الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أثبت على الالتزام وترك المعاصي وأنا في أسرة مقصرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في الـ 22، ملتزم على درجة كبيرة والحمد لله، كنت واقعا في براثن العادة السرية وحاربتها لعدة سنين، وبإذن الله عزمت وتوقفت عنها بصورة نهائية.

مشكلتي: مندمجة ما بين المعاصي وما بين ظروفي الأسرية المنهكة ماديا واجتماعيا بصورة كبيرة، فلن أرفع التهمة عن نفسي تماما؛ ولكن جزءا من وقوعي في البداية في العادة هو الظروف التي أنهكتني من سوء المعاملة التي أجدها في المنزل، وإصابتي نفسيا بنوع من الانطواء والاكتئاب، مارست العادة كرغبتي في متنفس ولو بسيط بعيدا عن الإرهاق الذي أعانيه، وأدمنت على المواقع الإباحية، وكدت أنزلق لما هو أخطر من ذلك لولا حماية الله لي.

التزمت منذ سنتين وقد رأيت بقلبي فعلا بركة الالتزام واتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ولكنني وحيد فعلا؛ فلا أصدقاء لي ولا زيارات ولا نشاطات؛ مما زاد من الاكتئاب والانطواء الذي أعانيه، وأنا الوحيد الملتزم في بيتي، وأهل بيتي غارقون في منكرات كثيرة من غناء وأفلام وصور وتهاون في العبادات.

لدي سؤال بخصوص التوقف عن العادة السرية: ومتى تزول آثارها؟ فرغم التوقف لشهرين إلا أنني أعاني من آثارها مثل: آلام في البطن، وشعور بالجوع معظم الأوقات، شبيه بالجوع الذي يحدث بعد ممارسة العادة، وشعور بفتور جنسي وكأنني قد فقدت رغبتي تماما، ووهن جسدي.

سؤالي الثاني: عن كيفية الثبات على الالتزام والبعد عن العادة، فأنا مرهق جدا من كل شيء: من علاقاتي الضعيفة، ومن أسرتي، ومن نفسي، حتى لا أنكر أن الله قد فتح لي بابتلائي أبوابا لم أكن أرها من قبل، وسيّرني في تجارب وأحداث أضافت لي الكثير، وحتى أثبتت لي قوتي الكبيرة على التحمل، ولكنني كثيرا ما أكون مرهقا وحزينا من حالتي، وحتى أنني أخاف أن أنزلق إلى العادة والمعاصي مرة أخرى.

فكيف أثبت في وحدتي على طريق الله؟ وفي الحقيقة أعيش في وسط معقد جدا مع أسرتي، وهو وسط يجعل أهون الأشياء صعبة جدا ما جعلني أبتعد عن التفكير في أشياء كبيرة كالعمل والزواج، وقد اختل معيار تفكيري ولا أعرف هل ما أنا فيه ابتلاء أم عقوبة؟

وجزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه في هذا الموقع الجميل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الملك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وقد أعجبنا هذا العرض للسؤال، وأفرحتنا هذه التوبة، ونسأل الله أن يثبتك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولا يخفي عليك أن الإنسان يجد حلاوة في طاعته لله ومواظبته على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأسعدنا تلك التوبة من تلك الممارسة الخاطئة، والتي لا تضيف للإنسان الخير، بل هي المرض، وهي موصلة للهموم، وجالبة للانطواء، وهي لا توصل للإشباع، ولكن توصل للسعار، وتخلف على صاحبها آثارا مظلمة، وهي من آثار المعصية، المعاصي لها شؤمها وآثارها المدمرة، فنسأل الله أن يوفقك للرشاد وأن يستخدمك في طاعته.

وأتمنى أن تبحث عن الرفقة الصالحة ليذكروك بالله إذا نسيت، ويعينونك على طاعته إن ذكرت، والإنسان ضعيف بنفسه وقوي بإخوانه، فاحرص دائما على تجنب الوحدة، وابحث عن إخوانك من الصالحين.

واعلم أن المعاصي لا تزيد الحياة إلا ظلمة وتعقيدا، فللمعصية ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وقلة في الرزق، وبغض في قلوب الخلق، بخلاف الطاعة التي تفتح للإنسان أفاقا كبيرة، وتعينه على طاعة الله تعالى.

وأرجو أن لا تتأثر بما يحدث في البيت، فإذا كانوا عصاة لله، فكن أنت المطيع، ونتمنى أن يروا منك جمال الطاعة، ولطف المطيع لله تعالى، فاحرص على أن توصل إليهم الرحمة التي وجدتها في الدين والالتزام، واعلم أن صلاحهم مما يعينك ويفيدك، ولا تعط الأمور أكبر من حجمها، ولا تقف أمام الأمور المحزنة طويلا، واعلم أن الله تعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأشغل نفسك بالاجتهاد في دراستك، واعلم أن لكل مجتهد نصيبا، وحاول أن تغض بصرك، وتجنب الخلطة بالنساء جهدك، فإن الإنسان إذا سد الأبواب لتلك الممارسة الخاطئة عصمه الله تعالى.

بالنسبة للآثار لا تفكر فيها كثيرا، فأنت بدأت السير في طريق العافية، وستجد في إجابة الطبيب ما يفيدك ويعينك على الخير، ونبين لك أنك الآن على خير، والشيطان يريد أن يحزنك فعامل هذا العدو بنقيض قصده، وأعلم أن السعادة وراحة البال لا تنال إلا بذكر الله تعالى القائل {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

انظر للحياة بأمل وثقة بالله المجيد، وعليك بتقوى الله تعالى، والإكثار من الدعاء فالله يجيب المضطر إذا دعاه.. نسأل الله تعالى أن يوفقك للخير والسداد والرشاد.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة . د. أحمد الفرجابي ...... مستشار الشؤون الأسرية والتربوية/ تليها إجابة د. إبراهيم زهران ...استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية وأمراض الذكورة:

كما نوضح دائماً أنه لا يمكن تحديد فترة بعينها للتخلص من آثار العادة السرية، ولكن نوضح أنه: كلما طالت المدة الزمنية منذ التوقف عن العادة السرية، مع الالتزام بالرياضة المنتظمة، والتغذية الجيدة، والبعد عن المثيرات الجنسية، والتزام غض البصر؛ تتحسن الأعراض وتعود الأمور لطبيعتها؛ خاصة الرغبة الجنسية والانتصاب، وما يتعلق بالصحة العامة من فتور وإجهاد.

لذا عليك بالمثابرة والمواصلة في تجنب العادة السرية، وما يؤدي لها، مع الحرص على الرياضة المنتظمة والتغذية.

ويمكن زيارة طبيب باطني للبحث في أسباب ألم البطن، والذي قد يكون بسبب القولون العصبي أو شيء آخر بعيد عن العادة السرية.

ومرحبا بك للتواصل معنا لمتابعة الحالة وتوضيح أي تساؤلات.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر مصطفى

    اسأل الله تعالى أن يثبتك على التوبة أخي الكريم .... و ييسر لك الظروف حتى تعف نفسك بالزواج بابنة الحلال .
    و تقبل الله ممن أجاب فأحسن ....

  • أمريكا صهيبة

    بارك الله فيكم أفدتوني كثيرا.. بكل ثقة في الله‏(‏ سأكون صارمه مع نفسي‏)‏ و على ربي توكلت

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً