الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خبر قرأته في الجريدة أصابني بوسواس شديد، فكيف أتخلص منه؟

السؤال

أنا شاب عمري 26 سنة متدين -والحمد لله-، وأواظب على الصلاة، ولكن مشكلتي الكبرى هي الوسواس، فقد صادف أني قرأت خبرا في إحدى الصحف ذات يوم عن إلقاء القبض على شاب يدنس القرآن الكريم -والعياذ بالله- ومنذ ذلك الحين يأتيني الوسواس بأني قد أقوم في أي وقت بهذا الفعل الشنيع, وأن حياتي ستنهار، وأني سوف أنال عقوبة شديدة من الله على ذلك، ولا أستطيع التخلص من هذه الفكرة التي تراودني باستمرار.

ماذا أفعل مع هذه الوسوسة؟ فأنا لا أستطيع العمل أو الدراسة، وهذه الفكرة في رأسي باستمرار، مع العلم أني متدين -والحمد لله- وأنا أحب القرآن الكريم، وأداوم على قراءة ورد يومي منه من قبل هذه الوسوسة.

ذهبت إلى الدكتور النفسي فوصف لي دواء لسترال جرعة 50 مج، لمدة أسبوعين، ثم جرعة 75 مج، لمدة ثلاثة أسابيع، وقد مر منها أسبوعان، فهل هذه الجرعة كافية، وهل سأتخلص من هذا الوسواس بالدواء فقط أم بعلاج سلوكي؟

مع العلم أني لا أذهب إلى الطبيب سوى مرة كل ثلاثة أسابيع، فكيف سينتهي هذا الوسواس، أم سأعيش باقي عمري في هذا القلق؟

شكرا جزيلا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع.

من أصعب الوساوس هي وساوس العقيدة والدين والقرآن، وكما ذكرت في سؤالك، وأعانك الله على هذه المعاناة، فصعوبة الوساوس أنها تأتي في أعز شيء على الإنسان، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمؤمن قد تأتيه الوساوس في أعز شيء لديه، وهو كل ما له علاقة بربه وخالقه والوضوء والقرآن والصلاة، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات، كلها قد تتعلق بالذات الإلهية، وما يمكن أن يوحي بأنه "كفر" صريح، كأن يشك أصلا في وجود الخالق، أو يتصور أن هناك صفات نقص لله تعالى، أو قد يشك في مصداقية القرآن الكريم (كلام الله تعالى)، أو أمور أخرى تتعلق بالرسول الكريم، أو الملائكة، أو القدر أو اليوم الآخر.

وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل إن كان قد خرج عن الدين والملة، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة، وقد تتأثر أنشطته الحياتية من الدراسة والعمل، وكما حصل معك من تراجع الأداء الدراسي.

ولعل الطبيب قد شرح لك أن كل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها كثير لم تذكره لنا لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها وساوس، لست مسؤولا عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لا شك تحاول جاهدا دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدها.

وجيد أنك تتناول العلاج الدوائي، فجرعة اللسترال التي تتناولها جيدة، إلا أن الأمر يحتاج بعض الوقت، إلا أن من أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، والأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص.

استمر بهذا العلاج، وراجع مع طبيبك، ولا بأس أن تسأله أيضا عن العلاج السلوكي أو السلوكي المعرفي، ويمكنك أيضا الاستفادة من هذه الروابط: ( 263422 - 259593 - 260447 - 265121 ).

واطمئن، فما أنزل الله من دواء إلا وأنزل له دواء، وما هو إلا موضوع الوقت حتى تشعر بالارتياح والتخلص من هذه الوساوس، وإن بقي فقد يبقى شيء من بعض ملامح الوسواس وبشكل خفيف.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً