الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني لا يقضي حاجته في الحمام كيف نتعامل معه؟ وهل له علاقة بلين عظامه؟

السؤال

السادة الأفاضل: أتمنى من الله تعالى أن تكونوا جميعا بخير.

اسمح لي سيدي بعرض مشكلتي، ثالث أبنائي اسمه مصطفى، وعمره 4 سنوات، في الحضانة التمهيدية، لا يرضى أن يتبرز في الحمام -أعزكم الله- إطلاقا، بل يتبرز على نفسه، يغلق باب الحجرة علي نفسه ليتبرز، وفي حال التبول يوقظ أمه، أو يجعلها تترك ما بيديها لتدخله الحمام.

حاولنا معه بكل الطرق أن يتعود على الحمام بالترغيب والتشجيع والمكافآت، وأخذ الألعاب وما يحبه ووضعه في الحمام، ومرة بالترهيب والتهديد والضرب، ولكن ليس هناك فائدة، وهو يعاني من التأتأة في الكلام، ولا أريد أن أضغط عليه، وهذا الموضوع يضايق الجميع، حتى أن أمه تبكي دائما على حاله، وأنا نفسيتي ساءت جدا، ونحن نخاف أن يفعلها على نفسه وقت وجوده في الحضانة، ماذا نفعل يا سيدي ليتعود على التبرز في الحمام؟

هو -بفضل الله- لا يعاني من أي مشكلات صحية، سوى أن لديه لين عظام شديد في قدميه؛ حيث أفادنا الطبيب بوجوب تكسير عظام الساقين وإعادة تجبيرهما، ولا أدري هل هناك علاقة بين لين العظام وعدم تقبله دخول الحمام؟ وكذلك هو ذكي ولماح واجتماعي يخالط الناس سريعا، ويندمج معهم، أي أنه ليس انطوائيا أو خجولا.

أتمنى أن يكون لديكم الحل، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن أول ما يجب فعله، وقبل تحقيق أي تقدم في التعامل مع موضوع التغوط والتبول، هو: تهدئة الجو، وعدم جعل هذا الموضوع بؤرة توتر، فهذا التوتر عند الطفل وعند والديه والأسرة لا يزيد الأمر إلا تعقيدا، ويؤخر أي تقدم، وطبعا لن يكون سهلا تخفيف هذا التوتر، وقد وصل الأمر إلى حدّ مزعج لوالدة الطفل وأنت والأسرة، فكيف يهدأ الإنسان وهو يرى طفلا يتغوط على نفسه أو في ملابسه؟! بينما عليه أن يفعل هذا في الحمام، مثل بقية الأطفال؟!

نعم.. هذه التهدئة أمر صعب، إلا أنه لابد منه وإلا -وكما ذكرت- فلن نحصل على أي تقدم، وبعد فترة من تهدئة الجو العام، ولمدة عدة أسابيع ربما، يمكن بعدها البداية في توجيه الطفل الوجهة السليمة، ومن نافلة القول أن نقول: إن الضرب أيضا لا يغير في الأمر شيئا، بل يزيده سوءا وتعقيدا.

بعد أسابيع من التهدئة حاولوا أن تعززوا كل محاولة يبذلها الطفل ليقضي حاجته بالشكل السليم، مهما كانت هذه المحاولات قليلة ونادرة، فعندما يطلب مثلا منكم أخذه للحمام، فعندها أشعروه أنكم حقيقة تشعرون بالغبطة والسعادة لطلبه هذا، وأنه -ما شاء الله- ولد ممتاز، يعرف كيف يذهب للحمام، وهكذا.. وفي نفس الوقت غضوا الطرف ولو لمرة أو مرتين عن أي طريقة أخرى غير مناسبة يقضي فيها حاجته، وتصرفوا بكل هدوء، ولكن دون أي تعزيز أو تشجيع، ولكن إن عاد للمحاولة المناسبة فاشكروه مجددا على هذا، وتناسوا الأعمال الأخرى غير المناسبة، نعم ليس من السهل مثل هذا التجاهل، إلا أنه أمر ضروري.

وما سبق يقوم على قاعدة نفسية تربوية بسيطة وهي: أن كل عمل نلاحظه ونعززه يعود ليتكرر مرات ومرات، وكل عمل نتجاهله ولا نعززه، يتلاشى ويتراجع مع الوقت، فاختاروا أي الأعمال تريدون أن تعززوا.

لا أعتقد أن هناك علاقة مباشرة بين لين العظام وهذا التغوط، إلا من باب أنه أحيانا وبسبب مرض الطفل بمرض ما، فإن الأهل يأخذون في "تدليل" هذا الطفل وشعوريا أو لا شعوريا يعاملونه بطريقة مختلفة عن طريق تعاملهم مع الأطفال الآخرين.

حفظ الله طفلكم، وأقرّ به عيونكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً