الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعرف أن علاقتي بصديقتي على صواب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب المثالية وأسعى لها، شخصيتي منغلقة ومنعزلة ولي صداقات قليلة، كنت أتعمد ألا أتعمق في صداقات مع أناس جدد، لأني أكره التعلق بأحد، فأنا إن أحببت أحداً أغدقت عليه اهتماماً دون حد، تعرفت قبل عام ونصف على صديقة جديدة، أحببتها جداً ولها مكانة مميزة ومختلفة عن البقية، هذه الصديقة اختصرت كل هذا العناء، معها أتصرف على طبيعتي في المنزل بدون حواجز، أعتبرها كأختي وأرتاح لها جداً، لكن مظهرها يغلب عليه التشبه بالرجال (بوية)، فقط في المظهر -قصة الشعر تحديداً-.

في البداية قررت ألا أتعمق في علاقتي معها، لأني أردت أن أكون مناصحة لها فقط، لكن تفاجأت أني تعمقت، وهي تعرف أني أكره فيها هذا الشيء -مظهر الأولاد- وأخاف منه، فبدأت تتأثر بي وتطيل في شعرها -بفضل الله-.

لاحظتُ أنها بدأت تتغير للأفضل، ودائماً كنت أدعو الله أن يجعلنا صحبة خير لبعضنا، أنا سعيدة لأجلها وفرحة بها جداً، ووصلنا لدرجة أنها تفتخر بي أمام والدتها، وحدثتني مرة والدتها بأنها اطمأنت على ابنتها إذ تصاحب شخصاً مثلي، هكذا أمام الملأ، وأنا في نظر والدتها المثقفة والمتدينـة، حتى أخت هذه الصديقة تحسن الظن بي، أحسست بتميز هذه الصديقة عن بقية صديقاتي، هي المرة الأولى التي أحب فيها شخصاً يحبني بالقدر الذي أحبه، أباغته في أي وقت بحديثي وتفاصيل يومي، أثرثر كثيراً عنها وهي كذلك، لكن يثير خوفي أحياناً أني أحب أن أتأمل ملامح وجهها، والشيء نفسه أواجهه منها، تطيل النظر إلي وترد بأنها تتأملني.

بحق أجدها عوناً لي في المشورة المخلَصة، أُشهد الله أني ما رأيت منها إلا كل خير، حتى أنها تضر نفسها لتنفعني، ووقفت معي في مرض أختي، وإذا أسديت لها نصحاً تقبلته مني وأدته إذا كان لمصلحتها.

أريد رأيكم ومشورتكم: هل سيري في هذه الصحبة صواب؟ علماً أنها مصابة بالقولون وقد أرهقها ألمه، وقطعت وعداً على نفسي ألا أخذلها، وأن أرعاها كأختي، ووالله أني أجدد العهد في كل مرة في أن أكون لها أختاً صالحة، يُخيل لي أني نجحت في ذلك، لكن يتخبط بي وسواس الشيطان أني لست على صواب، لا أريد أن أخرس ضميري لدرجة أن أخطئ ولا أشعر، حالياً أسعى لأن أعرفها على بقية صديقاتي، لأنهن استغربن ميلي لها وابتعادي عنهن، علّي أُكون مجموعة طيبة من الصحب، أنا وصديقتي هذه نقوم الآن بمراجعة الأجزاء الأخيرة من القرآن الكريم استثماراً لإجازة الصّيف.

أستاذي، أنا أريد رضى الله عني، ولا أريد أن أخيب ثقة صديقتي ووالدتها، عذراً على الإطالة، أفيدوني مأجورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه الصديقة، ونهنئك على هذا التأثير الإيجابي عليها، ونهنئك على ثقة أسرتها بك، وأنت -إن شاء الله تعالى– على قدر هذه المسؤولية والأمانة، ونسأل الله أن يعينك وإياها على الخير، وأرجو أن تُدركوا أن الصداقة تحتاج إلى ترميم بين الفينة والأخرى من أجل أن نصوّب أهدافها، لتكون في الله وبالله ولله وعلى مراد الله، وطالما وجد النصح بينكما، والتصويب للأخطاء والمشاركة في الطاعات، والتذكير بطاعة رب الأرض والسماوات، وتلاوة السور والآيات، فإن هذه مؤشرات غاية في الروعة والجمال، وأعجبني وأسعدني أيضًا حرصك وحرصها على توسيع دائرة الصداقات، لأن هذا أيضًا من الضمانات المطلوبة.

ونشكر لك أيضًا هذا الحرص على السؤال، ونحن نرحب بك في الموقع في كل وقت من أجل أن نتعاون جميعًا على الخير، فالصداقة تحتاج إلى ترمومتر يرصد حركتها، ويصوب اتجاهها، ويجعلها في مرضاة الله تبارك وتعالى، ومثلك من تحرص على هذا الأمر، وقد أسعدتنا هذه الرسالة التي تهتم بهذا الجانب غاية الاهتمام، ولذلك نحن نتمنى الصداقة الجميلة أن تستمر لتكون عونًا على الخير والطاعة، والصداقة الصالحة تقوم على الإيمان والتقوى والصلاح والصلاة والتناصح، والصداقة السلبية تقوم على جانب الشكل والمصالح الدنيوية أو الاهتمام بالموضة أو بالوقوع في المعاصي المشتركة، أو التشارك والتشابه في بعض الصفات والأهداف، هذا لا ينبغي أن تقوم عليه الأخوة في الصداقة، لأن أي أخوة لا تقم على الإيمان والتقوى تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين}.

وأي صداقة نحن لا نريد أن نقطعها، والإنسان بحاجة أن يُبقي شعرة العلاقة مع الناس، لكن من الضروري أن يصوّب ويطور علاقته لتكون في مرضاة الله تبارك وتعالى، وهذا ما نريده منك، أن تحافظي على هذه الصديقة، أن تستمري في النصح لها، وتقفي إلى جوارها، ثم عليكم أن توسعوا دائرة الصداقة، ونسأل الله أن يجمعنا ويجمعكم مع رسولنا ومع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُنَ أولئك رفيقًا.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر عاشقة الصحابة

    بحمد الله أنا كذلك أتنعم بهذه النعمة صديقتي خولة مافي منها لكن انا عندي جمهور صديقات لكن هي المفضلة.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً