الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تربيت بين بناتٍ وأخاف من الفشل.

السؤال

السلام عليكم

أبلغ من العمر أربعين عاما، ترتيبي في الأسرة الثالث أو الأوسط بين أربع من البنات، وأنا الذكر الوحيد، تربيت على الحياة الناعمة، أو تلبية طلباتي، وأنا عصبي وأصر على ما أريد.

لم أكن أعتقد أني كنت أعاني من وجودي بين بنات، وكنت أحب التميز، وكان والدي مشغولا عني بعمله، وكنت أعمل ما أريد، لم يكن يعطيني مالا كثيرا أو يشتري لي أشياء، إنما كان يتركني أعمل ما أريد بإهمال منه، وعصبية مني، لا أعلم؟

المهم وصلت إلى المرحة المتوسطة وأصابني خوف شديد من أن أفشل في اختبار السنة الأخيرة من الإعدادية، وتعبت وصارت لدي أفكار غريبة، هل ممكن أفشل، وهل ممكن يكون الله كاتب هذا عنده، وإذا كان كاتبا هذا عنده ما العمل؟

أصابتني حالة غريبة حتى ذهبت إلى طبيب باطني، وأعطاني حبوبا كانت للمعدة والقولون، تحسنت وعشت حياة طبيعية مع وجود جميع المشاعر السابقة من محاولة إثبات نفسي أني متميز، وأنني رجل.

كنت حينها قاسيا على نفسي، ودائما أريد شيئا أظهر به أمام الناس أني مميز، ولكن هذا سبب لي إحباطا وشعورا أني أحاول أن أوجد لفسي مكانا، ولكن كنت أفكر لوحدي، ووالدي لم يوجهني في شيء، وكنت أحاول دراسة الكثير من الأشياء، ربما لأني أستعجل الثمرة.

مررت بمرحلة صعبة بعد العشرين من عمري، وأصابني خوف شديد من الأمراض المعدية، وحاولت الخروج من الوساوس بطريقتي، وعلاج "الروحانين" ولم أكن أعلم أن ما بي هو مرض نفسي، وكنت أخاف وأكثر من الوسواس، وأحاول أن أكون طبيعيا، ولكن هذا يسبب لي ضغطا نفسيا كبيرا.

هذه النقطة التي الآن تتعبني، وأريد جوابا واضحا فيها، هل لو أن أحدا دخل الحمام للحلاقة وجرح نفسه ثم خرج وصافحني أو لمس حاجة وأنا لمستها بعده هل هذا معد، وينقل الفيروسات؟

ما زلت أعاني من مشكلة التضارب في التفكير، أقول لنفسي: كل الناس تتقابل في المناسبات والأفراح وأكيد قبل مجيئهم منهم من حلق من شعر جسمه، ويوجد منهم من جرح.

أريد أن أعيش كإنسان طبيعي، أشعر أن هذا التفكير غير طبيعي، كل ما يزعجني أني أخاف الشك في نقل عدوى، وأعود إلى الحالة التي انتابتني في العشرينات من عمري، من عمل تحاليل، وخوف وقلق، ودائما أحمي نفسي من أجل أن لا أعود مع وجود هذه الأفكار أني أخاف من حضور المناسبات، ولكني أحضر إذا لزم الأمر وأغسل يدي وأتوكل على الله، ولا يحصل شيء.

صادفتني مواقف، ومشت الأمور، لأني أخاطب العقل والدين، والحمد لله أن أنجح، ولكن المشكلة أني أريد أن أرتاح من هذا الموضوع، ومشكلتي أني باحتمال بسيط أنزعج، وأفضل الجانب الأمني والاحتياطي.

هل الجروح البسيطة لو أن المجروح مسح يده أو غسلها وبعد ذلك لمس شيئا ولمسته أو لمس أشياء كثيرة ولمستها تشكل خطرا؟

الآن تزوجت، وعندي ولدان وبنت، وأعمل مع والدي، ووالدي بصحة جيدة، وهو يحب أن يكون هو الإداري لكل شيء، وأنا أرى وضعي مهمشا، وأعيش مع والدي ووالدتي، ولكن عملي فقط أن أختار الموديلات، وأرتب المحل فقط، وهو من يدير المحل ويبيع ويشتري، تعبت من أني لم أحقق ذاتي إلى الآن، تعبت من وضعي، حاولت البحث عن عمل بعيد عن والدي، ولكنه يريدني معه، وأنا محتار، تعبت وزوجتي تعبت من هذا الوضع، وعندي قلق عام حتى في المعاشرة، قلق وخوف من الفشل، وكثير من الأفكار السلبية مع هذا أنا أضغط على نفسي، وأحول أن لا يظهر هذا لأحد.

أرشدوني إلى الاختيار السليم، وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك بسيطة، أنت لديك قلق المخاوف الوسواسية من الدرجة البسيطة، ولديك أيضًا أفكار سلبية كثيرة حول نفسك.

أنا أعتقد أن تربيتك كانت صحيحة -مع أنك ترى غير ذلك، ونحترم رأي بعضنا البعض-؛ لأن والدك حاول أن يقدم لك كل ما هو ممكن، لكن وضعك الطبيعي أنك الولد الوحيد وسط البنات جعلك تستأثر ببعض المميزات التي قد تكون بالفعل لم تكن في مصلحتك، لكن في ذات الوقت لا أحد قصد أن يضرك.

المهم أريدك أن تترك هذا الأمر خلف ظهرك تمامًا، بل تحاول أن تثبت أنك أنت الجدير بالتميز، وأنت الكفيل، وأنت القائم على أخواتك وعلى والديك، لابد أن تبني هذا الشعور أيها الفاضل الكريم.

حوّل كل هذه السلبيات إلى طاقات إيجابية، أمامك فرصة عظيمة جدًّا لأن تثبت وجودك وجدارتك، وتترك كل هذه الوساوس خلف ظهرك، انظر إلى الحياة بإيجابية، لا تترك العمل مع والدك أبدًا، على العكس تمامًا حاول أن تساعد والدك في تطوير عمله، وأنا متأكد أنه حين يرى كفاءتك وجدارتك واهتمامك وإتقانك لا شك أنه سوف يعطيك الكثير من المجال لتساهم مساهمات إيجابية أكثر.

أنت بالفعل لديك الخوف من الفشل، ولكنك لست فاشلاً، أرجو أن تدرك ذاتك بصورة أفضل.

القلق والتوترات والصعوبات في موضوع الحياة الزوجية: هذه كلها جزئيات ناتجة من حالة القلق والوساوس التي تعاني منها.

إذًا: أنت مطالب بأن تكون إيجابيًا في تفكيرك، ولديك أشياء جميلة في حياتك، أشياء طيبة كثيرة، (الذرية، الزوجة، الوالدين، العمل) وأعتقد أنه يكفينا تمامًا أننا في هذه الأمة المحمدية العظيمة، إذًا أنا أطالبك بالتفكير الإيجابي، وألا تضع نفسك في مقام الفاشلين، فأنت إن شاء الله تعالى من الناجحين.

ابعث في نفسك نوعاً من التفكير الجديد، واعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها. الطاقات الداخلية موجودة، وعظيمة، وجميلة، لكنها حبيسة، فعليك بالتدبر والتأمل والتفكر لتطلق هذه الطاقات الإيجابية، وتكون عونًا لنفسك ولوالدك، ووالدتك، وزوجتك وأبنائك، وكن نافعًا لنفسك ولغيرك، -وإن شاء الله تعالى- أنت لديك المقدرة على هذا.

ربما تكون محتاجًا لجرعة صغيرة من إحدى الأدوية كالفافرين، والذي يسمى علميًا (فلوفكسمين) أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرًا، والجرعة هي 50 مليجرامًا، تتناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 50 مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم 50 مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أبو نايف

    أخي عبد الله / نعم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فاصنع لنفسك ما لم يصنعه احد وكن عظيماً في عين نفسك والسعادة هي الثقة بالنفس فأنت تستطيع بلمح البصر بإذن الله .
    وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وجزاكم الله عنا وعن كل مسلم خير الجزاء .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً