الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي الخوف والخجل وبسببهما أتجنب مخالطة كل الناس

السؤال

بعد الصلاة والسلام على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لكم؛ لما تقدمونه من استشارات مفيدة، جعله الله في ميزان حسناتكم، وبعد:

مشكلتي هي: الخوف والخجل الذي أعتقد أنه غير طبيعي، فعندما أكون في الجامعة أو أماكن التجمعات تجدني صامتا وخائفا من أن يحرجني أحد، أو أكون بمكان سخرية فأتصبب عرقا وتتزايد نبضات قلبي.

هذه الأعراض التي تنتابني بسبب الخوف، جعلت مني إنسانا ضعيفا فاقدا للثقة، وحيدا كئيبا، وأصبحت أتجنب الناس وأتغيب عن الدراسة، وعن أي شيء به مخالطة للناس، حتى أهلي أحيانا لا أستطيع أن أتحدث معهم بارتياح، فمجرد أن تظهر علي أعراض الخوف تجدني أتجنبهم وأخرج منهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا.
بعض الناس عندهم شيء من الخوف أو الخجل، وربما الذي قد يصل لحد الرهاب الاجتماعي؛ حيث يشعر الشخص بالانزعاج عندما يضطر للقاء الناس أو الحديث أمامهم، وخاصة الجمع الكبير من الناس، وقد يترافق هذا الانزعاج بالتوتر والارتعاش والتعرق، وبرودة اليدين، وتسارع خفقان القلب، وربما الشعور بالغثيان... وكل هذا وغيره قد يدفع الشخص لتجنب الأقرباء والناس والأماكن العامة، أو تناول الطعام أمام الناس، فنجده يفضل الجلوس في البيت وعدم الاختلاط بالآخرين.

والمشكلة أن التجنب يزيد المشكلة، ولا يحلّها.

ومن أجل علاج الأمر لا بد أولا: من وضوح التشخيص فهو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.

ومن أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو: العلاج المعرفي/السلوكي، وكما هو واضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبان، الجانب المعرفي، والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب عن الاجتماع بالآخرين ومخاطر هذا الاجتماع، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية.

بينما يقوم الجانب السلوكي على إعادة تعليم المصاب ببعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، يقوم المصاب بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن التي يتجنبها عادة ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا، ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.

وبالإضافة لهذه المعالجة المعرفية السلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف أحيانا أحد الأدوية، لا أقول: التي تعالج الرهاب، وإنما تحسن من ظروف العلاج، حيث يبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي كما ذكرت.

وهناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالة الشخص بالشكل الشامل والمناسب.

والأغلب أنه يمكنك علاج نفسك بنفسك عن طريق عدم التجنب، وإنما بالإقدام والخروج ولقاء الناس، والأكل أمامهم، حيث يمكنك القيام بهذا بالتدريج، فابدأ باللقاء ببعض الأقرباء وربما لقائهم في أماكن عامة... وهكذا حتى تعتد على ذلك، ومن الطبيعي ألا يكون الأمر سهلا في البداية، إلا أن الأمر يتحسّن مع الوقت.

ولكن إن طالت معاناتك، فأرجو أن تقوم بمراجعة طبيب أو أخصائي نفسي صاحب خبرة.

وأدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً