الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع صديقي حتى يبر أباه؟

السؤال

السلام عليكم.
بداية أشكركم على موقعكم الراقي والمميز، جزيتم الجنة.

عمري 18 سنة، لي صديق أحب الناس إلى قلبي، عمره 16 سنة، لديه مشكلة مع عائلته، لا يحب أباه، ويكرهه كرهاً شديداً! أبوه طيب، ولا يرفض لابنه طلباً مهما كان, ولكن لديه مشكلة أنه يغضب كثيراً، ولا يضربه إلا إذا تأزم الأمر كثيراً -في كل سنة مرة أو مرتين-.

صديقي شاب ملتزم، ومشارك في حلقات لحفظ القرآن، ومتفوق جداً في مدرسته، وفي كافة الأنشطة، ونصحته كثيراً واستخدمت معه كافة طرق وأساليب الإقناع، حتى إنني بعدما استنفذت كافة الطرق لجأت إلى الضرب غير المبرح، وقد أوجعته وبكى!

في آخر الجلسة راضيته، وتعهد بإرضاء والديه واقتنع تماماً بالفكرة، وشكرني كثيراً، ولكن للأسف، سألته بعد يومين عن الموضوع فرجع وازداد كرهاً لأبيه، وأقسم لي بأنه لن تصلح العلاقة مع أبيه، وسيظل يكرهه هكذا طيلة عمره، هل لديكم طريقة أو أسلوب أو أي شيء أفعله معه؟

أفيدوني أفادكم الله، وبوركتم جميعاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راشد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أيها الابن الكريم – ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونشكر لك الرغبة في نصح هذا الأخ وتوجيهه إلى ما يُرضي الله، خاصة وأنه من المتميزين، والمتميز ينبغي أن يحرص على التميز في كل الجوانب، ومن أهم الجوانب التي ينبغي أن يتميز فيها الإنسان البر والطاعة لوالديه، ولكننا نعتقد أننا فعلاً بحاجة إلى أن نستمع لهذا الشاب وخلفيته التربوية، وطريقة العيش في البيت، وعلاقة الوالد بأمهم، وعلاقته ببقية الأخوات، ونحن غالبًا ما نرجح أن يكون إما أن هناك ميزان العدل مختل في داخل البيت، فرغم أنه لا يقصر معه إلا أن هناك من يُقدَّم عليه، هذا قد يكون احتمالاً.

الاحتمال الثاني: أن يكون هذا الأب جيداً معه لكنه قاسي مع الوالدة، ربما يضربها أو يرفع صوته عليها، وهذا يجعل الأبناء يكرهون الأب، وينفرون منه، وقد تكون هناك احتمالات أخرى، ولكننا فعلاً بحاجة إلى أن نستمع إلى الأسباب الفعلية في هذا الكره لأبيه، لأن الأمر خطير.

الإنسان لا يجوز له أن يكره الوالد، بل الإسلام يدعونا إلى أن نُحسن للوالد ونبر الوالد، حتى وإن كان على غير ملتنا، حتى لو أمرنا بالمعصية فإنا لا نطيعه، لكن الله قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا} بعد أن قال: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} لم يقل: (خاصمهما)، لم يقل: (اكرههما) ولكن قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا واتبع سبيل من أناب إليَّ}.

بل لو كان الوالد على غير الإسلام فإنه يجب على الولد بر والديه ويحسن إليه، غير أنه لا يطيعه إذا أمر بمعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى.

نحن إذ نشكر لك هذه المحاولة، كما ننهاك عن ضربه وزجره، ولكن ندعوك إلى المحاورة معه، واجتهد في معرفة الأسباب الفعلية كما يراها هذا الشاب، فإن لم يُظهر لك ذلك فحاول أن تعرف الخلفية التفصيلية التي نشأ عليها، وضعه في البيت، ترتيبه بين أفراد الأسرة، علاقته ببقية الإخوان، هذا يساعدنا جدًّا في اكتشاف مواطن الخلل، ونتمنى أن يستمر منك النصح والتوجيه لهذا الابن الكريم الذي تميز في كل الجوانب، فما أحوجه إلى أن يتميز في طاعته لأبيه.

نسأل الله أن يلهمنا وإياكم الصواب والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً