الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جعلت علاقتي بصديقتي سطحية بسبب تصرفاتها..هل ظلمتها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أعلم كيف هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع صديقة حسودة جدا؟ إذا كانت درجاتي في الجامعة أعلى من درجاتها تبدأ بالبكاء وتنغص عليّ فرحتي، وتأتي اليوم التالي وكأن شيئا لم يكن، لا تحبني أن أجلس مع أي صديقات لي غيرها، مع أنها متشائمة جداً، وجلساتنا تكون مملة جدا، تكلمت عني مع بنات أخريات ووصلني الكلام فألزمت نفسي الصمت، كلما حدثتها بشكل متفائل تبدأ بالاستهزاء وتقول لي: عيشي في عالمك المتفائل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

أساعدها بالدراسة بكل ما أوتيت من طاقة ثم تنكر أني ساعدتها، في نهاية الأمر قامت بإزالتي من قائمة الأصدقاء في حسابها على الفيس بوك، فما كان لي إلا أن منعتها من الوصول إلى حسابي على الفيس بوك، وبعد ذلك بدأت هي بالاعتذار وتقول إنها فتاة طيبة ولا تستحق صداقتي، فسامحتها وقبلت اعتذارها وأخبرتها تلميحا أني أريد صداقتنا سطحية، ولم أزل أمنعها من الوصول لحسابي على الفيس بوك، فما كان منها إلا أن بعثت لي برسالة نصية تتوعدني أنها لن تنسى هذا الموقف وأني لم أقبل اعتذارها، ولكن -يا شيخ- أنا سامحتها، لكن فعلا لم أعد أستطع تحمل تصرفاتها، ومتابعتها لي بأدق تفاصيل حياتي.

فهل ما فعلته صحيح أم أني ظلمتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ براءة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -ابنتنا الفاضلة- ونشكر لك حُسن عرض المشكلة، ونؤكد لك أن المداراة مطلوبة، من حقك أن تهجري أي فتاة أو تحاولي أن تجعلي علاقتك معها سطحية، ولكن مع ضرورة أن نلتزم الأدب، وأن نحاول أن نظهر لها الحفاوة أو نظهر لها ما يرضيها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ائذنوا له فبئس أخو العشيرة) فلما دخل هش له النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاستغربت أمنا عائشة –رضي الله عنها- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره).

فلذلك ينبغي نحن أن نداري الناس، والمداراة مطلوبة وهي أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله، فنعامل العصبي لكن نتفادى ما يثير عصبيته، ونعامل الغضوب لكننا لا نحاول أن نثير غضبه، ونعامل البخيل ولكن لا نحاول أن نطلب أمواله، بحيث نعامل الناس بما يقتضيه حالهم، وهذه هي المهارة التي نريد أن تكون لديك -ابنتنا الفاضلة-، من حقك أن يكون لك حساب خاص، ولكن من حقك أيضاً ألا تقبلي أشياء جارحة بالنسبة لك، ولكن يستحسن ألا تعلني لها أن العلاقة ستكون سطحية، فهذا سيثير غضبها، من حقك أن تكون العلاقة بينكما سطحية، ولكن من دون أن تخبريها بذلك، ودائماً إذا شعر الإنسان أن آخر يحسده أو يغار منه أو يغبطه على أحسن الأحوال دعينا نقول: إن من الحكمة أن يدعو له، أن يهدي له الهدايا، أن يعامله بما يقتضيه حاله، أن يصبر عليه، أن تستري عليها، أن تحاولي أن توسعي دائرة الصداقات، أن تحاولي أن تتحملي منها؛ لأن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على الأذى خير من التي لا تخالط ولا تصبر.

وجودنا في جماعة وفي مجتمع له ثمن، ومثلما له ثمرات كذلك له ثمن وضريبة لا بد أن نقضيها؛ لأننا نتعامل مع أنماط من البشر مختلفين في تصرفاتهم، وفي دوافعهم وفي أحوالهم، والكمال والعقل أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله، فنسأل الله أن يعينك على هذه المهارة، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونتمنى أن تحفظي شعرة العلاقة، ولا ترخي أذنك لاستماع النمامات، ودائماً قولي خيراً أو اصمتي، دائماً كوني بشوشة حسنة التعامل مع الناس، دائماً حاولي أن تقابلي سيئات الأخريات بالحسنات، فإننا ما جازينا من عصى الله فينا بمثل أن نطيع الله فيه.

ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ز.ح

    أعانك الله يا براءة،
    وأخلص نيتك،
    وافرغ عليك صبرًا، وألهمك الرشد .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً