الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تسيء معاملة أبي.. كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم

أنا الآن لا أزور أمي ولا أخواتي الصغار، ولا أختي المتزوجة؛ لسوء المعاملة التي يتعاملون بها مع أبي، فأمي دائماً تعير أبي بسوء حالته المادية، دائمة التكبر عليه، دائماً تسيء له، وكذلك أخواتي الصغار.

أختي المتزوجة تعامل زوجها بنفس الطريقة، وذلك بسبب نصائح أمي لها، كل ما تفعله أمي مع أبي تطلب من أختي أن تفعله مع زوجها، وأنا تعبت من كثرة النصائح، وأصبحت في الآخر عاصياً لأمي في نظر أخواتي، وهي تخبر أخواتي أن ما تفعله هو الصح.

ماذا أفعل؟ هل البقاء بعيداً أسلم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وننصحك بالاقتراب من الوالدة والأخوات واستمرار النصح لهم، وملاطفتهم، والإحسان إليهم، مع الإحسان للأب، فإننا نريد منك أن تُطيع الأم ولا تعصي الأب، أن تطيع الأب ولا تعصي الأم، كما قال مالِكٌ لمن سأله، وهذه الأم رغم أخطائها تظل أُمًّا، ولها حقوق، ولها عليك أشياء لا بد أن تؤديها تجاهها، وعليك أن تستمر في نصحها بلطف، وفي زيادة البر لها، والاحتفاء بها، والاهتمام بها.

لا تقصر في حق الوالد أيضًا، وحاول دائمًا أن تنقل بينهم المشاعر النبيلة، وكذلك الأمر بالنسبة لأختك، اجتهد في التواصل معها والنصح لها، وإكرام زوجها، والقيام بالواجب تجاهها، مع استمرارك أيضًا في النصح لها ولزوجها، وهؤلاء جميعًا من رحمك الذين تُسأل عنهم، لذلك نتمنى أن تتواصل معهم وتُبقي شعرة العلاقة، فإن المصلحة الكبرى في دوام الاستمرار في العلاقة ودوام النصح لهم، حتى يأتي اليوم الذي يقذف الله في قلوبهم الهداية، ونسأل الله أن ينفع بك، وأن يكثّر من أمثالك.

نحن حقيقة نشكر لك هذا الحرص، ولكن نرفض القطيعة، ونفرض معالجة الخطأ بخطأ مثله أو أكبر منه، وليس من الضروري أن تشتد وتنفعل، ولكن تنصح الوالدة بلطف، أما إخوانك فتخلو بهم وتقدم لهم النصيحة على انفراد.

كذلك الأخوات الصغيرات تُحسن إليهنَّ وتقترب منهنَّ، ثم تبيِّن لهنَّ عواقب السير في هذا الطريق، وعواقب الإساءة للأب، فإن الشريعة تأمرنا بالإحسان للوالد والإحسان للوالدة، حتى ولو كانوا على غير ملتنا، حتى وإن أمرونا بالكفر بالله، فإنا لا نطيعهم {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم} قال: {فلا تطعهما} لكن لم يقل: تشتد عليهم، وتشتمهم وتفارقهم وتهجرهم، بل قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

ينبغي أن تكون هذه المسألة بالنسبة لك واضحة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يكثر من أمثالك، ونكرر دعوتنا لك بالعودة إلى الوالدة والأخوات، وملاطفتهم، واعلم أن وجودك إلى جوارهم سيخفف الشر، سيخفف العداء، وعلى الأقل سيكون هناك صوت للحق يصيح ويرتفع إلى جوار صوت الباطل، وسيكون في ذلك نفع لإخوانك ونفع لأخواتك الصغار.

ستعمل الوالدة أيضًا بعض الحساب لهذه الأمور إذا علمت أنك لا ترضى، مع أنك محسنٌ وبارٌّ ومطيعٌ، وإذا نقلت للوالد فانقل له المشاعر النبيلة، وانقل لهم كذلك المشاعر النبيلة، ولا تنقل له ما يحدث من كلام من وراء ظهره، فإن هذا أمر في غاية الأهمية.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً