الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خالي مصاب بانفصام هوسي.. فما أنسب الأدوية له؟

السؤال

السلام عليكم

خالي مصاب بالفصام منذ حوالي 30 سنة, عمره الآن 62 سنة, أعزب, جالس في بيت جدتي الميتة وحده, ولا يعمل منذ 30 سنة أيضا, تعالج عند أطباء مشهورين في مصر, وحدثت له آثار جانبية متعددة للعلاجات التي كان يأخذها, مثل أن يظل فمه مفتوحا ويسيل اللعاب منه, وتخشبات في يده, وصعوبة في الحركة.

قبل شهر رمضان السابق كانت حالته مستقرة, وكان ينام فترات طويلة مساء, وكان مستقرا في البيت, وشخصت حالته بأن عنده فصاما وشللا ورعاشا, وكان يتناول:
(Clozapex:lozapine 100 mg) قرصين مساء, و(Sinemet) نصف قرص صباحا.

في شهر رمضان تغير حاله, وأصبح ينام فترات قليلة جدا؛ لأنه يستيقظ للسحور, وعنده فرط في النشاط والحركة, وغلو في الدين, وقبل الصباح (فجرا) يذهب إلى مساجد الأولياء والصالحين يوميا, يدفع للناس نقودا لكي يكلمهم وينصحهم بأن لا يتوسلوا بهم, وعندما نقول له ما هذا الذي تفعله يستشهد بدليل (فأنجينا الذين ينهون عن السوء) كما أنه كان يتنقل بين عدة مساجد في الصلاة الواحدة, مثلا يصلي الظهر في أحد المساجد, ثم يركب مواصلات ويصلي السنة في مسجد آخر بعيد عنه, ويذهب إلى مسجد ثالث, ويقرأ فيه قرآنا, وعندما قلت له ما تفعله خطأ, اتهمني بالكفر, وقال لي حديث: (ورجل قلبه معلق بالمساجد).

كما أنه قام بصرف أموالا طائلة لتفطير الصائمين, على الرغم أن معاشه ضعيف جدا, كما أنه كانت عنده حالة من الهيجان, وعندما نكلمه يصيح, وعندما ذهبنا إلى الطبيب وصف حالته بأنه مصاب بالهوس (Mania) بالإضافة إلى الفصام, وأصبح العلاج كالتالي:
(Clozapex (Clozapine 100 mg) قرصين مساء.

(Neurazine (Chlorpromazine 100 mg) قرصا مساء.

(Prianil C.R.) (Lithium Carbonate 400 mg): قرصا مساء.

(Depakine) (Sodium Valproate 200 mg) ثلاث مرات يوميا.

(Inderal Propranolol 10mg) قرصا صباحا.

بعد شهر من هذا العلاج تحسن الهوس, وأصبح لا يخرج إلى المساجد كثيرا, كما كان يفعل في رمضان, ولكنه يصلي العصر فقط كل فترة في مسجد يبعد عن المنزل حوالي كيلو, وبقية الصلوات يصليها في البيت, ولكن ظهرت عليه أعراض الفصام مرة أخرى, حيث إنه يحدثنا أن الناس تعمل له سحرا, ويضعون له في المنزل عرف ديك, وريش حمام, وأنهم يضعون هذه الأشياء في البيت عن طريق أجهزة متقدمة جدا, وأنهم يصورونه وهو عار في الحمام, وعندما يجلس مع أصدقائه كل شهر يتحدثون عليه كأنهم يعرفون أدق تفاصيل حياته, ولكنه يتغلب على كل هذا عن طريق قراءته لسورة البقرة يوميا.

ذهبنا إلى الطبيب مرة أخرى, فقام برفع الـ (100 Neurazine) من قرص إلى قرصين, علما أنه في رمضان لم تكن لديه أعراض فصام, وكان هوسا فقط, وبعدها أخذ (النيورازين) مع أدوية الهوس, فجاءه الفصام, فذهبنا إلى الدكتور فقام برفع (النيورازين) إلى قرصين.

علما أني عندما أحدث خالي عن الأدوية يقول لي أنه طالما (الكلوزابكس) موجود فهذا هو المهم, وإذا كتب لي الدكتور أي أدوية أخرى غيره فلن آخذها, أما إذا كتب لي أدوية أخرى معه فسوف آخذها.

الأسئلة:
1.العلاج الحالي يحتوي على عدة أدوية لعلاج حالة واحدة مثل (الكلوزابكس) و(النيورازين) لعلاج الفصام, و(الديباكين) و(البريانيل) لعلاج الهوس, وقد قرأت لك سابقا أنه يفضل استخدام دواء واحدا فقط فعالا لكل حالة.

فنرجو منك مساعدتنا بكتابة دواء وحيد للفصام, ويساعد على النوم أيضا (نرجو عدم كتابة سيركويل حيث إنه أخذه من قبل ولم يسترح عليه) ودواء وحيدا للهوس تكون آثارهما الجانبية أقل ما يمكن, وفعاليتهم مؤكدة, مع كتابة الجرعة المطلوبة لكل دواء, وهل يأخذ معهم (اندرال) أم (سيناميت) وما الجرعة المطلوبة أيضا؟

2.هل المريض بالفصام الذي يتناول الأدوية المضادة للذهان بعد فترة جسمه سيتكيف على الأدوية, ولا تؤثر فيه, وبالتالي يجب أن يرفع الجرعة أو يغير الدواء أم أنه من الممكن أن يستمر على دواء واحد وعلى جرعة واحدة مدى الحياة؟

3.هل (الاندرال) بديل (للسيناميت) -للرعاش-؟

4.هذا الرجل يشكو من الوحدة, ويرغب في الزواج, يريد زوجة تخدمه أساسا, حيث إنه تعود منذ الصغر أن لا يخدم نفسه, كما أنه أصبح كبيرا في السن, ويحتاج إلى من يساعده, وفي نفس الوقت تشاركه الحياة, ولكن الطبيب قال لنا إن هذا الرجل ممنوع أن يتزوج, وإذا تزوج وجاءه الفصام فسوف يتهم زوجته بالخيانة, وأنها هي التي تفعل السحر, وتنقل أخباره, وقد يرتكب بها جريمة, كأن يقتلها أو غير ذلك؛ لذلك قال لنا هذا الرجل ممنوع من الزواج, وإياكم أن تسمعوا لكلامه, فهل هذا صحيح؟

5.هل الوحدة تؤدي إلى انتكاسة مريض الفصام (على الرغم من تناوله للأدوية)؟

أرجو المساعدة ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد هاشم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك اهتمامك على أمر خالك، وثقتك في موقع إسلام ويب، وقطعًا خالك العزيز قد عُرض على عمالقة في الطب النفسي في مصر، ونحن -إن شاء الله تعالى– نشارك ببعض الأفكار من خلال خبرتنا المتواضعة، نسأل الله تعالى أن ينفعه بذلك.

خالك واضح أنه يعاني مما يعرف بالفصام الوجداني من النوع الهوسي، وهذا ليس مستغربًا، المريض قد يظل فصاميًا لسنوات ويكون الجانب الوجداني في طي الكتمان، بعد ذلك يظهر على السطح, هذا نشاهده في بعض الحالات، خمسة إلى عشرة بالمائة من مرضى الفصام قد تظهر لديهم أعراض وجدانية هوسية كانت أو اكتئابية.

أنا أعتقد أن الخال العزيز محقّ حين قال أن عقار الـ (Clozapex) هو الأفضل بالنسبة له، وهو بالفعل الأفضل؛ لأن هذا الدواء في الأصل مضاد لمرض الفصام، مضاد للهوس، وهو الدواء الوحيد الذي لا يزيد من أعراض الشلل الرعاشي، فهو دواء متميز، لكن له مشاكله كما تعرف، قد يرفع من مستوى السكر في الدم، قد يزيد من الدهنيات، يؤدي إلى زيادة في الوزن، وفي بعض الحالات قد يُنشط البؤرات الصرعية لدى بعض الناس، لكنه قطعًا دواء رائع جدًّا، وكل من يتناوله يجب أن يكون تحت الرعاية الطبية.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الجرعات المناسبة من الـ (Clozapex)؟ .. أعتقد من وجهة نظري المتواضعة أيضًا أن جرعته يجب ألا تقل عن خمسمائة مليجراما في اليوم، هذه الجرعة سوف تكون جرعة علاجية تتصيد الأعراض الفصامية، وكذلك الأعراض الهوسية، وتمنعه من الدخول في القطب الاكتئابي، لأنه ما دام قد أُصيب بالهوس فليس من المستبعد أن يسقط في القطب الاكتئابي أيضًا، لكن الـ (Clozapex/ Clozapine) متميز في هذا السياق، وأضيف أيضًا أنه هو الدواء المناسب جدًّا لعلاج من يعانون من الشلل الرعاشي.

ربما يكون من المستحسن أن يُدعم الـ (Clozapine) بعقار رزبريادون بجرعة واحد مليجرام يوميًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى اثنين مليجراما ليلاً، وهنالك من يرى أن عقار (سوليان) والذي يعرف علميًا باسم (إميسلبرايد) أيضًا قد يكون عقارًا جيدًا لمحو الأفكار الاضطهادية الظنانية.

هذا الأمر قطعًا –أي ما أفدتُ به– هو مقترحات أفضل, وأتمنى أن تُناقش مع أحد الأساتذة الذين يشرفون على علاجه في مصر.

بالنسبة للأسئلة الأخرى: هل مريض الفصام الذي يتناول الأدوية يتكيف جسمه بعد فترة؟ .. هذا الأمر فيه الكثير من الخلاف، ولكن الشيء الأغلب والأكثر قبولاً هو أن هذه الأدوية لا تسبب الإطاقة –يعني أن المستقبلات العصبية سوف تتفاعل معها بطريقة إيجابية– بشرط أن يكون هناك استمرارية في العلاج, هذه هي الإجابة، ويمكن للمريض أن يستمر على دواء واحد مدى الحياة بشرط أن يتم التحكم في الجرعة.

هل الإندرال بديلاً للـ (سيناميت) لعلاج الرعاش؟ .. الإندرال ليس من الأدوية التي تعالج الشلل الرعاشي أبدًا، الإندرال يعالج الرعشة التي تحدث من الانفعالات أو زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية، أو تكون موجودة في الأسرة كما نشاهده في بعض الحالات.

قطعًا أنه يشكو من الوحدة ويريد الزواج، أنا شخصيًا أحترم رأي الأخ الطبيب الذي حتم ألا يتزوج هذا الرجل، لكن هذه الحالات يجب أن يتعامل معها على حدة، كل حالة تعامل على حدة، أنا شخصيًا لديَّ الكثير من مرضى الفصام الذين تزوجوا وعاشوا حياة طيبة، لكن الشرط الذي أضعه دائمًا هو أن تعرف الزوجة علة هذا الرجل، وتأتي وتقابلنا ونوضح لها كل شيء، وكيف أنها يمكن أن تكون وسيلة لمساعدته في أشياء كثيرة، وأعرفُ من تزوجوا ومن أنجبوا وعاشوا حياة سعيدة جدًّا.

ربما الرأي الأرجح هو أن تتاح له فرصة الزواج بشرط أن يعرف الطرف الآخر كل ما به وكل ما عليه، ويكون هنالك قبولاً كاملاً، أما أن الزواج سوف يكون سببًا في استثارة الغيرة المرضية فيما يخص الخيانة الزوجية لديه، فهذا ليس شرطًا من وجهة نظري.

الوحدة قد تؤدي إلى الانتكاسة، وكذلك شدة الإثارة، مريض الفصام لا يتحمل لا هذا ولا ذاك، لذا يجب أن نضعه في وضع وسطي بقدر المستطاع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ولك الشكر والتقدير على اهتمامك بأمر خالك هذا، والذي أسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر طارق المصري

    رد جميل ومفيد جدا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً