الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يصل تأثير المس أو العين أو السحر إلى قتل المصاب به، وهل ذلك شائع؟

السؤال

السلام عليكم

لدي شك بالمس أو بالعين، وسؤالي: هل تصل درجة الخطورة للموت إذا كان مسا أو عينا؟ وهل الموت من هذه الأسباب شائع جدا، أو نادر أو نادر جدا أو ماذا بالتحديد؟

وشكرا لكم على موقعكم الرائع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يجعلك سببًا في هداية أهل أمريكا جميعًا إلى الإسلام، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فأحب أن أبيّن لك أمرًا قبل أن ندخل في موضوع الإجابة، حيث أخبرنا الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إن الشيطان ليفرق من المؤمن) ومولانا جل جلاله وتقدست أسماؤه أخبرنا في كتابه العظيم حيث قال: {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا}. إذًا نحن أمام هذين النصين الكبيرين العظيمين نرى أن الشيطان ضعيف جدًّا، ولا يستطيع أبدًا أن يقهر المسلم المؤمن أو أن يهزمه، نعم قد يتسلط على بعض أجزائه، أو على نفسه أو بدنه، لكن أيضًا رغم كل فهو ضعيف، ولذلك بأقل قدر من المقاومة تستطيع أن تقضي عليه -بإذن الله تعالى- وأول شيء تستطيع أن تواجه به الشيطان عدم اهتمامك بأمره؛ لأنك تقول (لديَّ شك) هذا الشك بداية الخطر، فإن الإنسان (حقيقة) لا ينبغي أن يعوّل على قضية المس أو العين أو الحسد في كل أمر يُصيبه، وإلا بذلك سنعيش في حالة من عدم التركيز، وعدم الاتزان وعدم الاستقرار؛ لأن الإنسان إذا طرفت عينه قد يقول (هذا مس)، وإذا تحركت رجله يقول (هذا شطان)، وإذا صدع رأسه يقول (هذا عين)، وبذلك يُدخل نفسه في دوامة لا نهاية لها.

ثانيًا: مما ينبغي أن تعلمه أنه لا يمكن لأي كائن من كان أن يُلحق بك ضررا إلا بإرادة الله تعالى، فلا الجن لديه القدرة على أن يُلحق الضرر بك بنفسه دون إرادة الله، ولا المس، ولا العين، ولا الحسد، ولا أهل السموات والأرض جميعًا؛ لأن الضار النافع هو الله، والمعطي المانع هو الله، والمعز المذل هو الله، والخالق البارئ المصور هو الله جل جلاله، واعلم أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، فلا يوجد أبدًا مخلوق سواءً كان إنسانًا أو نباتًا أو جمادًا أو حيوانًا لديه القدرة بنفسه على إلحاق الضرر بعيدًا عن إرادة الله، فإذا حدث شيء فهذه إرادة الله تعالى – هذا على فرض حدوثه – فإن شعرت بأي نوع من التغير أو التعب أو الألم نقول هذه إرادة الله تعالى، ماذا نفعل؟ ننتقل للمرحلة الثالثة، وهي التداوي والتشافي والعلاج، إذ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (تداووا عباد الله، فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء).

وفيما يتعلق بقضية المس والعين والحسد والسحر: هذه علاجها أسهل ملايين المرات من العلاج العضوي بالأدوية والعقاقير والحقن وغير ذلك؛ لأن هذه بفضل الله تعالى بقراءة سورة الفاتحة أو آية الكرسي بإخلاص يصرف الله تبارك وتعالى كل ذلك عنك بإذنه جل جلاله وتقدست أسماؤه.

إذن أنا أريد أن أُخرج من قلبك مسألة الخوف من هذه الأشياء؛ لأنه لا أساس لها من الحقيقة، وهو نوع من الوهم الذي (حقيقة) يقذفه الشيطان في قلب المؤمن ليُشعره دائمًا بالخوف والهلع وعدم الاستقرار.

أخيرًا على فرض وجود شيء من هذا في جسدك فأمامك الرقية الشرعية، والرقية الشرعية -ولله الحمد والمنة- متوفرة بكثرة، هناك طبعًا كتب وهناك كتيبات وهناك مطويات تجد فيها الآيات والأحاديث التي تُستعمل في الرقية، وهناك أشرطة مسجلة تباع في المكتبات الإسلامية، وغير ذلك، وإذا لم تجد غير ذلك فأمامك الإنترنت تستطيع أن تكتب فقط في موقع البحث جوجل (الرقية الشرعية)، وسوف تظهر أمامك عشرات المواقع التي تتحدث عن الرقية والآيات المستعملة فيها والأحاديث، وكيفية أن يرقي الإنسان نفسه، ونحن دائمًا نفضل أن يقوم الإنسان برقية نفسه بنفسه، لأنك صاحب البلاء، وقطعًا ستكون يدك أرأف على نفسك من يد غيرك، وستكون أحرص على علاج نفسك وشفاء نفسك من أي إنسان آخر، فتقوم بذلك.

إما أن تستمع للرقية صوتيًا، وأنصحك أن تستمع إلى الرقية الشرعية لقارئ مصري اسمه الشيخ محمد جبريل، لو كتبت في موقع البحث (الرقية الشرعية لمحمد جبريل) تستطيع أن تستمع إليه حسب ظروفك، يعني في الصباح أو في الليل، تستطيع أن تترك جهاز التسجيل يعمل وحده في البيت تكرار ومراراً، وتستمع إليه، وبعد فترة ستشعر بأن البيت أصبحت جوه طيبا؛ لأن الملائكة ستزور البيت؛ لأن الملائكة تتنزل لسماع الذكر كما أخبر الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وأنت سوف تتعافى -بإذن الله تعالى- في أسرع ما يمكن.

فأنصحك إما أن تقوم برقية نفسك بنفسك بهذه الآيات والأحاديث، وإما أن تستمع للأشرطة، -وبإذن الله تعالى- سوف ترى تحسنًا واضحًا وكبيرًا في أسرع وقت، الذي أتمناه ألا تلقي بالاً لهذا الأمر، وقضية هل هذه تؤدي إلى الموت؟ الجواب لا؛ لأن الموت بقدر الله تعالى، ولن يموت حيٌّ إلا بأمر الله -عز وجل-، والله تبارك وتعالى يقول: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} نعم الموت له أسبابه ودواعيه، ولكن (حقيقة) أنا لا أعلم أن هناك جنّيًا يستطيع أن يقتل إنسيًّا أبدًا، نعم السحر قد يؤدي إلى ذلك ولكن ليس بالصورة التي تتوقعها، وإنما هذه في حالات نادرة جدًّا والنادر لا حكم له.

فأنا أرى -بارك الله فيك- أن علاجك في الرقية الشرعية، الاستماع إليها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات مساءً، ومثلها ليلاً، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات مساءً ومثلها ليلاً، والتهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساء، وأن تجتهد أن تكون على وضوء، وإن استطعت أن تقرأ صورة البقرة يوميًا فحسن، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصرف الله عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأبشرك بأنك سوف ترى العافية في أقرب وقت ممكن، وأسأل الله لك ذلك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس سهام خليفي

    جزاكم الله خيرا

  • الجزائر حليمة

    شكرا علي وجهة نظرك فهي مقنعة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً