيضًا، وبصفة عامة: لا بد أن تكون إيجابيًا –هذا مهم– أنت الحمد لله أنجزت الكثير فيما يخص دراستك، وأنت الآن على أعتاب التخرج، وهذه كلها أخبار مبشرة ومفرحة، لا بد أن تكون محفزة لك لأن تكون أكثر استقرارًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس yasmin

    واللهي حالتك مثل حالتي بالضبط ، التأتأة خفيفة و ليست معظم الأحيان و أصبحت لا أركز في الفصل خوفا من أن يقول لي الأستاذ اقرأ

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً