الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من المخاوف الافتراضية والوسواسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

في البداية أشكر الأسرة القائمة على هذا الصرح الرائع - إسلام ويب- والذي ساعد الكثير من الناس, وأخص بالشكر الدكتور, والأب الفاضل, محمد عبد العليم, فأنا من أشد المعجبين به, وبأطروحاته القيمة والجميلة.

أنا شاب سعودي, عمري 27 سنة, متزوج, وأب لبنت, وزني 51 كجم, أعمل في شركة محترمة, وأحب عملي كثيرا, وأنا مجتهد فيه, وعلى طور الانتهاء من بناء الفيلا.

مشكلتي هذه الأفكار التي تكاد تدمر حياتي العملية والأسرية, أفكر دائما كيف سأعيش بعد الانتهاء من بناء المنزل أنا وزوجتي وابنتي فقط, في هذا المنزل الكبير, وأني سوف أشعر بالخوف والملل لوحدنا, خصوصا أني الآن أسكن مع أهلي, وأنا سعيد بذلك.

أفكر بالأمراض الخطيرة, كالسكتة القلبية؛ لأن عمي عمره 58 عاما توفي بها, أيضا أفكر بأمراض الأعصاب؛ لأن صديقا لي في عملي أصيب بمرض خطير, لا علاج له في الأعصاب, وهو شاب عمره 23 سنة, وهو الآن يكافح المرض, وزميل آخر في العمل مصاب باكتئاب شديد جدا, أخشى أن أكون مثله يوما ما.

أفكر دائما أني لن أعيش طويلا, وكأني سأموت غدا, وأعلم أن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى, وقد أجريت فحوصات القلب والدم, وكلها سليمة ولله الحمد.

ذهبت إلى دكتور نفسي, وأعطاني دواء (فافرين) جرعة 50 بعد الأكل ليلا, والحمد لله أني مرتاح به كثيرا, ولكن لا زالت تلك الأفكار تراودني كثيرا, وهذه الأفكار تجعلني قليل النشاط, وعاجزا عن فعل أي شيء, وأخشى أن أكون مصابا بالاكتئاب، فهل أستمر على علاج الفافرين أم أن هناك دواء آخر أفضل؟ وهل أنا حقا مصاب بالاكتئاب؟ وكيف أتخلص من الأفكار التي أرهقتني كثيرا؟

آسف جدا على الإطالة, وشكرا لكم على هذا الصرح, جعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جاسم عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشكرك على كلماتك الطيبة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، وأنا سعدتُ جدًّا أن حياتك كلها خير في خير، الزوجة الصالحة، الذرية، العمل الممتاز، ومسكنك على وشك الانتهاء، فأسأل الله تعالى أن يجعله لك مسكنًا طيبًا، وأن يعطيك خيره وأن يصرف عنك شره.

مخاوفك الافتراضية هي مخاوف وسواسية ولا شك في ذلك، نعم هي مخاوف افتراضية، مخاوف استباقية، لكنها مرتبطة بالحياة لا شك في ذلك، فموت الفجاءة قد كثر، والخوف من الأمراض يأتي للناس كثيرًا، والناس أصبحت بصفة عامة تفتقد الكثير من عوامل الطمأنينة، لكن ليس كل الناس، هنالك من هو مطمئن القلب الحمد لله تعالى، وأنت إن شاء الله تعالى منهم.

أخي الكريم: ما كان ليصيبك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، أنت على قناعة تامة بهذا الأمر، كل المطلوب منك هو أن تسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يبارك في زوجك وفي ذريتك، وأن تعيش حياة صحية، أن تمارس الرياضة، أن تنظم طعامك، أن يكون لك مراجعات مع طبيب الأسرة مرة كل ستة أشهر مثلاً، وأن تدير حياتك بصورة فاعلة؛ لأن الإنسان يستطيع أن يُدير حياته، لكن لا يستطيع أن يُدير أمر موته، بل يعمل لما بعد الموت من خلال حسن إدارة الحياة، هذا هو المطلوب وهذا هو المبدأ الصحيح.

أخي الفاضل الكريم: قبِّح هذه الأفكار، استعذ بالله منها، لا تعطها فرصة أبدًا، وما حدث بالأمس ليس من الضروري أن يحدث اليوم أو غدًا، وما أصاب شخصا ما ليس من الضروري أن يُصيب شخصًا آخر، وهكذا، وهذه هي الحياة.

بالنسبة للفافرين: هو دواء جيد جدًّا، وأعتقد أن الطبيب قد أفلح في اختيار هذا الدواء، لأن مخاوفك في الأصل هي وسواسية، ولا أعتقد أنه أعطاه لك كمضاد للاكتئاب، نعم سوف يحسن من مزاجك ولا شك في ذلك، لكن أعتقد أنه اختيار جيد، خاصة أنه دواء طيب وسليم وغير إدماني.

أخي الكريم: ارفع جرعة الفافرين إلى مائة مليجراما، تناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها واجعلها خمسين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

حاول أن تستمتع بقراءة كتاب (لا تحزن) للشيخ عائض القرني، تفكر وتدبر في محتواه وأسلوبه الجميل، فهو أصلاً يقوم على التفكر والتأمل وإدراك الذات بصورة أفضل وبمنهج إسلامي جميل.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً