الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طموحاتي وأهدافي كبيرة في الحياة ولكن الرهاب تعيقني.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاما، أعاني من أعراض الرهاب الاجتماعي، فأنا لا أتقبل أن أجلس في مكان به أكثر من شخصين وأكثر وأتحدث معهم، لا أتقبل المزح من الغير، وأشعر بحساسية كبيرة، وقهر كبير إذا مزح معي أحد، وأكثر من المزاح حتى لدرجة أن نفسيتي محطمة من أناس من أصدقائي، أصبحت لا أطيق أن أجالسهم بسبب سخريتهم بي، وجعل الحاضرين يضحكون علي، ولدرجة أنني نقلت من عملي أكثر من مرة لهذا السبب، وأكاد أن أخسر عملي.

لا أشعر بأن لدي شخصية واحدة، وأشعر بأن مزاجي إما أن يكون جيدا فأكون سعيدا، أو يكون سيئا جدا فلا أطيق أي شيء في الحياة، فمزاجي متقلب كثيرا دائما، وبشكل سريع، وأحيانا أشعر بضعف إذا تحدث معي أحد، وكأني لا أستطيع أن أتحدث معه أو أسمع منه، وإذا سخر أحد مني أشعر باحمرار في الوجه وحرارة، وينتابني مثل حالة البكاء والتلعثم، وأن أي كلمة تصدر من أي إنسان بسخرية إذا أردت أن أقول أو أعمل شيئا تجرحني وتحطمني، ولا أشعر أن لدي أسلوبي الخاص الذي يعرفني به الجميع، وأشعر بأنني ضعيف نفسيا وجسديا بالرغم من أن بنيتي الجسديه الآن متعافية كمظهر فقط، لكن كقوة فهي ضعيفة، وأشعر بضيق في صدري، علما بأنه أحيانا يرتفع الضغط لدي، ولكنه ليس مزمنا وكثيرا ما يكون طبيعيا.

أعاني حاليا من دوالي الخصية، وارتخاء للقضيب بعد الانتصاب، وعانيت من عيب خلقي بوجهي، وعملت له جراحة تجميلية بسبب السخرية التي كانت تواجهني وضحكات الآخرين عليّ، ونجحت العملية، وهذا ما يؤثر على نفسيتي أيضا، ويحطم شخصيتي بسبب كثرة تجاربي السيئة، والتي أخسر فيها إما ماديا أو معنويا.

أشعر بالراحة إذا كنت وحيدا، وأشعر بالمتعة إذا كنت وحيدا، أعاني من ضغوط أسرية واجتماعية أشعر أنه لا أحد يتقبلني، وأن حقي يؤخذ، ولكن بعد فوات الأوان أندم، ويراودني شعور بأني لم آخذ حقي، وانفعل كثيرا.

علما بأنني تعرضت لعنف في صغري، حيث إني كنت ضعيف البنية، والكل يشتمني ويضربني، وأن أبي وأمي لم يهتموا كثيرا بتربيتي وكانوا يشتمونني أمام الأقارب.

هذه المشكلة تعرقل حياتي منذ الصغر أتمنى الموت دائما إذا تعسرت أموري، دعوت الله وجربت الكثير من الطرق، ولكن لا فائدة تتكرر معي المواقف السلبية في تفكيري بشكل يومي,
علما بأن طموحاتي وأهدافي كبيرة في الحياة ولولا ظروفي ومشاكلي هذه لأصبحت بحال أفضل.

سمعت عن الزيروكسات واشتريته، فكيف أستخدمه وكم جرعته؟ وهل أستخدمه بعد الأكل وفي أي وقت وما الحل؟ أفيدونا بعلمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Medo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

التجربة الحياتية لا شك أنها مهمة وتؤثر في الإنسان معنويًا وسلوكيًا ووجدانيًا، والتأثيرات قد تكون إيجابية، لكن كثيرًا ما تكون سلبية، والتجربة السلبية يتمخض عنها شعور سلبي إذا عظمها الإنسان، أو جسّدها أو لم يستبدلها بفكر مخالف.

تحسسك حول ضعف شخصيتك، وأن والديك لم يهتموا بك كثيرًا، وكانوا يشتمونك أمام الأقارب: لا شك أنك أخذت هذا الأمر بشيء من التعانف الذاتي، يعني حتى وإن كان فيه شيء من الحقيقة لم تفكر أن والديك لم يُريدا بك شرًّا أبدًا، وأخذت الأمر كأنه يصدر من أي إنسان آخر، وهذا قطعًا أثر على تكوينك العصبي والعُصابي، وأدى إلى هذا الشعور السلبي والشعور بالتشاؤم، والمخاوف الاجتماعية، وافتقاد للكفاءة النفسية.

أنا أعتقد أنك محتاج جدًّا لأن تنتزع هذه الأفكار السلبية، نعم هي ارتبطت بالتكوين الدماغي لديك؛ لأنها حدثت في فترة الطفولة وما بعد الطفولة، وقطعًا هي مرحلة تكوين نفسي مهم في حياة الإنسان، لكنك الآن أنت مدرك، ويجمع علماء النفس المعرفيين - وهم الأفضل من وجهة نظري - أن الإنسان يمكن أن يُبدل كل شيء في ذاته.

الإنسان يمكن أن يغير كل شيء في ذاته، ونعرف أن هذا ثابت قبل أن يقوله علماء النفس، قال تعالى: {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فالتغيير الداخلي هي وسيلة وسلاح فعال جدًّا للإنسان لكي يبدل كل ما هو سلبي ويجعله إيجابيًا.

اجعل لحياتك أهدافا، وأنت - الحمد لله تعالى - لديك طموحات وأهداف كبيرة في الحياة، لكن من وجهة نظري يجب أن تبدأ بالأهداف الصغيرة، الأهداف العملية، الأهداف التي تستطيع أن تنفذها؛ لأن القفز والانطلاق الشديد نحو الأهداف الكبيرة، والتي قد يمازجها شيء من التفكير الخيالي إذا لم تتحقق - وهي غالبًا لا تتحقق - هذا يؤدي إلى شعور سلبي كبير جدًّا، فابدأ بأشياء واقعية، أهداف معقولة، ارسم الخطط التي توصلك إليها، وعليك بالتقيد بالعامل الزمني، هذا مهم جدًّا.

عليك بالصحبة الطيبة، عليك ألا تحمل ضغينة لوالديك، وأن تنظر للحياة بأمل وبقوة وبرجاء.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فالـ (زيروكسات Seroxat) علاج فعال، ممتاز، مفيد، وسليم، ابدئه بجرعة نصف حبة يوميًا، تناوله ليلاً بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها حبة كاملة - أي عشرين مليجرامًا - استمر عليها بانتظام لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق احمد عبد الرزاق

    الحمدلله انا كنت اعاني من هذه الحاله والان بفضل الله وكلام الطبيب قد شفيت ولكم الشكر استاذ

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً