الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في مجتمع يعمه الجهل ولا أستطيع التكيف معه، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي مشكلة مع المجتمع الذي أعيش فيه، المجتمع جاهل بشكل غير طبيعي، لا يحبون العلم ولا يملكون شيئا منه، ويريدون أن يتوظفوا، ويقولون: لماذا لا يوجد وظائف؟ المفروض أنهم يسكتون، وأصحاب الماجستير والدكتوراه الذين لم يتوظفوا هم الذين يتكلمون.

وفي المدرسة -وأنتم تعلمون أنها ليست للعلم، وضعت للتربية والتعليم بهذا الاسم كذبا وزورا، وليست من العلم بشيء- لا طلبة ولا معلمين ولا إدارة، والجميع يعلم، وإذا جلست مع أهلك في البيت يأكلون لحوم الناس ويغتابونهم، والناس لا تعرف حديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ويرسلون في الوسائل الاجتماعية أحاديث موضوعة.

وإذا اجتمعنا يوم الجمعة، العائلة كلها تتحدث عن أشياء تافهة سخيفة، لا يتحدثون عن أشياء مفيدة وجادة، وإذا أجبت عن شيء في المدرسة -ولو على شيء بسيط- مد أصحاب الجهل أعينهم عليك، وقالوا: ما هذا العقل الذي يحفظ هذه الأشياء؟!! أنا لا أستطيع التكيف مع هذا المجتمع، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أستاذنا الكريم ونشكر لك هذا السؤال، ونؤكد أن وجود المتعلم وسط الناس يحتاج منه إلى صبر، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على الأذى خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، نسأل الله أن يزيدك حرصاً وخيراً وأن يلهمك السداد والرشاد وأن يعينك على كل أمر يرضيه.

ونعتقد أن تغيير هذا الواقع هو مسؤوليتنا نحن الذين تعلمنا ودرسنا، علينا أن ننقل أهلنا ونجتهد في محو الجهل عنهم، ونصبر عليهم، فإن العالم هو الذي يصبر على الجاهل، والمتعلم هو الذي يحتمل من غيره.

والمتعلم هو الذي نوصيه على الصغار والجهال ممن حوله، ولذلك لا تستغرب هذا، ومع ذلك فإن الاختيار الشرعي الأفضل هو أن نخالط وننصح ونحاول ونصبر ونحتمل ونوجه، نعيش مع الناس لا أن ننعزل عنهم، ونصحح لهم المفاهيم بأسلوب يتناسب معهم، لا نقف معهم عند كل صغيرة وكبيرة، إنما نركز على القضايا الأساسية، ونحاول دائماً أيضاً أن نتواضع لهم فلا نتكبر عليهم؛ لأننا تعلمنا وهم لم يتعلموا؛ لأن عمر -رضي الله عنه- يقول: (تواضعوا لمن تُعلمون منهم ولمن تعلموهم).

بل العالم هو الذي ينبغي أن تظهر عليه ثمار العلم من التواضع والخشية لله، والرغبة في نفع الآخرين، وجلب الفوائد النافعة لهم.

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الصبر على أهلك، وهم أولى الناس بالصبر والاحتمال، فإذا لم يصبر الإنسان على أهله وأقاربه وجيرانه وجماعته فعلى من سيصبر؟ فلذلك ينبغي أن ندرك هذه الحقيقة، نسأل الله أن يعينك على الصبر، وأن يعيننا على تغيير هذا الواقع.

وأرجو كذلك أن تأخذ العقلاء والفضلاء منهم وتحاول أن تخصهم بنصائح حتى تكسبهم إلى جانبك، حتى تصبحوا تيارا كبيرا في داخل القبيلة أو في داخل المنطقة، يطالب بالتعلم، يوصي بطلب العلم وحفظ القرآن، ولعلنا ينبغي أن نبدأ ونذكر بأن البداية تكون بالعلوم الشرعية التي يصحح بها الإنسان عقيدته وعبادته وطاعته لله، ثم بعد ذلك يمضي في أبواب العلوم حسب المجال الذي يجد نفسه فيه.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً