الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن أراد أن يخطب فتاة لا يعرفها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب على وشك دخول سن السابعة والعشرين، ملتزم ومحافظ على صلاتي -ولله الحمد-.

رأيت فتاة بين أهلي فأعجبت بها وأردت خطبتها، ولكني لم أتكلم مع أحد لعدة أشهر، ثم صليت استخارة فيها ولم أحس بشيء إلا براحة واطمئنان في بادئ الأمر، لا أدري ربما لأني كنت مطمئنا للأمر من قبل الصلاة أصلاً!!

بعدها بعدة أيام ارتكبت خطأً أسأل الله أن يغفره لي، بدأت بمحادثة هذه الفتاة عبر الرسائل القصيرة؛ لأعرفها أكثر، وجدتُ فيها كل الصفات التي أتمناها في شريكة حياتي كمحافظتها على الصلاة والأدب والأخلاق التي رأيتها منها، كبرت في عيني كثيراً وتعلقت بها جداً، استمر الحال لقرابة الشهرين، وكنت على وشك أن أكلم أهلي ليخطبوها لي.

بطريقة ما عرفت إحدى شقيقاتي بالأمر، فصارحتني بأن الفتاة لا تناسبني لعدة أسباب شرحتها لي، فكانت أكبر صدمة أتعرض لها في حياتي.

عرفت أن الفتاة كانت تظهر لي شخصية غير شخصيتها، وبها من الصفات ما لن أرضى به أبداً.

أصبت بصدمة وإحباط وحزن شديد، وهنا تبدل حالي بعدما كنت شخصاً مبتسماً دائما أصبحت شديد الحزن شارد الذهن، قليل الكلام، أفضل البقاء لوحدي، لم أدري ماذا أفعل؟ قطعت علاقتي بالفتاة وتعذرت بعدة أشياء، لم أستطع أن أخبرها بالسبب الحقيقي.

من جهة ضميري يؤنبني لأني لم أصارحها بالأمر وكذبت عليها بشأن الأعذار، ومن جهة أخرى أنا خائفٌ جداً عليها من الطريق التي هي فيه؛ نظراً لأن قلبي ما زال يميل لها رغم كل شيء!!

الآن جل ما أتمناه هو أن يمن الله عليها بالهداية، أفكر في ما سيحدث لها أكثر من تفكيري في نفسي!! أريد لها النصح والتنبيه ولكن لا أعرف كيف؟ الغيرة عليها تقتلني.

لا أدري ماذا أفعل أصبت باكتئاب وضيق شديد يزداد علي في فترة الصباح، ويبدأ بالانخفاض قليلا من العصر وحتى العشاء، هذه الحالة أثرت علي في حياتي العملية كثيراً، أفكر في الأمر دائماً ولا أستطيع أن أصرفه عن تفكيري، لا يوجد لدي حتى شهية للأكل، فقدت عدة كيلوجرامات من وزني في ظرف أسبوع.

دائما أهرب للنوم للتخلص مما أحس به من ضيق واكتئاب، أحس فقط براحة في صلاتي ودعائي ربي بتفريج همي ودعائي لهذه الفتاة بالهداية؛ رغم أني لا أعلم إن كان دعائي لها باسمها جائزا شرعاً أم لا؟

أرجوكم دلوني وأشيروا علي ماذا أفعل؟ وكيف أتخلص من هذا التفكير والضيق والاكتئاب؟ علماً أنه مر الآن قرابة الأسبوعان على هذا الحال، أشيروا علي بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك في الموقع، ونشكر لك التواصل وهذه الثقة في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، ويغفر ذنبنا وذنبك، وأن يردك إلى الحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولذلك نحن دائمًا نتمنى من شبابنا الكرام أولاً: أن يتواصلوا معنا منذ البداية ليسألوا عن الخطوات التي ينبغي أن يتخذها الإنسان إذا أراد أن يخطب فتاة، فإن هذه الطريقة التي بدأت بها طريقة تجلب لك ولها الأتعاب، وهي طريقة لا تُقبل من الناحية الشرعية، وخطوة مشاورة الأخوات ومشاورة الأهل ينبغي أن تكون في البداية، وعلى كل حال هذا درس رغم مرارته إلا أن الفائدة فيه كبيرة، ونحمد الله تبارك وتعالى الذي وضح لك هذه الأمور في البداية؛ لأن الإنسان يصعب عليه أن يتعمق أكثر وأكثر ثم بعد ذلك يفاجأ بأمور لم يكن يتوقعها.

ولذلك نحن نريد أن نقول: إذا وجد الشاب في نفسه ميلاً لفتاة فإنه يبدأ فيسأل عن محارمها، أو الفتاة تسأل محارمها من الرجال، فالرجال أعرف بالرجال، والنساء أعرف بالنساء، والعلاقة بين الرجل والمرأة ليست علاقة بين شخصين، بل هي بين بيتين، بين قبلتين، بين مدينتين، فهناك شركاء في هذه العلاقة يتضرروا سلبًا، وينتفعوا إيجابًا بحسن العلاقة وبجودتها، وهذا مشوار طويل يترتب عليه مسؤوليات وعيال، لذلك الشريعة أحكمت هذا الأمر غاية الإحكام، فالشريعة ترفض أي علاقة في الخفاء، وترفض أي علاقة ليس لها غطاء شرعي، وترفض أي علاقة لا يكون الهدف منها الزواج، أو يصعب معها الزواج.

وإذا أراد الإنسان أو وجد في نفسه ميلاً إلى فتاة فعليه أن يخرج بنيته إلى السطح ويعرض الفكرة على أسرته، ثم يتكلموا بلسانه، ثم يسألوا قبل ذلك أو بعده عن الفتاة وعن أسرتها، ويتيحوا للفتاة وأسرتها أيضًا أن يسألوا عن الرجل، فإن هذا حق مشترك، وإذا حصل الوفاق والاتفاق كان بها ومضت الأمور في طريقها، عند ذلك يطلب النظرة الشرعية، يجلس مع الفتاة في حضور بعض محارمها، ويتفاهم معها، فإذا حصل القبول والانشراح والارتياح قلنا (لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح) وقلنا عند ذلك (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

وإذا أعلن الإنسان العلاقة فإن هذا يدل على المسؤولية، بخلاف العلاقة في الخفاء، فإنها تقوم على الكذب والمداراة والدجل، وإظهار ما فيها وفيه من حسنات وإخفاء السيئات، ثم يفاجأ كل طرف في آخر المطاف، لكن الشريعة تريد للعلاقة أن تكون واضحة معلنة، وكون الشاب يطرق باب أهلها هذا أكبر دليل على صدقه وأنه جاد، وكون أهل الفتاة يستقبلوه هذا دليل أيضًا على جديتهم وحسن رغبتهم، أما عندما تكون العلاقة في الخفاء فإن هذا ليس في مصلحة أحد، وهذا خصم على سعادة الزوجين بعد ذلك، وهذا ما تثبته الدراسات من أن العلاقات العاطفية قبل الزواج وخارج الأطر الشرعية هي خصم على سعادة الأزواج، بل هي سبب لكثير من المشاكل الحاصلة بينهم.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ولا مانع من أن تدعو للفتاة بالهداية، ولكن أرجو أن تشغل نفسك وقلبك بحب الله ثم بالعمل الجاد، ثم بالبحث بالطريقة الصحيحة عن زوجة تعينك على إكمال مشوار الحياة، ونذكرك بضرورة الستر على الفتاة وكتمان ما حصل، ومطالبة الأخت بعدم إخراج هذا الأمر لأحد من الناس، فالإنسان غير مطالب بأن يفضح نفسه أو يفضح بنات الناس؛ لأن الإسلام دعا إلى الستر، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر هاشم

    رائع ممكن أنشر

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً