الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أجعل طلابي في المدرسة طلابا متميزين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مدرس رياضيات، وهذه المادة صعبة بالنسبة للتلاميذ، أتمنى أن أكون داعية وسطهم، لكني أضطر أحيانا للصياح عليهم ومعاقبتهم.

من فضلكم أريد نصائح لإنجاح الوظيفة التربوية، والوظيفة العلمية؟

أتمنى أن أكون جيلا مسلما متفقها في دينه ودنياه.

نفع الله بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فأحب أن أبيِّن لك بداية أن مهنة التدريس هي وظيفة الأنبياء والمرسلين، ولذلك بعث الله تبارك وتعالى أنبيائه معلمين ومبشرين، يُبينون للناس ما نُزِّل إليهم، فهنيئًا العمل في هذا المجال الرائع، الذي به تُصنع العقول وتصقل المهارات وتُحدد أنماط السلوك وترقى المجتمعات، وأسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يأخذ بناصيتك إلى ما فيه خير طُلابك، وما يعينك على نفعهم وفائدتهم.

مما لا شك فيه أن مهنة التدريس ليست بمهنة عادية، لأن المهندسين وغيرهم يتعاملون مع الأحجار، أما المدرس يتعامل مع العقول ومع الأفكار والمشاعر، فلا بد أن يتصف أولاً بالصبر الجميل، لأن قيادة الناس وتغيير أنماط سلوكهم وإكسابهم مهارات لم يعرفوها من قبل ليس بالأمر السهل، ولذلك اختار الله خيرة خلقه وصفوة عباده لعملية التعليم، ألا وهم الأنبياء والمرسلون، فهم خيرة الخلق بلا نزاع كما هو معلوم، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (فأنا خيار من خيار من خيار).

فإذًا أول شيء هو التمتع بالصبر الجميل، لأنه مما لا شك فيه يقف بين عدد ليس بالقليل من أبنائه، وهؤلاء بينهم فوارق فردية مما لا شك فيه، وبينهم ظروف اجتماعية متباينة، وبينهم أيضًا مستوى من الذكاء ليس بواحد، ومن هنا فإن الصبر الجميل يؤدي إلى استيعاب هذه الاختلافات كلها والسيطرة عليها.

كذلك أيضًا إذا أراد أن يكون المعلم ناجحًا صاحب رسالة دعوية أن يكون مُلمًّا بمادته إلمامًا جيدًا، لأن الطلبة يعرفون المدرس الضعيف من المدرس القوي، فإذا كان مُلمًّا بمادته، لديه القدرة على إيصال المعلومة، فإنه بذلك يجبر هؤلاء الطلاب على احترامه، لأنهم سيشهدون له بذلك.

كذلك أيضًا خبرته في عملية التدريس وإيصال المعلومات لا بد أن يكون على قدر عال، فلا بد أن تطور نفسك -أخي الكريم الفاضل محمد – وأن تتعرف على الوسائل التي بها تصل إلى قلوب أصحابك.

كذلك أيضًا مما ينبغي للمعلم الداعية أن يكون قوي الشخصية، لا يكن هزليًا ولا ضعيف الشخصية حتى لا يستخفَّ به الطلاب، لأنه إذا استخفوا به ما استفادوا شيئًا، قوي الشخصية مع التواضع، لأن قوة الشخصية شيء والتواضع شيء آخر، ويتلمس الأعذار لطلابه، فإذا أخطأ طالب وكان خطؤه عفويًا غير مقصود؛ فيعفى عنه.

ويحاول أيضًا أن يُثني على الطلاب المتميزين، وعلى ذوي الأخلاق العالية الراقية، كذلك عليه أن يهتم بمظهره، كذلك أيضًا عليه تشجيع طلابه دائمًا وعدم تثبيطهم، حتى وإن كانوا ضعفاء، حتى وإن كان الطالب ضعيفًا، فأنت تستطيع أن تفجر طاقاته بكلماتك الإيجابية الرائعة، عندما يقول (أنا لا أعرف الرياضيات) قل له (خطأ، أنت تعرف ولكنك ما حاولتَ أن تستغل المهارات التي أكرمك الله بها، وأنا سأجلس معك بعد الحصة أوضح لك) وتحاول أن تنظم لهم أوقاتهم وكيفية المذاكرة وغير ذلك.

أيضًا أتمنى أن تقدم لهم دائمًا المادة مخلوطة بالحسِّ الإسلامي، عندما تتكلم عن الأعداد تأتي بأعداد من القرآن، تأتي بأعداد مثلاً من السنة، تأتي ببعض المواقف الإسلامية التي تؤكد النظرية التي تتحدث عنها.

كذلك أيضًا تحاول أن تجعل وقتًا ولو قليلاً لبعض القصص الشبابي المتميز من جيل الصحابة –رضي الله تعالى عنهم– والتابعين، وأن معظم الصحابة كانوا شبابًا في أمثالكم، وأنهم فتحوا الفتوحات العُظمى التي غيّرت وجه التاريخ، فلا ينبغي عليك أن تنتقص من نفسك أو تحطَّ من قدرك، وإنما أنتم لديكم طاقات رائعة، وأنتم ستكونون جنودًا لهذا الدين العظيم.

مثل هذا القصص وتدعيم هذا الكلام الرائع بقصص متميز، أعتقد أنك بذلك ستصل إلى قلوبهم وبقوة، لأن الجميع يُحبون القصص، فاحرص على أن تقرأ في قصص الشباب المسلم الصالحين، سواء كان ذلك من الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم، والهمة العالية، بأن الإمام مالك حفظ الموطأ في كذا ليلة، والشافعي –عليه رحمة الله تعالى– كان يحفظ الصفحة في ثوانٍ ودقائق معدودات، كذلك الإمام أبي حنيفة، والإمام ابن تيمية.... هكذا اذكر لهم دائما مثل هذا القصص المحفز والذي يرفع الهمة ويشحذ العزيمة, وأكثر من الدعاء لهم وعاملهم كرجال كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس رضي الله عنهم.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات