الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مشكلة التواصل مع الآخرين، وخائفة من موضوع الزواج.

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد – صلى الله عليه وسلم - وآله أجمعين.

أنا فتاة في الثامنة عشر من عمري، لدي مشكلة بالتواصل مع الآخرين، إذ أنني لا أجد ما أتحدث فيه، وإن وجدت أرى الجميع لا يعيرني أي اهتمام، ودائما يقاطعون حديثي، كأنه لا قيمة لي، وأن كلامي لا جدوى منه.

أنا لا أنسجم مع عائلتي ولا صديقاتي، والآن أنا في عمر الزواج، وبصراحة أنا قلقة كثيرا في هذا الشأن، بل أني أحيانا أفكر بتأجيل الزواج خوفا من العواقب فيما لو لم يتقبلني المجتمع، أنا لست يائسة، ولم تعد تهمني نظرة الآخرين، المشكلة أني وحيدة، ولكنني لست بائسة - والحمد الله -.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نونو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا شديدو الحساسية، أو أننا لا نحسن الكلام بالإنجليزية أمام الآخرين. وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا: أن عندنا خجلا، أو ترددا، أو حساسية، أو ضعف الثقة في النفس، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لابد لكِ، وقبل أي شيء آخر، أن تبدئي "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي، وأن تزيلي عن نفسك أنك ليس عندك ما تتحدثين فيه، أو أن الناس لا يعيرونك أي اهتمام، فإذا لم تتقبليها أنت، فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارسي عملك بهمة ونشاط، وارعي نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة، من التغذية، والنوم، والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك، وعندها ستشعرين بالارتياح للتعامل مع الناس الآخرين.

يقول الله تعالى لنا "ولقد كرمنا بني آدم" فنحن مكرّمون عند الله، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال " فاقد الشيء لا يعطيه " فكيف أطلب من الآخرين ضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.

ومن الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته، وخاصة عندما يكون مع الناس، فمثلا قد يسأل الإنسان نفسه: هل عندي ما أتحدث به للآخرين؟ وتراوده فكرة عدم قدرته على ذلك، أو قد يشعر بأنه شديد الحساسية - وكما هو الحال معك -، فمثل هذه الشكوك طبيعية، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت، وخاصة إذا كنتِ لا تعاندين مثل هذه الأفكار، وقد يكون من المحتمل أنك تعرضت في طفولتك لحدث أو بعض الأحداث الصادمة، مما يجعلك تشعرين بالحساسية بعض الشيء، وبضعف الثقة بالنفس؟

فمن المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الحساسية من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبكين فيها: كالجلوس، والحديث مع الناس بالعربية أو بالانكليزي، وإذا طال الحال، أو اشتدت معاناتك مما تشعرين به من أعراض هذه الحساسية، فقد يفيد مراجعة أخصائية نفسية، ممن يمكن أن يقدموا لك الإرشاد النفسي المطلوب، وأنت لن تحتاجين في هذا للعلاج الدوائي.

والأمر الآخر أن تجنب الزواج أو فكرة الزواج لن تصلح الحال، بل على العكس، فإن هذه الفكرة قد تشجعك على الثقة والإقدام أكثر وأكثر على التفاعل مع الآخرين.

وفقك الله ويسر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً