الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متميزة وناجحة لكني لم أحصل على ما أصبو إليه.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ترددت كثيرا في أن أرسل لكم مشكلتي, أنا فتاة في الـ23 من عمري، كنت منذ صغري بفضل الله أتميز بميزات جعلت العديد من الشباب يحاول التقرب إلي منذ كنت صغيرة، فوعيت باكرا إلى الإحتياج العاطفي والاحتياج إلى الزوج الصالح الذي يكون سندا لي في حياتي ويحفظني من كيد الشباب.

بتقدير الله استمرت معي هذه الميزات فجعلت المدرسين الشباب في المرحلة الإعدادية يتقربون إلي واستمرت إلى المرحلة الثانوية والجامعية، فكنت في كل يوم جديد أستشعر تقرب أحد الشباب إلى.

تمسكت بتعاليم ربي، وتقربت من الله، ولم أعد أهتم بالشباب المحيطين بي، وبحثت عن النجاح والتفوق والتميز ولم أكترث، ولكن لا أخفي عليكم، فقد كنت أحيانا أتأثر بما يحاول البعض أن يرسمه لي، وظللت طيلة فترة الدراسة على هذا الحال من كل من يتعامل معي، أعرف -بحمد الله- أن الله ميزني بالكثير من الصفات، ولكن لا أخفي عليكم, فقد كان كل يوم يمر بي يزيد من احتياجي للزوج الذي يعينني ويعفني.

إلى جانب أنه كلما ذهبت إلى عرس دائما أسمع السؤال، هل أنت مخطوبة؟ وينتهي الأمر.

بعد التخرج لم أجد عملا، ولم يوفقني الله لذلك، مع أني بفضل الله أمتلك سيرة ذاتية متميزة في وسط أقراني، لم أهتم ولم أترك نفسي حبيسة المنزل، والتحقت بالعديد من الجمعيات الخيرية والنشاطات المجتمعية الفردية ومع الأصدقاء، وفي إحدى الجمعيات، وحضور مجالس العلم.

حدثتني العديد من الأمهات تليفونيا أنهن يردني لأبنائهن أو أقربائهن، وفقط يتوقف الموضوع، ولكن موضوع الارتباط يتوقف على اتصال الوالدة بأمي والتعرف وفقط، لا يتطور الموضوع إلى أكثر من ذلك (إن تطور).

أتت لي أكثر من صديقة بشخص، وبمجرد إعلامي تقول لي في المرة التي بعدها إنه رأى واحدة أخرى.

العديد من الشباب الفاضل يعرب عن رغبته للتقدم لي ثم يختفي دون أي مبرر يذكر، فالكل يوصل لي رغبته بالارتباط، ولا يتصل أو يوصل الموضوع للرسمية.

لا أخفي عليكم فقد أتعبني كثيرا ذلك الأمر، علاوة على أني أشعر أن كل يوم يمر بي ازداد احتياجا للارتباط العاطفي.


اتخذت الأسباب من دعاء وصدقة واستغفار، وحتى الرقية الشرعية، أشعر أن حياتي متوقفة, فالعديد والعديد من أصدقائي يرون أنني مختلفة ومتميزة، وينتظرون خطوات النجاح في حياتي.

تعبت من متابعتهن، ولا أدري كيف أتصرف، لا أخفيكم داخلي نار تتأجج، ومتعبة أشد التعب، ولكن لا أحد يعلم بهذا حتى أمي وإخواتي، أفيدوني رجاءً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ma.. m.. k.. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يحقق أمنيتك، وأن يَمُنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه وكما لا يخفى عليك أن كل ذي نعمة محسود، والحسد من الوسائل التي قد تُعيق مسيرة الحياة، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن العين حق، وأنها تُدخل الرجل القبر والجمل القِدر، ولو كان شيئًا يسبق القدر لسبقته العين.

أنت قد مَنَّ الله عليك بالتميز منذ نعومة أظفارك، ومما لا شك فيه أن هذا التميز تدفعين ثمنه الآن بهذه العين الحاقدة الحاسدة التي عطلت مسيرتك، والتي جعلتك في وضعٍ لا تُحسدين عليه، ولذلك أقول: إنه حقيقة في الواقع لا حل لنا إلا في الرقية الشرعية.

أنت تقولين بأنك قد استعملت الرقية الشرعية، ولكن أقول لك: إن الرقية الشرعية كالطب، وقد نذهب إلى طبيب على قدر كبير من الشهرة، ولكن لم يشأ الله تبارك وتعالى أن يجعل الشفاء على يده، فنذهب إلى ثانٍ وثالثٍ ورابعٍ وخامسٍ حتى يتحقق الشفاء، وهذا كله من باب الأخذ بالأسباب، فقد تكوني أنت جربت الرقية الشرعية بنفسك، ولم تُؤتِي أكلها، قد يكون الشخص الذي ذهبت إليه ليس على المستوى المطلوب، أو لم يشأ الله تبارك وتعالى أن يجعل الشفاء على يده.

لذا فإني أُلح وبشدة على ضرورة البحث عن راقٍ واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة حتى يرفع الله عنك هذا البلاء؛ لأن الرقية هي أساس هذا الأمر، لأني لا أستبعد أبدًا أن تكون هناك عين سامة قد اتجهت إليك، فأدت إلى هذا الوضع الذي أنت فيه، هذا أولاً.

ثانيًا: أوصيك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة، كما أوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا ومثلها مساء، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) مثل سابقتها، كذلك التهليلات المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومثلها مساءً، كذلك الإكثار من قراءة المعوذتين (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) وسورة الإخلاص، وكثرة قراءة آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة فإن من قرأها في يومه أو ليلته كفتاه.

كذلك أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يفرج الله كربتك، واطلبي من والدتك ومن أحبابك من المقربين منك من الصالحين والصالحات الدعاء لك برفع هذا البلاء عنك، وكم أتمنى الاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل (الرقية الصوتية) وهي موجودة على الإنترنت، وتُباع أيضًا في الأسواق، استمعي إليها فإنها مهمة ومكثفة، وأثرها طيب، ولقد استفاد منها الكثير من الخلق.

كما أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - بنية تفريج الكربة وقضاء الحاجة؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال للصحابي أُبي بن كعب الذي قال له: أأجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله – أي أجعل دعائي هو صلاتي عليك – قال: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك).

كل ما أهمّك وكل ما أغمَّك ببركة الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – يزول ما أهمك وما أغمك، ويغفر لك ذنبك.

أكثري من الصلاة على النبي – عليه الصلاة والسلام – بنية دفع هذا البلاء، وبنية أن يُكرمك الله تبارك وتعالى بزوج صالح طيب عاجلاً غير آجل.

الذي حدث معك هو بقدر الله تبارك وتعالى؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، والله تبارك وتعالى جل وعلا قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فأنا أتمنى أن لا يتسرب اليأس أو القنوط إلى نفسك، أو أن تُسيء الظنَّ بربك ومولاك، وإنما اعلمي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا أحب الله عبدًا ابتلاه، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط) والابتلاء قد يكون في البدن، وقد يكون في المال، وقد يكون في المنصب والجاه والسلطان، وقد يكون أيضًا في الزوج والأبناء وغير ذلك، فأنت قد ابتليتِ ابتلاءً شاء الله تبارك وتعالى أن يقدره لك، رفعًا لدرجاتك، وحطًّا لسيئاتك، واختبارًا وامتحانًا لك، فإن نجحت في هذا الامتحان كانت الجائزة الكبرى التي قال عنها مولانا: {إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب}، وقال: {وبشر الصابرين}.

اعلمي أنه لا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن إلا بأمر الله، وأن الأمر كله لله، فلا العين تؤثر وحدها، ولا السحر يؤثر وحده، ولا المسِّ يؤثر وحده، ولكن هذه كلها خاضعة لمراد الله تعالى، فتوجهي إلى الله بالدعاء، واجتهدي في البكاء، وحافظي على وردٍ قراني، خاصة وأن لديك فرصة الآن، اقرئي كل يوم جزء أو جزئين أو ثلاثة من القرآن الكريم مع شيء من التدبر، وبإذن الله تعالى سوف تُحل هذه المشكلات كلها في القريب العاجل، وإني لأتطلع إلى عفو الله تبارك وتعالى أن ينزل بك خلال هذه الأيام، وما ذلك على الله بعزيز.

أسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يحقق لك كل أمنياتك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً