الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوضع المادي لوالدي جيد، فهل أعتبر عاقة إن لم أعطه المال؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في الثلاثين من عمري، تقدم لخطبتي الكثير، ورفضهم والدي بدون حجج مقنعة، وأظن أن السبب كوني أعمل وأنفق على البيت، فقد ساعدت والدي في فتح محل تجاري، وأعطيه المال في كل مرة، وأنفق على إخوتي الصغار كذلك، علما بأن لدي أخوين يكبراني في العمر، ولديهم راتب، ولكن لا ينفقون على شيء، ويطلبون مني المال دائما، ولقد أصبح عملي سببا في عدم تزويجي، وأشعر بأنهم يستغلونني، علما بأن عمله لا بأس به، فهل يتوجب علي إعطاء المال لوالدي؟ وهل أعتبر عاقة إن لم أعطه المال؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونشكر لك هذا العطاء للوالد وللإخوان، ولكن ينبغي أن يعلم الجميع أن لهذا العطاء حدود، وأن الإنسان ينبغي أن يراعي ظروف شقيقته وأخته، وأن يعينوك على بلوغ الحلال بالزواج، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد.

طبعًا نحن الآن لا نستطيع أن نقول لا تعطي الوالد، ولكن ينبغي أن تنتبهي لنفسك، وتعملي لنفسك رصيدا من المال، وتعطي الوالد بقدر ما تستطيعين، وتُحسني الاعتذار، ولا ترفضي رفضًا مباشرًا، ولكن حاولي أن تحولي ما عندك من أموال إلى مقتنيات، إلى جواهر، إلى أشياء مفيدة، وساعدي الوالد بقدر ما تستطيعين، وقد أحسنت بما قمت به من مساعدات، وإذا كان الوالد بحاجة؛ فإن مساعدته لابد أن تحصل، ولكن إذا كان غنيًّا ميسورًا ومع ذلك يطلب أموالاً طائلة؛ فعليك أن تُحسني الاعتذار، وتعطيه الممكن والمعقول.

ونحب أن نؤكد لك أن عطائنا للوالد أو للوالدة لا يرتبط بكونهم أغنياء أو فقراء، فالوالد (والوالدة) دائمًا يجدا قيمة في الدرهم والدينار والدولار الذي يجده من أبنائه، لأنه يشعر بأن هذا ثمرة كدِّه وتعبه.

أما بالنسبة لإخوانك أيضًا فينبغي ألا تظلمي نفسك، وإذا استطعت أن تساعدي حتى الآخرين فما المانع، ولكن ينبغي أن يكون ذلك باعتدال، وينبغي أن يكون ذلك في حدود الطاقة والمعقول، فلا تضيعي نفسك، واجعلي لنفسك خبيئة من الأموال تستفيدين منها في مستقبل الأيام، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يفتح قلوبهم حتى يعاونك على بلوغ الحلال.

وإذا كنت تظنين أن المال هو السبب، فطمئنيهم أنك بعد الزواج لن تقصري معهم، وأنك ستقومين بمساعدة الوالد، لأن الزوج سيأتي بأمواله، والزوج هو الذي يتولى الإنفاق، والمرأة ليست مكلفة بالإنفاق حتى لو كانت غنية، بل الزوج هو الذي سيقوم بذلك، فإن سماعهم مثل هذا الكلام قد يشجعهم على قبول الأزواج إذا طرقوا الباب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يبارك في أموالك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.

ونؤكد مرة ثانية: أن طلب الوالدين لا مانع فيه، ولكن الإنسان أيضًا يقدر ظرفه ويحسن الاعتذار ويسمعهم الكلام الطيب، (إن شاء الله يا والدي لن أقصر معك، عيوني لك، كل ما عندي لك، أنا كلي لك، ولكن يا والدي أنا أريد أن أشتري فستانا، أنا أحتاج لكذا)، بهذا اللطف وبهذه الطريقة، ونبشرك بأن برك للوالد وإحسانك إليه ولإخوانك ستجدين له أطيب الثمار، فإن فاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وُجد متكئًا.

ازرع جميلا و لو في غير موضعه ** فلن يضيع جميل أينما زرعا
إن الـجمـيل وإن طـال الـزمـان بــه ** فليس يحصده إلا الذي زرعا


فكيف إذا كان المعروف في الوالد وفي الإخوان وفي أقرب الناس إليك؟

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يعينك على العمل وعلى الوظيفة، وأن يهيأ لك الزوج الصالح الذي يُسعدك ويُنسيك كل الجراحات وكل هذه الآلام والمعاناة، وأن يُسعدك بطاعته، ونكرر شكرنا لك على هذا التواصل مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً