الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من اكتئاب شديد وأرق دائم أثروا على حياتي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:

أولاً: أريد أن أهنئكم على هذا الموقع الإلكتروني، راجياً من الله عز وجل أن يجزيكم خير الجزاء، وأن يبارك في جهودكم ويوفقكم لكل خير.

قد أصابني منذ قرابة عام ونصف اكتئاب شديد، وأرق دائم، وخوف من الموت، مما أثر على حياتي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ med حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكرك على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

الاكتئاب قد يكون مجرد شعور أو عرض، وهذا يأتي للناس جميعًا (حقيقة)، أن يحزن الإنسان في المواقف التي تتطلب الحزن، أن يأتيه شيء من عسر المزاج، أن يأتيه شيء من الكدر، هذا لا نعتبره مرضًا، إنما هي تغيرات وتحولات وجدانية ظرفية تتواجد في الطبيعة البشرية.

أما إذا كان هذا الحزن أو الكدر مستمرًا ومطبقًا، ويكون الحزن في أوقات من المفترض أن يكون فيها الإنسان في لحظات انشراح وصفاء، هنا يكون الاكتئاب مرضيًا، ومعظم المعايير التشخيصية العالمية تتفق على أن هذه الأعراض يجب أن تستمر لفترة تتجاوز الشهر (مثلاً)، وتكون هناك أعراض بيولوجية مثل: اضطراب النوم، وفقدان الشهية للطعام، وألا يكون الإنسان فعّالاً بصفة عامة، هنا قد يكون المجال أكثر اتساعًا لتشخيص الاكتئاب النفسي كمرض وليس كعرض.

أما بالنسبة لموضوع الخوف، فالخوف أيضًا قد يكون ظاهرة ظرفية وقتية، وقد يكون حالة مرضية مستمرة.

الخوف من الموت هو رأس المخاوف، لأن الموت فعلاً أمر مخيف، ولا شك في ذلك، لكن الإنسان المؤمن المسلم يتدبر هذا الأمر بحكمة ورويّة وقناعة ويوقن بحتمية الموت ويعمل لما بعد الموت، وهذا يكفي تمامًا.

أنا أُدرك أن الإخوة الذين يعبرون عن مخاوفهم من الموت مقتنعين بحقيقة الموت، ومخاوفهم هذه غالبًا تكون مخاوف مرضية، ليس خللاً أو ضعفًا في عقائدهم أو شيء من هذا القبيل، وهذا النوع من المخاوف قد يكون جزءًا من حالة مخاوف عامة أو وساوس أو اكتئاب.

والاكتئاب النفسي، وكذلك المخاوف، هنالك محددات علاجية مهمة لها:

أولاً: يجب أن تُعرف ظروف الإنسان وشخصيته، وعوامل الدفع الإيجابي لديه، والعوامل السلبية، ويجب أن تُصحح هذه بقدر المستطاع، وأن يتواءم الإنسان مع بيئته إيجابيًا، حتى وإن لم تكن متوفرة، لكن الإنسان يستطيع أن يتطبع ويوجه نفسه التوجيه الصحيح.

الفكر الإيجابي أيضًا مهم جدًّا، وهذا أيضًا من مكونات العلاج السلوكي للاكتئاب النفسي.

هنالك العلاج الوظائفي، هو العلاج بالعمل، الجدية، الفعالية، التواصل الاجتماعي، العلاج بالترفيه، النفس لها محابس، ولا بد نفتح هذه المحابس في بعض الأحيان لنزيل الاحتقانات، لذا ترفيه النفس وترويضها من خلال العبادة ومن خلال الترفيه الطيب الحلال، هذا مهم جدًّا في حياة الناس.

بعد ذلك يأتي العلاج الدوائي، وهنالك أدوية متميزة، الأدوية المضادة للاكتئاب كثيرة ومتنوعة، ونحاول دائمًا أن نصف الدواء المناسب حسب العمر والقدرة المالية – لا بد أن تراعى أيضًا – لأن بعض الأدوية مكلفة وبعضها معقول في سعرها، كما أن موضوع اضطرابات النوم مهم جدًّا، حيث إن بعض الأدوية المضادة للاكتئاب تحسن النوم، وبعضها لا يحسن النوم.

الذي أريد أن أقوله لك: أن الاكتئاب يمكن أن يعالج، وإن شاء الله تعالى تكون إيجابيًا في تفكيرك.

وإن كان اكتئابك اكتئابًا مرضيًا حقيقيًا، فأنا أفضل أن تقابل الطبيب النفسي، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فيمكن أن تتناول أحد الأدوية التي نعتبرها ممتازة بصفة عامة.

من الأدوية الجيدة والفاعلة:
العقار الذي يعرف باسم (سبرالكس) واسمه العلمي (إستالوبرام) وجرعته هي أن تبدأ بتناوله بجرعة 10 مليجرام، تتناولها يوميًا، وحتى نكون أكثر حيطة يمكن أن تبدأ بــ 5 مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام – تناولها يوميًا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها 20 مليجرام، واستمر عليها لمدة شهرين، ثم اجعلها 10 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 5 مليجرام لمدة شهر، ثم 5 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم 5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الطيبة، لكن توجد أدوية أخرى كثيرة، وكما ذكرت لك إن قابلت الطبيب النفسي -فإن شاء الله تعالى- سوف يضع لك الآليات العلاجية الدوائية التي تناسبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً