الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ينتقل المرض النفسي بالوراثة؟

السؤال

بداية أشكركم على مساعدتكم وجهودكم, جزاكم الله خيرا.

أعاني من عدم الثقة بالنفس, ومن الخوف من المواقف الاجتماعية, وطوال طفولتي كانت تعيسة بسبب والدي؛ لأنه هو الآخر يعاني من اكتئاب ثنائي القطب, ودائما كنت في جو مشاكل كثيرة جدا بين والدي ووالدتي, سببت لي ضيقا نفسيا كثيرا, وكونت شخصيتي التي لست راضيا عنها، ثم تزوجت, وتركت المنزل, ولكني ما زلت أتحمل مسؤوليتهم, ومسؤولية علاج والدي من الاكتئاب الذي لديه منذ أن كنت صغيرا, ولكن استمرت المشاكل في شخصيتي, ومنذ فترة ارتفعت أنزيمات الكبد لدي, وارتفع الضغط عندي, وارتفع الكوليسترول؛ فكتب لي الدكتور دواء (كرستور وتريتاس) نصف قرص, وأيضا أنا مصاب بالقولون العصبي.

منذ أسبوع تعرضت لموقف يتطلب فيه أن أكون اجتماعيا, ومجرد شعوري بذلك أصبت بقلق وفزع شديد, وفقدت السيطرة على نفسي من الخوف, وأصبت بسرعة نبضات القلب, وعدم القدرة على الوقوف.

هذه ليست أول مرة, ولكنها أشدها, وزادت مشاكل العمل, وأشعر بأن الجميع يقلل من قدري بسبب طيبتي الزائدة -كما يقولون-, لا أريد أن أبقى هكذا, ولا أريد أن يفهم الناس طيبتي بأنها ضعف, فهذا يقلل من ثقتي بنفسي كثيرا, وأشعر بأنني ضعيف, وأن الناس تستخف بي, وتتلاعب بي.

أيضا هذه مشاكل والدي وحالته النفسية, ومسؤوليتي نحو والدي, رغم أني متزوج, ومنفصل عنهم, وقد قررت أنا وزوجتي أن أذهب لطبيب نفسي, وأنا خائف من العلاج النفسي, وأن أصبح مريضا نفسيا, وأن لا أشفى إلا بالأدوية كوالدي, وقد كتب لي الطبيب هذه الأدوية بالجرعات الآتية:

- (استيكان) نصف قرص.
- (ستلاسيل) قرصا صباحا ومساء.
- (ليبراكس) قرصا صباحا ومساء.
- (اندرال) 10 أقرص صباحا, ولمدة أسبوع, وقال لي إن هناك جلسات سلوكية, كشق ثان من العلاج بعد العلاج الدوائي, ويجب أن نأخذ عامل الوراثة في الاعتبار.

أسئلتي: ما حالتي؟ وهل هي صعبة؟ وهل هذه الأدوية دائمة أم مؤقتة؟ وأنا لا أريد أن أعيش حياتي بالأدوية كوالدي, وهل لهذه الأدوية أضرار؟

علما أني لم أُعِد التحاليل (للكوليسترول ولأنزلمات) الكبد وغيرها بعد العلاج, وأنا الآن بدأت بممارسة الرياضة بشكل يومي, ولم أبدأ العلاج بعد, فما رأيكم بالمرض النفسي بالوراثة؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأعتقد أنك تعاني فقط من نوع من قلق المخاوف بدرجة بسيطة، لكن طريقة تفكيرك السلبية والتي فرضتها عليك الظروف نسبة لمرض والدك، أعتقد أنها أدت إلى تشعب وزيادة نسبية في أعراضك، فأريدك أن تكون أكثر تفهما لذاتك, وأنت الحمد لله لك ميزات كثيرة، وأنت لست بأقل من الآخرين، ومسؤليتك حيال والدك يجب أن تعطيك دفعا إيجابيا، ويجب أن لا تعتبرها وبالا عليك، على العكس تماما، فتح لك بابا من أبواب الجنة، وذلك من خلال برك بوالدك والرفق به، والحرص على علاجه، وهذه فرصة عظيمة جدا، والإنسان حين يكون نافعا لنفسه ولغيره، هذه قمة الروعة.

أخي الكريم: بدل مشاعرك السلبية واجعلها إيجابية، وبالفعل أنت لديك ثوابت إيجابية، وأهمها هذه المسؤولية تجاه والدك.

الشيء الآخر أنا أرى أنك قد لا تكون محتاجا للعلاج الدوائي لفترة طويلة، ولكن ليس هناك ما يمنع أن تتناول العلاج الذي وصفه لك الطبيب، لأنها بالفعل سوف تكون قاعدة تنطلق منها نحو العلاجات السلوكية، والعلاجات السلوكية هي الشيء الذي ذكرته لك، أن تكون إيجابيا، أن تعرف أن لديك رسالة في الحياة، أن تعلم أن اهتمامك بوالدك هي فرصة عظيمة وجميلة وسوف تطور من مهارتك خلالها، وفي ذات الوقت لك الأجر عند الله تعالى، وأنت أهل لتحمل هذه المسؤولية، وأن ترتب وقتك وتنظمه، وتحرص على عبادتك، وتكون راعيا ورحيما بأمور زوجتك، وهكذا هي الحياة، وهذا لا ينقص منك شيء، فلديك القدرة على أن تستفيد من طاقتك النفسية الداخلية.

بالنسبة لتحاليل الكولسترول والكبد، هذه لا تشغل نفسك بها كثيرا، فقط عليك بالرياضة كما تفضلت، ويمكن أن تكرر هذه الفحوصات بعد 6 أشهر.

بالنسبة للأثر الوراثي في الحالات النفسية هذا الموضوع حوله الكثير من الخلاف، لكن الحقائق الثابتة أن الأثر الوراثي لا يورث، إنما الاستعداد له قد يصيب بعض الناس، مثلا إذا كان الوالد والولدة لأي شخص كلاهما مريض بمرض نفسي، أقصد مرضا أساسيا وليس القلق والتوتر والأشياء البسيطة كهذه، فهنا احتمالية أن يصاب الأبناء هي احتمالية 40 %، لكن إذا تهيئت الظروف الممتازة والظروف الصحيحة، واستطاع الإنسان أن يبني شخصيته، وأن يكون مثابرا، وأن يطور مهاراته فهنا تتقلص فرص الاستعداد للمرض، إذن لا يوجد إرث مباشر, وإنما الذي قد يورث هو الاستعداد للحالة المرضية إذا توفرت الظروف الأخرى، فإذن نستطيع أن نقول إن الأثر الوراثي قد ينتفي في مثل حالتك إذا كنت حريصا على أن تكون فعالا وتطور مهارتك وتكون صاحب همة عالية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل لك التوفيق والشفاء والعافية والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا جديد قديم

    فرج الله كرب كل مهموم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً