الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بتأنيب الضمير لأني خلعت خماري، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة في 17 من العمر، اليوم ذهبت لكي ألتقط صورة من أجل وثائق بطاقة التعريف الوطنية، ولكن المصور قال لي بأنه في حالة التصور بالخمار يجب إظهار الجبين كله، وفي حالة نزع الخمار يجب إظهار الأذنين، ولكني لا أحب إظهار جبيني، فنزعت خماري، والآن أشعر بتأنيب الضمير لدرجة الندم، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rahima mima bechka حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبك على الحق، وأن يُحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يسترك في دنياك وأخراك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة رحيمة – فإنه مما لا شك فيه أن الفتاة المسلمة التي تُحب الله ورسوله تحرص كل الحرص على التزام شرع الله تعالى، ولا تتوسع في الرخص، وإنما تحرص على أن تكون الأمور الضرورية في أضيق حدودها، ولكن قدّر الله تعالى أنك أزلك الشيطان، فبدلاً من أن تفعلي أخف ضررًا فعلتِ الأكثر ضررًا، وهو أن مسألة التصوير بالخمار يظهر منها جزء (الوجه) أما عند نزع الخمار فيظهر الوجه مع الأذنين، معنى ذلك أنه قد ظهر جزء من الرأس، فمعنى ذلك أنك قد جعلت المساحة المكشوفة أكثر وأوسع من الحالة الأولى، وبعد ذلك شعرت بتأنيب الضمير لدرجة الندم، لأنك شعرت بأن الشيطان قد خدعك، وأنك قد توسعت في الرخصة، وتقولين ماذا أفعل؟

أولاً: أحب أن أقول لك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بأن الندم توبة، فكون الإنسان قد ندم على فعل الذنب فهذا إن شاء الله تعالى مقدمة خير.

ثانيًا: لعل الأمر قد جاء بدون ترتيب منك وبدون قصد، وأنك تصورت بنوع من التلقائية والعشوائية دون أن تُدركي الأمر على حقيقته.

ثالثًا: الأمر ما زال في يدك، فالآن ما دام التصوير قد تم اليوم؛ معنى ذلك أن الصور لم تستعمل إلى الآن، فمن الممكن أن تقومي بإلغاء هذه الصور، وأن تلتقطي صورًا جديدة يكون فيها إظهار الوجه فقط مع الجبين، ولا تظهر فيها الأذنان، وبذلك تنتهي المسألة وتعود الأمور إن شاء الله تعالى إلى ما تُحبين وإلى ما ينبغي أن يكون في أضيق حدود الضرورة، لأن الأصل فيها أن المرأة ليست مطالبة بوضع صور في بطاقات التعريف، إلا أنه نظرًا لفساد الزمان، وكثرة المشاكل وكثرة الانحرافات، وظهور أدعياء الالتزام وأدعياء الإسلام، بل بعضهم يلبس النقاب بقصد تشويه صورة المنتقبات، وبعضهم قد يرتكب بعض الجرائم ويقع في بعض التجاوزات كمنتقبة حتى تشوه صورة أخواتنا الملتزمات.

لذا أقول: أصبحت مسألة البطاقة أو الهوية أو الجواز وجود الصورة فيها أمر ضروري، حتى على الأقل لا تلتبس الأمور، فقد تكون الأسماء متشابهة، وقد يؤدي ذلك إلى مشاكل أمنية عظيمة، فوجود الصورة قد يحدُّ من ذلك، وهذا مما عمت به البلوى، رغم أننا لا نقر تصوير النساء أصلاً في أي شيء، إلا أن الضرورة فرضت نفسها والظروف التي نحياها الآن أجبرتنا أن نقول بجواز هذا على اعتبار أنه أخف الضررين وأنه دفع لبلاء أعظم ببلاء أقل منه.

فعليك - إن شاء الله تعالى - أن تستغفري الله تعالى وأن تتوبي إليه، وعليك أن تلتقطي صورًا جديدة ليس فيها ظهور الأذنين، وإنما أقل قدر ممكن من الوجه، وإن بحثت عن مصوّر آخر غير هذا لعل ذلك يكون أستر، حتى لا يكون هناك نوع من التردد، ولعله أن يكون الأفضل نوعًا ما فيصورك بأقل قدر ممكن من ظهور الوجه، والمشكلة ليست مشكلة المصور، وإنما هي مشكلة الدولة والجهة التي سوف تتلقى هذه الصور.

وبذلك يكون معك عدة صور، معك الصور بكشف الجبين، ومعك صور بكشف الرأس كاملاً وبكشف الأذنين، وأسأل الله تعالى أن يوفق القائمين على الأمر ويقبلوا منك صور كشف الجبين فقط، لأن ذلك أستر، وهو الأوفق للفتاة المسلمة التي تحافظ على حجابها الشرعي لأنه جزء من دينها، والتي ترجوا الله أن يسترها في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يغفر لي ولك وأن يتوب عليَّ وعليك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً