الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب يجعلني أفكر بالانتحار، وأريد حلاً يجعل حياتي تتغير للأفضل.

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، أعاني من اكتئاب شديد جعلني أفكر بالانتحار، ولكن يردني خوفي الشديد من الموت، وماذا يحدث بعد الموت، ويزيد هذا الاكتئاب بشكل كبير في أيام الدراسة.

لدي مشاكل كثيرة، ولكني أعتقد بأنها سخيفة جداً، وليست سبباً لهذا الاكتئاب، كما أنه معروف عني بأني كتومة وغامضة، وهذا صحيح، فلا أذكر أني قد أفصحت يوما عن إحدى مشاكلي، أو أسباب قلقي وخوفي، ولقد حاولت كثيراً البوح، وأعتقد أن عشر سنوات من كتماني عن مشاكلي التي تزيد يوما بعد يوم، واستمرار حياتي بهذه المشاكل التي إلى هذا اليوم لم أجد لها حلاً كافيا بأن يحولني من فتاة مرحة إلى فتاة تسمى بـ (النفسية).

قيل لي أكثر من مرة ربما إنك تبالغين بحزنك واكتئابك، ولهذا وزادت رغبتي بالبوح، ولكن للأسف إلى هذا اليوم لم أجد شخصا أثق به ثقة تجعلني أبوح بكل ما يخنقني، حتى أقرب الناس لي، لا أجده محلا لهذه الثقة.

بالإضافة إلى أني أجد صعوبة في التحدث عن مشاكلي، حاول أكثر من شخص معي بأن أتحدث وأبوح بما يضايقني، ولكن لم أستطع أبدا، كما أنني فقدت الثقة بنفسي بشكل كبير، وهذا أتعبني كثيرا،ً حاولت أن أطور من نفسي، وأقوي شخصيتي، أصبحت أقرأ بهذا المجال، ولكن لم يتغير شيء.

أضف على ذلك: فقد ضعف جسمي، وأصبحت لا أهتم بصحتي أبدا، حتى أصبحت أعاني من آلام متفرقة، كآلام المعدة، والعظام، والرأس، والبطن، والظهر، والصدر، وأعاني أيضا من نوبات دوار بين فترات متفرقة، ولكن عندما أشتكي؛ أشعر بأنهم لا يصدقوني، ويعتقدون بأني أبالغ لكثرة الآلام، أصبحت أتمنى أن يحدث لي شيئاً خطيراً ليشعر أحد بي.

لقد تعبت جداً من حياتي على هذا الحال، أريد حلاً يجعل حياتي تتغير للأفضل.

شكرا لكم، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وأعتقد أن مشكلتك هي ضعف تقدير الذات والخوف من الفشل.

ضعف تقدير الذات قطعًا يؤدي إلى الإحباط، ويُدخل الإنسان في دائرة من التفكير السلبي التشاؤمي، مما يؤدي إلى المزيد من الإحباط.

أنت ذكرت أن لديك مشاكل ولديك صعوبات، وليس لديك أي متنفس ليساعدك على التفريغ النفسي، ولا يوجد من تتحدثين إليه: أنا أعتقد أن هنالك بعض المبالغة في مشاعرك – مع احترامي الشديد لهذه المشاعر – وأريدك حقيقة أن تُعيدي النظر في:

أولاً: في قدراتك، فلا تحقري ذاتك، لأن نفسك - إن شاء الله - عزيزة كريمة، وأنت شابة في مقتبل العمر، يجب أن تكون لك آمال مثل كل الشباب، ويكون لك توجهات إيجابية، تزودي نفسك بسلاح العلم ونور الدين، - وإن شاء الله تعالى - تصلين إلى مبتغاك.

أخذ هذا النمط والمنهجية في الحياة يجعلك تحسين بقيمتك.

ثانيًا: يوجد الكثير من الناس الذين يمكن أن يتحدث الإنسان إليه، المعلمة الثقة مثلاً موجودة، الصديقة الثقة موجودة، الخالة، الوالدة، العمة، كل هؤلاء يجب أن يكونوا مصدر ثقتك، وفي ذات الوقت ليس من الضروري أن يبوح الإنسان بكل شيء، وليس من الضروري أن يكون كل ما لا يُرضينا يسبب مشكلة، لا نكون حساسين أبدًا حيال الأمور، ويجب أن تستعيني بالله، وأن تكثري من الدعاء، وهنالك أدعية تفرج الكُرب وتُريح النفوس، هي من أفضل أنواع المتنفسات النفسية.

تقدير الذات يتطلب منك استشعار أهمية التعليم، أنت ذكرت أنك تتضايقين من المدرسة، وأعتقد أن هذا توجه خاطئ جدًّا، لأن هذا يُدخلك في الخوف من الفشل ومن ثم الفشل، وعلى العكس تمامًا يجب أن تقبلي على مدرستك بكل محبة وأريحية، وهذا يتأتى من خلال استشعار أهمية العلم، وأن تنظمي حياتك ووقتك بأن تنامي مبكرًا، وأن ترتبي دراستك بصورة لا تجعل هنالك تراكمات تفقدك الطريق الدراسي الصحيح.

قطعًا نقطة أزعجتني كثيرًا وهي التفكير في الانتحار، أنا أسمع مثل هذه القصص كثيرًا، وتؤلمني، وأعرف الشباب من أمثالك لا يودون الانتحار، ولكن هذه الكلمة الأليمة المحزنة لا أدري لماذا يستسهل الشباب ترديدها، هي قبيحة جدًّا، الحياة طيبة وجميلة، فما الذي يدفع الناس من أمثالك في التفكير في مثل هذا الأمر؟! إذن هذه الكلمة القبيحة يجب ألا يكون لها مكان في خُلدك وتفكيرك.

اسعي دائمًا لبر والديك، لأن هذا يمثل دعمًا نفسيًا كبيرًا، رفهي عن نفسك بما هو متاح ومباح، ابني علاقات طيبة بالصالحات من البنات، فالمؤازرة والدفع الاجتماعي يشعرك بطعم ولذة الحياة.

أنا لا أرى أنك محتاجة لعلاج دوائي، ولكن لا بأس إذا أُتيحت لك الفرصة أن تقابلي طبيبًا نفسيًا ولو لمرة واحدة، وقد يقوم الطبيب لتحويلك لأحد المختصات في علم النفس السلوكي، وهنا سوف تجدين - إن شاء الله - المتنفس والفضفضة والتوجيه الإرشادي الصحيح.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا محمد العاتي

    السلام عليكم انااشكوو من نفس المشكله واسال الله ان يبعدنااا عن الهموم والغموم وان يصلح أحوالنا وأن يتبتنا علي القول الصالح يارب العالمين وجزاا الله عنا وعنكم جزيل الخير والصبر والسلوان اللهم امين


  • تركيا حمزة

    انا اعاني من نفس المشكلة ولكن والحمد لله خفتلا عني قليلا بد ان التزمت كتاب الله ووجدت الصديق الذي يستطيع ان يسمعني ويساعدني

  • السعودية Fd

    انا في مثل عمرك واعاني هذه الفترة من اكتئاب و وحدة

  • فلسطين المحتلة إنسان مهـدور

    عندما يتم الاجابة على سؤالك بشيء يخص الدين.. ( الدين يتحدث بالمنطق بالشكل العام ) أغمضي عينيك عن هذه الاجابات لانهم لا يرون ما هي مشكلتك ولا لم يصلو ال ما تعنيه!

    ف هذه نظريتهم التي يرون بأنها صحيحة و ان لم تفعلي ما يقولون سيقولوا مخطئة..

    المشاكل النفسية ابداً لا تعالج بالمنطق لان ما هم عليه لا يحدث بالمنطق صحيح انه الصلاة و الاذكار تذهب الهموم لكن عندما يضطرب التفكير و تضطرب المشاعر و تخطلت الامور في بعضها البعض عندها لا يمكن للمنطق ان يحل شيئاً

    لا تتحدثي لأحد عن مشاكلك و همووومك لاحد لانهم لن يفهموا مقصدك ابداً و سيحاولون اثبات رأيهم انه الصح و انت المخطئة و يبدأون في كلامهم لاسخيف كقولهم حاول ان تغير تفكيرك السلبي الى الايجابي " لا تفكر ابداً حاول الاسترخاء " حب نفسك و ثق بنفسك " لقد مررنا بما انت فيه الان و تخطينا هذا الشيء ولم يكن بالصعوبة التي تتحدثين عنها ...

    سيتحدثون و ينصحوك بأراائهم فقط ..

    ربما يكون الطبيب النفسي هو من يقدر على المساعدة في اغلب الاوقات ف هو طبيب و سيحاول ان يرى المشكلة كما انت ترينها و هذا المنطلق يساعد كثيراً في رؤية من يرى الامور كما هي

    و السلام عليكم

  • السعودية عبدالله

    اعاني من نفس الحاله بل واكثر مع قله وجود اشخاص حولي .. لن يفهم الا من يعاني. شكرا

  • مصر عمرو

    يبدو ان الانتحار يطاردنا جميعاً

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً