الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأنني لا أملك الوسيلة على مواجهة أي شيء، أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من مشكلة في نفسي، فعندما تكون عندنا مناسبة (أية مناسبة) أتردد بالذهاب إليها، وسبب ذلك أنه يراودني شعور بأنني لا أستطيع أن أقابل الناس، ولا أستطيع أن أتكلم معهم، وأحس بنفسي ضعيفا، ولا أملك أية وسيلة تؤهلني على مواجهة أي شيء.

أرجو الإجابة العاجلة غير الآجلة، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا.

إن ما وصفت في سؤالك هي حالة من الارتباك أو الرهاب الاجتماعي، من الطبيعي في كثير من الحالات أن يشعر الإنسان ببعض الارتباك عند الحديث عندما يكون وسط جمع من الناس، وإذا اشتدت أعراض الارتباك أمام الناس، وخاصة أنك تشعر بضيق النفس وربما بعض الأعراض الأخرى، وهذه كلها من أعراض وعلامات الرهاب الاجتماعي.

ففي الرهاب أو الخوف الاجتماعي يرتبك الإنسان من لقاء الناس والنظر في وجوههم أو الكلام أمامهم، والاجتماع بهم في بعض الظروف الاجتماعية، وحيث يجد صعوبة في الحديث مع الناس وخاصة الغرباء أو الذين بينه وبينهم بعض الاختلافات، مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك والأعراض الجسدية الأخرى: كالقلق، والتنميل، والتعرق والارتعاش، وضعف التركيز ربما في فهم ما يُقال له؛ وبالتالي قد يشعر بعدم الرغبة في لقاء الناس؛ حيث يمكن أن يجد صعوبة في مواجهة الناس، مما يقلل عنده من طبيعة الحياة الاجتماعية.

وبسبب كل هذا فأنت لا تشعر بالثقة الكبيرة في نفسك، مما يجعلك لا ترتاح للاجتماع والتعامل مع الآخرين، وبذلك تدخل في الدائرة المعيبة، وربما تتجنب مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمها للآخرين، فما العمل الآن؟

إن تجنب لقاء الناس وعدم الخروج من البيت وقلة الحديث معهم لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس؛ ولذلك عليك العودة للقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.

وبالنسبة لعلاج الرهاب الاجتماعي: فأفضل علاج هو العلاج المعرفي السلوكي، عن طريق عدم تجنب اللقاء بالآخرين لتجنب الشعور بالخوف والارتباك، وإنما اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس، وقد تكون البداية بمجرد التواجد في زحمة من الناس، ومن ثم الحديث لفترة قصيرة مع مجموعة صغيرة من الناس، وحتى تطمئن للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى تجد أن هذا الخوف قد خفّ أو اختفى، فهذا العلاج السلوكي هو الأفضل في مثل هذه الحالات.

ويمكن عادة أن يشرف على هذه المعالجة أخصائي نفسي يتابع معك تطور الحالة أو يمكنك الاعتماد على نفسك من خلال تدريب نفسك على هذه المواقف.

وإذا طالت المعاناة ولم تشعر بالتحسّن، فيمكنك الاستعانة بأخصائي نفسي ممن يمكن أن يضع لك برنامجا علاجيا، ويتابع معك هذا العلاج.

ويمكن للطبيب النفسي أيضا أن يصف لك أحد الأدوية التي تساعد عادة على تخفيف مثل هذه الأعراض، والتي يمكن حتى أن تدعم تأثير العلاج السلوكي.

حماك الله من كل سوء، ويسّر لك أمورك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً