الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت من شرب الخمر وتساورني وساوس عن نفسي سلبية

السؤال

السلام عليكم

أنا ارتحت كثيراً لهذا الموقع، وأريد أن أجد حلاً لمشكلتي.

قبل نحو ست سنوات كنت -والعياذ بالله- أشرب الخمر، ولكنني الآن -ولله الحمد- تائب منه، المهم أنني ذات مرة خرجت مع شباب يكبرونني، وشربت الخمر كثيراً، وفقدت وعيي، وعلى حد قولهم إنهم وقتها أرادوا أن أفيق من حالتي فذهبوا بي إلى البحر، وقاموا بتغطيسي من أجل أن أفيق، وأنا لم أتذكر شيئاً من ذلك الموضوع إلا عندما استيقظت من النوم.

بعدها أمضيت سنين وأنا ناسٍ هذا الموضوع، ولكن في آخر شهرين بدأت أسترجع الموضوع وأفكر فيه سلبياً، حيث أنني أشك أن أحداً فعل بي شيئاً يمس شرفي، والحقيقة أنني أتذكر صورة أو صورتين من ذاك اليوم، ولم أر أحد يفعل بي أبداً شيئاً محرماً، ولكنها شكوك ووساوس أصبحت تحرقني وتسود حياتي.

المصيبة أن زواجي بعد شهر، وحالتي النفسية سيئة جداً حالياً، حيث أنني 24 ساعة أفكر في هذا الموضوع، وأنا متيقن أنهم لم يفعلوا بي شيئاً، ولكن الشك يقتلني ويصور لي أشياء قاتلة.

أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله على توبتك وإقلاعك عن تناول وشرب الخمر – فالخمر أم الكبائر وأم الخبائث ولا شك في ذلك – وتوبتك الناصحة أكبر جائزة وهدية قدمتها لنفسك، فيجب أن تفرح بذلك، أيها الفاضل الكريم.

موضوع افتقاد الوعي مع شرب الخمر هذا أمر معروف، وهنالك مراحل معينة للخمر تؤثر فيها على وعي الإنسان، وهذه المراحل تُقاس بنسبة الكحوليات في الدم، فمثلاً بعد أن يرتفع الكحول ويصبح أكثر من مائة مليجرام في كل ملي من الدم، هنا يبدأ الإنسان في عدم التركيز وافتقاد السيطرة على تصرفاته، وبعدها قد يأتيه شيء من افتقاد الوعي التام.

موضوع التغطيس في البحر والماء هو أسلوب معروف، وشائع جدًّا وسط الذين يقارعون الخمور، وهو قطعًا مفهوم خاطئ ليس صحيحًا، الذي يحدث أن الإنسان سوف يستعيد وعيه، لأن الخمر أصلاً لا يبقى في الدم فترة طويلة، بل فترة ثلاث إلى أربع ساعات بعد الانسمام الكحولي الشديد يبدأ الإنسان يسترجع وعيه.

الذي حدث لك حين شربت الخمر هو أمر متوقع، وهي تجربة قاسية وتجربة سلبية جدًّا، لكن أريدك أن تأخذ النواحي الإيجابية فيها، وهي: الإقلاع التام من الخمر ولن تعود لها أبدًا، وإن شاء الله تعالى توبتك توبة نصوح ومقبولة.

لا أعتقد أنه قد حدث لك شيء أبدًا، مجرد الوسوسة يجب ألا تكون دافعًا لك لسوء التأويل، الأمر كله قد انقضى، قد انتهى، وكما ذكرت لك الإنسان أصلاً دخل في تصرف بشع وخطير وخاطئ، وكانت هذه هي النتائج، بمعنى أن هذا الأمر متوقع لكل من يقارع الخمر، وما شابهها من المؤثرات العقلية.

الأمر انتهى عند هذا الحد، وأنت - الحمد لله تعالى – استدركت الخطأ ورجعت وتبت، ولا أعتقد أنه قد حدث لك شيء أبدًا، هذه مجرد وساوس فيجب أن تحقرها، ولا تعرها اهتمامًا، أقبل على الزواج، عش حياتك بصورة طبيعية، وكما ذكرت لك أكبر جائزة قدمتها لنفسك هي التوبة وإقلاعك عن تناول الخمر، فتذكر هذا.

هذا - إن شاء الله تعالى – يحسن لديك الدافعية ويجعلك تحقر هذه الأفكار الوسواسية السلبية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً