الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تعيش حالة نفسية سيئة جدا وترغب بقتل طفليها

السؤال

أختي تبلغ من العمر 30 سنة، متزوجة ولها طفلان (ولد وبنت)، أنجبت الولد أولا ففرحت به وأحبته بشدة، وعندما بلغ الرابعة من عمره أنجبت البنت، ومنذ إنجابها لها (قبل سنة ونصف) وإلى الآن وهي في حالة نفسية سيئة جدا.

في البداية كرهت طفليها، وبدأت تراودها أفكار بقتلهما والتخلص منهما، فأخذنا منها الفتاة لتعيش معنا، وهي تشكرنا على ذلك، ولا تريدنا أن نعيدها لها.

أما الولد فقد بقي معها نظرا لتعلقه الشديد بها، هي تحبه ولكنها أحيانا تأتيها رغبة في قتله، ولمرتين عندما ينام تأتي بمقص كبير لتقتله به ولكنها في اللحظات الأخيرة تتراجع.

ذهبت إلى طبيب نفسي فوصف لها السيروكسات وتحسنت عليه تحسنا طفيف جدا، وغابت عنها الرغبة في قتل ولدها ولكن إلى الآن وضعها النفسي سيء، وقبل أيام حاولت أن تقطع شرايين يدها.

أما بالنسبة لابنتها فنحن إلى الآن لا ندري هل هي تحبها أم لا؟ فمرةً تقول: إنها ترغب بقتلها ومحيها من الوجود ومن عقولنا أيضا، وأخرى تطلب مني أن أرسل صوراً لها، وتقول: إنها مشتاقة لها ولكن ما إن تقوم بزيارتنا وتراها حتى تتضايق وتنزعج.

تصف لي حالة تأتيها من حين إلى آخر وهي: أنها تشعر بطاقة رهيبة، وبحسب وصفها (انفجار نووي) يسري أسفل جلدها بجميع أنحاء جسدها، وتقول: كم هو صعب أن تشعر بهذه الطاقة، وهي بالمقابل ساكنة جامدة لا تتحرك، ولا تعرف ماذا تفعل؟ وتقول: إنها في مرّة من المرات كانت مع أخواتي الأخريات في السيارة وتضايقت منهن ومن أصواتهن، فتقول: لكي أهدأ تخيلت نفسي وأنا أرمي نفسي من السياره لأزهق روحي فارتحت وهدأت، وفي أخرى تقول: تضايقت فتخيلت أني أغرس مقصا في وسط صدري فارتحت وهدأت.

قال أحد الأطباء النفسيين الذين راجعتهم: إنه يشك بأن لديها فصاما ولكنه غير متيقن.

أرجو منك يا دكتور محمد عبد العليم تشخيص حالتها، ووصف الدواء المناسب لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مهاني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على اهتمامك بأمر أختك هذه، والتي أسأل الله تعالى لها الشفاء والعافية.

الطبيب الذي قام بإعطائها عقار (زيروكسات) أعتقد أنه انطلق من اعتقاده أنها تعاني من وسواس قهري؛ حيث إن الوساوس يمكن أن تظهر ببعض الأعراض التي وردت حول تصرفات هذه الفتاة، لكن أعتقد أن الأمر أكثر وأعمق من أنه وساوس، وربما أتفق مع الطبيب الذي ذكر أنها ربما تعاني من حالة ذهانية، أتفق معه لدرجة بعيدة، وعليه أيتها الفاضلة الكريمة: خذوا هذا الأمر بشيء من الجدية دون أن يكون هنالك انزعاج أو خوف حقيقي من جانبكم، اذهبوا بها إلى الطبيب، دعي الطبيب يتدارس حالتها ويتابعها.

المتابعة مهمة جدًّا، ليس من الضروري أن تُشخص الحالة تشخيصًا دقيقًا من الزيارة الأولى للطبيب أو الثانية، بل إن الطبيب الذي يندفع نحو إطلاق التشخيصات على الناس ربما يُخطئ طريقه دون أن يقصد، ولذا التأني والتروي والتفحص، وفي بعض الأحيان كثيرًا ما نلجأ إلى أخذ رأي زملائنا الآخرين، ومن أفضل الأشياء أن يكون الطبيب متواضعًا، وأن يعمل من خلال الفريق المعالج، وفي كثير من المرات تجد أنه حتى بعض طلابك قد أفادوك في تشخيص بعض الحالات.

فأعتقد أن هذه الفتاة لديها جوانب وسواسية، لكن ربما تكون أقرب إلى ما يعرف بالفصام الوسواسي، وفي هذه الحالة تحتاج للزيروكسات، لكن يجب أيضًا أن تُعطى مضادًا للذهان مثل: عقار (رزبريادون) وفي ذات الوقت ربما يكون لديها شيء من اضطرابات الشخصية، فالشخصية الحدّية أيضًا تكون ذات ملامح على الشاكلة التي وصفتِ بها هذه الأخت حفظها الله.

إذن العلاج ممكن، والعلاج إن شاء الله تعالى متوفر، ومن جانبكم كونوا مساندين لها، طمئنوها، وحاولوا أن تحملوا الأطفال منها، لأنها حتى وإن لم تُقدم على إيذاء أطفالها لكن مجرد الفكرة، مجرد التلميحات والتأشيرات من جانبها مؤذي جدًّا للأطفال، ومؤذي لكم جميعًا، ومؤذية لها أيضًا، فأرجو أن توفروا لها فرصة العلاج، والذي أعرفه أن الكويت بفضل الله تعالى بها إمكانيات طبية نفسية ممتازة، فأرجو أن تتواصلي معنا وتفيدينا بالخطوات التالية، حيث إن مثل هذه الحالات نحرص نحن أيضًا على أن نساهم بما نستطيع في نفع الناس بها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً