الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر على البروزاك رغم عدم تحسني؟ وهل هو آمن في الحمل؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي سأطرحها بالتفصيل: عندما كان عمري 15 عاماً، جاءتني وساوس في الصلاة لكن قاومتها، فجاءتني وساوس في الأفكار والأفعال، كإطفاء النور أو عدم قفل الباب وهكذا، رغم تأكدي من أني أطفأت النور مثلاً، لكن رغماً عني أذهب وأتأكد وأجد أنه مغلق، لكن كانت خفيفة واختفت مع الأيام، أو شبه اختفت.

بعد حوالي سنتين أو ثلاث، عادت في الوضوء والصلاة، ثم اختفت لأشهر وعادت بقوة، فمنذ أن كان عمري 18 عاماً، والآن عمري 26 عاماً، وهي موجودة في كل أمور حياتي، مثلاً أدعو على نفسي أو أشخاص أحبهم بالموت والمرض، وأحياناً يستجاب لي، لكن لا أريد أن أدعو عليهم، رغماً عني أعيد الصلاة والوضوء لأكثر من عشر مرات، حتى أصبحت لا أصلي، حتى الصيام أعيده، أحياناً أكون متأكدة من أشياء فعلتها، لكن غصباً عني أذهب وأتأكد، وأعيد فعل بعض الأشياء، لأن شيئاً يوسوس لي أنه إذا لم أفعل كذا سيصير كذا، ويصير الشيء.

كل أمور حياتي فيها وسواس، والشيء الذي يضايقني أني مثلاً أكون أنظر أمامي، لكن شيئاً بداخلي يرغمني أن أنظر للجنب في أي شخص جالس بجانبي، امرأة أو رجلاً، وأنا أنظر أمامي لا أستطيع التحكم في نظري، لا أعرف كيف، شيء غريب، هذا الموضوع أصبح يحرجني مع الناس، ويضعني في مواقف محرجة، لأني أنظر أمامي لكن أطالع من بجواري، شيء داخلي يتحكم فيّ، أتمنى أن تكون وصلت الفكرة.

استخدمت البروزاك قبل ثلاث سنين، حبة في اليوم لمدة شهرين، واختفت الحالة شهراً أو أكثر ثم عادت، أوقفت البروزاك لأني أريد الحمل، الآن عدت لاستخدامه، حبة في اليوم لمدة شهرين، تحسنت في البداية لأسبوعين ثم عادت الحالة أقوى، فزدت الجرعة لحبتين في اليوم من حوالي أسبوع، لكن دون فائدة، أحس أن الوسواس يزيد، أريد علاجاً ينفع لي، ويكون آمناً في الحمل، وفي الوقت نفسه أريد الشفاء من الوسواس، وبمجرد حملي سأتوقف عن الدواء، أريد دواء يناسب حالتي، هل أستمر على البروزاك؟ أو أزيد الجرعة؟ أم أستخدم دواء آخر؟ لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي لظروف معينة، أتمنى مساعدتي فحياتي جداً سيئة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا متأكد أن اطلاعك حول الوساوس القهرية كثير جدًّا، فأنت قد تعايشت مع هذا المرض لفترة ليست بالقصيرة.

الوساوس القهرية بالرغم من أنها قد تكون مزمنة في بعض الأحيان وانتكاسية، إلا أن علاجها ليس بالمستعصي أبدًا، والوساوس بالفعل تأتي في شكل موجات، تزداد وتنقص، وترتفع وتنخفض وهكذا.

العلاج الدوائي نعتبره الآن علاجًا جوهريًا وأساسيًا في علاج الوساوس القهرية، ومن أكبر منافعه أنه يُمهد للعلاج السلوكي الذي يقوم على مبدأ: تحقير الوسواس، تجاهله، عدم اتباعه، والقيام بما هو ضده.

لا شك أن البروزاك من الأدوية المستحسنة جدًّا، وذات فعالية عالية، الجرعات الكبيرة إلى الجرعات الوسطية هي التي تفيد في بعض الناس، وفي أحيان أخرى البروزاك يجب أن يُدعم بعلاج آخر مثل الـ (فافرين)، وكذلك جرعة صغيرة من الـ (رزبريادون)، وهنالك أدوية أخرى كثيرة تفيد.

اختيارك للبروزك أنا أؤيده جدًّا، ودراسات كثيرة تشير أن البروزاك سليم في أثناء الحمل، هذا لا يعني أن نتساهل في استعمال الأدوية في أثناء الحمل، خاصة في الشهور الأولى، والذي أدعوك له هو أن تستمري على البروزاك، سوف يفيدك، واجعلي الجرعة كبسولتين كما هي، لكن أود أن تُضيفي واحد مليجرام من عقار (برزبريادون)، وأثناء استخدامك (برزبريادون) يجب ألا يحدث حمل، مدة العلاج على البرزبريادون هي شهران فقط، يتم تناوله واحد مليجرام ليلاً، ويكون البروزاك كبسولتين ليلاً أو نهارًا.

إذا لم تتحسن أحوالك بعد مضي شهر وأنت على البروزاك -كبسولتين في اليوم-، فهنا يجب أن ترفعي الجرعة إلى ثلاث كبسولات، وإذا حصل حمل وأنت على البروزاك، فأعتقد لن تكون هنالك مشكلة، يمكنك أن تتوقفي عن الدواء، وتذهبي إلى طبيبة النساء والولادة، ويكون هنالك نوع من المتابعة، وإذا حصل اضطرار لتناول البروزاك في أثناء الحمل، فيفضل أن يكون ذلك بعد نهاية الشهر الرابع من الحمل.

إذن هذا هو الوضع العلاجي الدوائي، ومن أهم الأشياء التي ننصح بها هو أن تكون هنالك استمرارية، وإصرار على الالتزام بالجرعة الدوائية، موضوع أن يقطع الإنسان العلاج، أو يزيد أو ينقص دون برنامج علمي، هذا لا نفضله أبدًا، بل على العكس تمامًا قد يؤدي إلى مضار كثيرة.

وبالنسبة للوساوس المزمنة مثل حالتك، أعتقد أن العلاج الدوائي يجب أن يكون لمدة سنتين على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، في ذات الوقت يجب أن تطوري مهاراتك السلوكية كما أسلفنا.

بارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً