الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أثبت على التوبة والاستقامة وأتخلص من وساوس الرياء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي بعض الأسئلة وهي:

1- أنا في كثير من المرات عندما أكون ذاهبا للمسجد، أو أعمل أي نوع من الأعمال الصالحة تكون نيتي لله، ولكن أحس أني أعمل ذلك رياء، ودائما تراودني هذه الأحاسيس.

2- أنا و-الحمد لله- تبت لله ولكن أريد بعض النصائح لكي تساعدني على الثبات والاستقامة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيهَا الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك الهداية والصلاح، وأن يرزقنا وإياك الإخلاص لوجهه الكريم في كل ما نقول ونعمل، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياك على الدين حتى نلقاه.

نشكر لك اهتمامك بتقويم نفسك ومحاسبتك لها، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وحسن في إسلامك، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

أما عن السؤال الأول، فالجواب –أيهَا الحبيب– هو أن تعمل العمل ابتغاء وجه الله، وتجاهد نفسك على استحضار النية الصالحة وابتغاء الثواب من الله، مع استحضار أن الناس لا يضرون ولا ينفعون ولا يضعون ولا يرفعون، فإن الله عز وجل هو الضار النافع المعطي المانع، وهو سبحانه وتعالى الذي يرفع من يشاء ويضع من يشاء، فتوجه بعملك إليه، ثم لا تلتفت بعد ذلك إلى ما يوسوس به الشيطان إليك من أنك تقصد رياءً أو سُمعة، فإن الشيطان يحاول أن يُدخل الحزن إلى قلبك، ويثقل عليك الأعمال الصالحة بحجة أنك لم تُخلص فيها ولم تبتغِ بها وجه الله، ومن ثم لا ترجو من ورائها نفعًا ولا خيرًا، بل قد تكون عذابًا ... إلى غير ذلك من الحيل الشيطانية التي يحاول أن يصدك بها عن سبيل الله، ويزهدك في طاعة الله، فكن منها على حذر.

لكن مع هذا ينبغي أن تكون حريصًا على محاسبة نفسك، متهمًا لها على الدوام، لكنها تُهمد أن يحاول الإصلاح والاستزادة من العمل الصالح وعدم الركون إلى ما يفعله من الخير، حتى لا يُصاب بالغرور.

أما أن يكون الخوف من الرياء حاجزًا لك عن العمل الصالح فهذا من حيل الشيطان وتلبيساته، فاحذره على دينك.

وأما التوبة فإنا نهنئك بتوبتك، ونسأل الله تعالى أن يثبتك عليها، وكن على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى سيقبل منك توبتك إن كنت صادقًا فيها واستكملت أركانها، وذلك بأن تندم على ما فعلت من الذنب، وتعزم على ألا ترجع إليه في المستقبل، مع تركك له في الزمن الحاضر، فإذا فعلت ذلك قبل الله منك، فإنه سبحانه وتعالى قال عن نفسه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في سنن ابن ماجة: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

ومن عوامل الاستقامة التي تعينك على الثبات على التوبة: البيئة الصالحة، فاحرص على تبديل بيئتك التي كنت تعمل فيها السيئات ببيئة خير منها وأفضل وأصلح، وهذه وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه أمرنا باختيار الأصحاب والجلساء، وقصَّ علينا -صلى الله عليه وسلم- قصة الرجل الذي قتل مائة نفس ثم جاء تائبًا فأمره العالِم أن ينتقل إلى قرية غير قريته سيجد فيها أناسًا يعبدون الله تعالى فيعبد الله معهم.

فهذا منهج إصلاح ينبغي أن نتبعه، وهو أن نستبدل الرُّفقة السيئة برفقة صالحة، ونحرص على جلساء يكونون خيرين، يعلمونك إذا جهلت، ويذكّرونك إذا نسيت، وينبهونك إذا غفلت.

أشرك نفسك في برامج الشباب الصالحين، فإنك ستجد في ذلك -إن شاء الله تعالى- والاشتغال به عونًا لك على طاعة الله وملء وقتك بالشيء النافع، ويصونك -بإذن الله تعالى- على الوقوع في معاصي الله.

حاسب نفسك على فرائض الله تعالى على الدوام، سواء فرائض الفعل أو فرائض الترك، وبادر إلى الأعمال التي قد سبق تركك لها، واقضي ما فاتك منها، وبذلك ستجد نفسك منشغلاً بعمل ينفعك عند الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يعينك، وأن يأخذ بيدك، وأن يجعلك مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً