الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس قهري متعلق بتفكير بأمور الدين والإيمان!

السؤال

السلام عليكم

منذ 9 سنوات أعاني من وسواس قهري، متعلق بتفكير بأمور الدين والإيمان، وأفكار كفرية، ولم أتناول علاجا منذ سنوات، وبعدها زادت حالتي، وأصبحت أكرر التسمية والتشهد بالصلاة عشرين مرة!

سبب ذلك لي اكتئابا شديدا، فذهب لطبيب وأعطاني بروزاك وتحسنت حالة الحزن، ولكن الوسواس لم أتحسن منه إلا قليلا، ودواء ريميرون منوم فقط، ودواء فافرين، أخذته شهرا ونصفا، ولم أتحسن، وقطعته، وجاءني صداع شديد، ودوار بالرأس، ثم لم آخذ علاجا لخمس سنوات، والآن زادت حالتي سوءاً، الوسواس شديد، واكتئاب شديد، ويكاد يقتلني، وأفكار مسيطرة، أشعر معها بالموت والحزن طول اليوم، أصبحت لا أشعر بالأوقات، لا أدري أنا بليل أو نهار.

أصبحت أعاني شرودا ذهنيا فظيعا، كأني بمكان وعقلي بمكان آخر! أفكر بأشياء كثيرة، وتأتيني فجأة، حتى ضعفت عندي الذاكرة والتركيز والانتباه، ولا أقدر على تجميع الكلام عندما أتكلم، الكآبة والوسواس، والقلق دمرت صحتي وذهني.

أتمنى الإفادة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوساوس من هذا النوع كثيرة وموجودة، وقطعًا هي مؤلمة لصاحبها، مؤلمة جدًّا لنفس المؤمن، لكن - إن شاء الله تعالى – هي دليل على صريح وصدق الإيمان أيضًا، هذا ما قرره النبي - صلى الله عليه وسلم – في قوله للصحابي الذي اشتكى له من مثل هذه الوساوس بقوله: (ذاك صريح الإيمان) أو قال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة).

إذًا استعيذي بالله تعالى من هذه الوساوس ومن مسببها (الشيطان) وعليك أن تتجاهليها تجاهلاً تامًا، ولا تعطيها أي مجال من خلال تجنب المناقشة ومحاولة تحليلها والرد عليها.

الرد على الوساوس وتحليلها يزيد من حدتها، والاكتئاب الذي تعانين منه هو اكتئاب ثانوي، خاصة أنك في العمر الذي يُصيب الاكتئاب فيه بعض النساء.

العلاج يقوم على مبدأ مقاومة الوساوس التي تحدثت عنها، والأمر الثاني هو صرف الانتباه، أن تشغلي نفسك في كل ما يفيدك، ولا تتركي مجالاً للفراغ الزمني أو الفراغ الذهني حتى لا يتسلل الوسواس إلى نفسك.

العلاج الدوائي: هنالك أدوية كثيرة مفيدة وفاعلة جدًّا، البروزاك دواء فاعل، الفافرين دواء فاعل، لكن هذه الأدوية تتطلب الصبر، والبناء الكيميائي كثيرًا ما يكون بطيئًا، والجرعة التي تعالج الوساوس هي الجرعات العالية نسبيًا لكنها لا تخرج من نطاق السلامة.

أود أن أقترح عليك الآن عقارا يعرف تجاريًا باسم (زولفت) واسمه الآخر (لسترال)، ويعرف باسم (لوداميل) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، دواء ممتاز، فاعل جدًّا، لكن يجب أن تصبري على الجرعة، وتبنيها تدريجيًا حتى تصل إلى قمتها وعاليتها.

ابدئي في تناول السيرترالين بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً، تناوليها بعد الأكل لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك اجعليها حبتين ليلاً – وهذه جرعة مناسبة جدًّا – استمري عليها لمدة شهر، ثم قيّمي الحالة، إذا كان هنالك تحسن استمري على نفس النمط، وإذا لم يكن هنالك تحسن اجعلي جرعة السيرترالين ثلاث حبات في اليوم، بأن تتناولي حبة في الصباح وحبتين ليلاً، وهذه الجرعة سوف تكون كافية جد، لأن السيرترالين يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكن لا أرى أنك في حاجة لمثل هذه الجرع.

استمري على هذه الجرعة – ثلاث حبات في اليوم – لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك اجعليها حبتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أما إذا كانت الجرعة هي حبتان في اليوم فاستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

تمارين الاسترخاء مهمة جدًّا ومفيدة جدًّا، فاحرصي على تطبيقها، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015).

أرجو أن تطلعي عليها وتطبقي ما بها، سوف تفيدك هذه التمارين كثيرًا في تحسين الذاكرة والتركيز، وعليك أيضًا باستجلاب الهدوء النفسي إلى نفسك، وقطعًا قراءة القرآن الكريم بتؤدة وتدبر وتمعنٍ تؤدي إلى راحة النفس كثيرًا، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

وللفائدة راجعي: علاج وساوس العقيدة سلوكيا: (263422 - 259593 - 260447 - 265121).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً