الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثقتي بنفسي ضعيفة وأخاف وأقلق من أي شيء.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكو همي لله، ثم لكم، أنا أعاني من التالي:

أعاني من تشتت الأفكار بشكل كبير، وعدم القدرة على الاستيعاب إلى حد متوسط، وعدم الثقة بالنفس، والخوف، والقلق من أي شيء، وفي حال التحدث مع الآخرين أكون مضطربا جدا، وذلك خوفا من أن تخرج كلمة مني بالخطأ في غير موضعها.

ودائما أفكر كثيرا بالناس في حال أحد نظر إلي أتوتر، ولا استطيع التفكير، وإذا أخطأت لا أستطيع أن أفكر وتصدر مني حركات لا إرادية، مثلا: إذا مر أحد بجواري أصدمه، وتخرج مني كلمات لا إرادية ليست في مكانها، وعدم القدرة على إيصال المعلومة إلى الآخرين عن طريق الكلام، وأفكر بأبسط المواضيع طوال اليوم إذا صار أي موقف.

مع العلم أني أعاني من ذلك منذ 10 سنوات، على فترات متقطعة، والآن تسوء حالتي أكثر كل يوم يمضي أسوأ من ذي قبل، ولكن منذ سنة تقريبا كان عندي بعد نظر، وسرعة في الاستيعاب، وتحليل الأمور، وتصرف بحكمة بمعنى الكلمة، وكنت لَسِنا في الكلام.

والآن رجعت لي الحالة، وكل يوم أسوأ من اليوم الذي قبله، وأنا آخذ حاليا بروزاك، ولا يوجد أي تحسن على الدواء، هل هناك تحاليل معينة أعملها لها تدخل بالموضوع؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى أن يشفيك وأن يعافيك، وأن يفرج كل همّك، ادعُ دائمًا الله تبارك وتعالى وأنت موقن بالإجابة، اسأله تعالى أن يرفع عنك الهم والغم والحزن والعجز والكسل.

أيها الفاضل الكريم: نحن الآن في شهر رمضان، موسم الخيرات، وهذه فرصة عظيمة لنا جميعًا أن نُجدد أنفسنا وطاقاتنا، وندعم إيماننا، ونزيد من توكلنا، وهذ كلها محفزات عظيمة يجب أن نستفيد منها.

الذي أراه في حالتك بصفة عامة: هذا الشعور باضطراب الثقة في النفس والخوف والتوتر والتشتت الذهني، وعدم القدرة على التركيز: أرى أن كل ذلك مرده حقيقة ناتج مما يمكن أن نسميه بالقلق النفسي البسيط المصحوب بشيء من المخاوف والوساوس، وإذا أردنا أن نضعه في إطار إكلينيكي بسيط يمكن أن نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة.

الحالة ليست صعبة أبدًا، ليست مستحيلة العلاج، مهما طالت المدة فالإنسان يتغير ويتبدل والإنسان يتجدد في فكره، وفي معنوياته، وفي مهاراته، وهذا يجب أن يعطيك الأمل في أنك إن شاء الله تعالى يمكن أن تعيش حياة جيدة وممتازة وناجحة جدًّا.

موضوع الثقة في النفس واضطرابها وعدمها: أنا أراه موضوعًا هلاميًا، يعني أنه غير واضح، وهذه الكلمات بكل أسف تجذرت في عقول بعض شبابنا للدرجة التي أعاقتهم تمامًا، ما الذي يجعلني لا أثق في نفسي؟ الحمد لله الإنسان خُلق في أحسن تقويم، وأمامنا فرص عظيمة في الحياة للتعلم ولاكتساب المعارف، وأرض الله واسعة، وليس هنالك إنسان أفضل من إنسان، فلماذا أحسُّ بأني أفقد الثقة في نفسي؟ وكل الذين يقولون أنهم عديمو الثقة في أنفسهم لديهم شعور بالخوف من الفشل، أو شعور بالفشل، ولا يوجد فشل حقيقة، إنما هي محاولات ومحاولات إلى أن يصل الإنسان للنجاح.

فاجعل ذلك ديدنك، اجعل هذا هو طريقك، ويجب أن تضع برامج يومية تنفذها، مهما كانت مشاعرك، هذه الانضباطات السلوكية - أن أكون فاعلاً ونافعًا لنفسي ولغيري - هي الركيزة الأساسية للتغير المزاجي، وللنجاح في الحياة إن شاء الله تعالى، وأنت أمامك فرصة عظيمة جدًّا لأن تتغير.

أنا أعتقد أن الفكر السلبي هو الذي يُهيمن عليك ويسيطر عليك، ومشكلتنا الرئيسية أننا أحيانًا نقبل الأفكار دون أن نناقشها، ونعتبرها مسلَّمات، لا، هذا ليس صحيحًا، لماذا أقبل فكرًا يدعوني للفشل؟! لماذا أقبل فكرًا يُخفض من معنوياتي ويثبطها؟ لماذا أقبل فكرًا يجعلني أشعر أني ضعيف؟ هذا لا أقبله، أطرده، أحقره، أناقشه، وأضع ما هو منطقي وأفضل، وأسعى سعيًا إيجابيًا.

أنصحك بخطوات عملية:

1) تنظيم وقتك وحسن إدارته.
2) أن تضع لنفسك أهدافًا، وتضع الآليات التي توصلك إليها، ولا تساوم نفسك أبدًا، ولا تتردد.
3) عليك بتقوى الله وبر الوالدين، هي من أعظم الدعائم التي تفيد الشباب في الدنيا والآخرة.
4) ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.
5) القراءة والاطلاع.
6) الصحبة الطيبة هي من الدعائم الرئيسية.

أيها الفاضل الكريم: عقار بروزاك ممتاز، وأنا أعتبره جزئية من العلاج، ما ذكرته لك من إرشاد يمثل سبعين بالمائة من العلاج، وثلاثين بالمائة يمثلها الدواء. أعرفُ أسماء أدوية كثيرة جدًّا، لكن لن يكون من الأمانة أن أنقلك من دواء إلى دواء دون أن نعطي هذا الدواء الفرصة التامة مع الاستفادة من الدعائم السلوكية.

ارفع جرعة البروزاك واجعلها أربعين مليجرامًا في اليوم – وهذه جرعة علاجية ممتازة – استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، ويمكن أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم لا مانع أن تجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

لا أرى أن هنالك تحاليل معينة تقوم بها، لكن قطعًا التحاليل المخبرية أو الروتينية مهمة لكل إنسان، وهذه تشمل: معرفة نسبة الدم، وظائف الكبد، الكلى، السكر، وظائف الغدة الدرقية، مستوى بعض الفيتامينات – خاصة فيتامين ب12، وفيتامين (د) – أعتقد أن هذه هي الأطر الطبية المتعارف عليها، أو ما يسمى بـ (الفحوصات الروتينية).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر حنان

    اشكركم على هذه النصائح ولاكن ليس هاذا ما ابحث عنه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً