الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب أن أكون محط أنظار الجميع وأن أكون محل تقديرهم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله جزيل الشكر.

أنا طالبة هندسة حاسوب مجتهدة، وملتزمة، عمري 21 عاماً، أعاني من مرض الوسواس القهري منذ 5 سنوات، وبدأت بالعلاج منذ شهرين، أول شهر علاج سلوكي فقط، وثاني شهر ذهبت للطبيب النفسي، ووصف لي عقار الفافرين 25 غ ليومين، ثم 50 غ 4 أيام، ثم 75 غ لأسبوع، ثم 100 غ، والآن على هذه الجرعة.

الوساوس محتواها جنسية مثلية وطبيعية، علماً أني مخطوبة من دون كتب كتاب، أعاني من رغبتي بلفت نظر الناس، والتكبر على الناس بتحقيرهم والتعالي عليهم، وساوس عاطفية، تكرار الأمور البسيطة عدة مرات للتحقق منها مثل الجمع والطرح، التفكير الطويل بأتفه الأمور، وهكذا بصلاتي وبدراستي، فهي تلهيني وتفقدني التركيز.

بعد علاج 3 أسابيع بالدواء، أصبحت –والحمد لله- أميز الوساوس عندما تأتي، ومقدرة أنها ليست مني، وكم يجب أن أتجاهلها، أي أصبحت عندما تأتي أحتقر وجودها، ولا أعطيها القيمة السابقة، أما الآن فأعاني من:

1) هنالك خفقان سريع بالقلب مزعج ومتعب من أول ما بدأت العلاج السلوكي، وزاد مع العقاقير، فتكون ضربات في أغلب الوقت ومتعبة جداً، أقوم بتمارين الاسترخاء، والأذكار والقرآن، والأعشاب المهدئة، لكن أنا متعبة من الخفقان، هل تنصحونني بدواء يخفف الخفقان؟ ويكون من دون وصفة طبية.

2) الوسواس بالميل الشاذ لزميلة كانت معي بالمدرسة، وكان بيننا كلام غرام، وقبلات ولمسات وشهوة، لا أعلم كيف أتعامل معه، باقي الوساوس لا أتوافق معها أصلاً، أما هذا فيلازمني حبها لسنوات منذ الصغر، بداخلي أرفض الفكرة، وللعلم لي 3 سنوات قطعت الاتصال بها تماماً، وأنا من قمت بذلك لأني لا أرضى ذلك، ولكن الوساوس ملازمة، ومع العلاج أنا أقاومها، لكن هناك حنين ومشاعر حب تشعرني أنه في أي وقت سيأتي منها شيء لن أقاومه، هل هذا من الوسواس؟ أم حب أم ماذا؟

3) النرجسية، وهذا بشخصيتي حيث أحب أن يكون الجو لي، ودائماً أكون محط النظر، وكل ما أقوم به يجب أن يكون التقدير له كبيراً، كل ما أريده حتى لو خاطئاً أحلله لنفسي، والوسواس يستغل ذلك، فتلازمني وساوس لفت النظر.

4) في استشاراتكم السابقة قلتم أستخدم الفافرين، ذكرتم (الجرعة هي أن تبدئي بخمسين مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها مائة مليجرام ليلاً، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها مائتي مليجرام ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم مائة مليجرام ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء)، هل الجرعة هذه لي أيضاً؟ لأني لن أستطيع دفع تكاليف العيادة.

أتمنى أن تفيدوني بما عندكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ soso حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أنت قمت بالإجراء الصحيح حيال محاربة الوساوس القهرية التي تعانين منها:

أولاً: تحديد أنها وساوس هذا في حد ذاته مهمًّا، ويجب أن يكون هنالك رفض تام لها.

ثانيًا: عدم مناقشة الوساوس، إنما تحقيرها والإغلاق عليها تمامًا.

ثالثًا: أنت بالطبع أخذت قرارًا بتناول الأدوية وهذا قرار سليم وصحيح، وقد أعجبني منك كثيرًا.

بالنسبة الوساوس الخاص بتعلقك بزميلتك، وأنك وصفت أن هذا الوسواس هو موافق للـ (أنا)، هذا الوسواس ليس موافقا للأنا بدليل أنك ترفضينه، ولا تقرينه، وتكرهينه، وقطعت علاقتك مع هذه الفتاة منذ ثلاث سنوات، وهذا هو الإجراء السليم، وهذا هو الإجراء الصحيح، وما يأتيك من تحفزات داخلية هو نوع من التعلق ولا شك في ذلك، ولا يمكن أن نضعه في إطار الوسواس، هنا يجب أن تفصلي الأمر بصورة جلية، وتقنعي نفسك أن هذا تفكير كريه وقبيح، -والحمد لله تعالى- أنت لم تقدمي على فعل قبيح منذ أن قطعت علاقتك بهذه الفتاة، وهذا أمر جيد.

إذًا كوني أكثر استبصارًا، قبّحي هذا الفعل وهذه المشاعر، واجعلي نفسك اللوامة تتسلط عليك، وأنت -الحمد لله تعالى- مجتهدة وملتزمة، ولديك أشياء طيبة في حياتك، هذا أعتقد أنه سوف يضعك على المسار الصحيح، لا تنزعجي أن الوساوس لازالت تراودك، فهناك تحسن قطعًا، أنك أصبحت تميزين بين هذه الوساوس، وقناعاتك بتحقيرها قد ازدادت، وهذه خطوة علاجية ممتازة جدًّا.

أنت الآن تتناولين الدواء منذ أربعة أسابيع –حين تصلك هذه الرسالة–، أقول لك أن التحسن الذي طرأ عليك هو تحسن معقول، ومقبول جدًّا خلال هذه الفترة القصيرة، والذي أرجوه منك هو أن تستمري على الدواء، وبعد أسبوعين من الآن ترفعين جرعة الفافرين إلى مائتي مليجرام، أنت الآن على مائة مليجرام، اجعليها مائتي مليجرام، هذه جرعة ممتازة وجيدة جدًّا، ولا أعتقد أنك بعد ذلك سوف تحتاجين للجرعة القصوى –وهي ثلاثمائة مليجرام–، استمري على المائتي مليجرام لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى مائة مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذه الجرعة والمدة هي التي تناسبك، وليست المدة التي أوردناها في أحد الاستشارات السابقة.

أنا متفائل جدًّا أنك سوف تتخلصين من هذه الوساوس تخلصًا تامًا، وذلك استنادًا لما نلاحظه في رسالتك وهو الإصرار وإرادة التحسن، والفعل السلوكي الصحيح، وتجفيف منابع استثارة الوساوس، وتناول الدواء بصورة منتظمة، أضيفي إلى ذلك أن حياتك من الواضح فها أهداف وآمال سامية جدًّا، أسأل الله تعالى أن يحققها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً