الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتفقد نفسي مع الوساوس وأشعر بأني منعزلة عن العالم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أتفقد نفسي جداً في بدايتي مع الوساوس والتفكير والاهتمام بكل عارض يأتيني في جسمي، وأحاول مقاومة هذا الشعور بقدر ما أستطيع، بعدها شعرت بأنني منعزلة عن العالم، وأنني لا أشعرُ بمن حولي، وأنني جداً بعيدة عنهم، كأنني في حلم، وضغط بالأذن، وأنني لا أستطيع التركيز، فهذا شيء يخفيني وأحياناً أقول بأنني سأنسى من حولي، وأحاول تذكرالأسماء لكي أكتشف بأنني لم أنس، فأنا خائفة بأن تزداد حالتي وتصبح شيئا من مرض الذهان، أو أن أفقد عقلي، أرجوكم ساعدوني، حتى إنني لا أشعرُ بطعمِ الحياة ولا السعادة بها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

ليس غريبا أن يشعر من يعاني من الوسواس القهري وكأنه على وشك أن يفقد عقله، من شدة هذا الاضطراب أحيانا، وخاصة عندما ينشغل ذهن المصاب على صحته، معتقدا بأن لديه مرضا ما، كالسرطان أو غيره، وسواء أصابه أو أصاب أحد أفراد أسرته، ويعتقد الشخص أنه يحتاج للمزيد من الوقت، والمزيد من الاختبارات والفحوص، والمزيد من آراء الأطباء المختلفين، حتى يصل للتشخيص الذي كان يخافه كل هذا الوقت.

وفي موضوع الوسواس القهري تأتيك رغماً عنك أفكار وسواسية قهرية تتعلق ربما بالطهارة والنظافة، ولا شك أنك تحاولين دفعها بعيدا عنك، إلا أنها تستمر وتعود مجددا بالرغم من أنها مزعجة ومؤلمة بما فيما من أفكار غير مقبولة بالنسبة لك، وكل هذا يدخل في تعريف الأفكار الوسواسية القهرية، ويفيد أن نذكر أن هذه الأفكار الوسواسية ليست من صنعك، ولست مسؤولة عنها، فهي أفكار قهرية.

ويفيد كذلك أن نذكر أن هذه الأفكار الوسواسية ليست مؤشرا لأمر خطير سيحصل لك، أو لأحد أفراد أسرتك، بالرغم من إزعاج مثل هذه الأفكار، وقد لا يفيد كثيرا محاولة مقاومة هذه الأفكار، ولا تفيد المبالغة في دفعها، وربما الأكثر فائدة هي ترك هذه الأفكار تأخذ "دورتها" حتى تخفّ من نفسها، رويدا رويدا.

وكما ذكرت فإن الوسواس القهري ليس دليلا أو مؤشرا على "الجنون" أو فقدان العقل، كما قد يشعر بعض المصابين، وإنما هو مجرد مرض نفسيّ، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لأمراض أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية.

إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، من أولى مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.

ونتيجة لشدة الوسواس القهري عندك وكما يبدو من سؤالك فأنصحك بأن لا تترددي بمراجعة طبيب نفسي ممن يمكن أن يصف لك الدواء المطلوب، ويساعد الدواء كثيرا في تخفيف شدة الأعراض، ويساعد الشخص على التكيّف المناسب، ولا بد من متابعة هذا العلاج الدوائي مع الطبيب النفسي لأن استعمال الأدوية المضادة للاكتئاب يحتاج إلى المتابعة القريبة من قبل المتخصص.

وطالما أن تطور المرض عندك بهذا الشكل الذي وصفت، فإني أنصحك بمراجعة طبيب نفسي في المدينة التي تعيشين فيها، وسيقوم هذا الطبيب بأخذ القصة كاملة، ومعرفة الأمور الكثيرة والتي لم تخبرينا عنها كنمط الحياة، وعلاقاتك الأسرية والاجتماعية، وتاريخ طفولتك، وطبيعة حياتك اليومية، ومن ثم يمكن لهذا الطبيب النفسي أن يقوم بعد التشخيص بالعلاج المطلوب، هل عندك بالإضافة لانشغال البال بالأمراض، هل عندك شيء من الأعراض النفسية الأخرى كالاكتئاب وغيره؟ لا بد للطبيب النفسي من تحري هذا والقيام بتقديم العلاج المطلوب.

وفقك الله وكتب لك التعافي والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً