الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش تخيلات سيئة تؤثر على حياتي، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله...

دكتور الله يخليك ساعدني، أنا فتاة عمري 22 سنة، كنت في علاقة حب لمدة سنوات، وآخر سنتين كانت متوترة وانفصلنا السنة الماضية، ولا زلت أعاني من الأوهام، أحس أن أبي ليس بأبي، أتخيل أدخل معه في علاقة جنسية، ولا أقدر أن أتخلص من هذا التفكير، لدرجة أحيانا أبكي من الوجع، وسبب لي اضطرابات نفسية، وعدم الثقة في النفس، كرهت الجلوس مع أهلي، كرهت أبي، وهو في الأصل قاسي، وليس قريباً مني أبدا، كيف أتخلص من هذا التفكير؟

والله إنه مؤثر على نفسي وحياتي كثيراً، ساعدني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Loozii حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بهذا السؤال، إن ما وصفت في سؤالك هو أقرب ما يمكن من الوسواس القهري، والذي كثيرا ما نُسأل عنه في هذا الموقع.

وأرجو أن تطمئني، فما يدور في ذهنك من هذه الأفكار الوسواسية المتعلقة بالممارسة الجنسية مع المحارم، يعتبر من الأشكال الشائعة، وإن كان الناس لا يتحدثون عنها لخجلهم منها، وربما غيرها كثير من هذه الأفكار القهرية التي لم تذكريها لنا، لارتباكك من ذكرها، فكلها وساوس قهرية، لست مسؤولة عنها؛ لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور قهرية تأتي لذهنك من غير رغبتك ولا إرادتك، بل أنت وكما ورد في سؤالك تحاولين جاهدة دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدينها، وهي غير مقبولة لك بالمرّة. وتبقى هذه الوساوس اضطرابات نفسية، وعملا ليس من كسبك، وليس من صنعك، فأنت لست مسؤولة عن تسبيبه.

وفي هذا الموقع وغيره الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوسواس القهري، مما يعكس أولا مدى انتشاره بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنه، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن تطويل قد يصل لعدة سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا تسألين.

والوسواس القهري الجنسي ليس دليلا أو مؤشرا على ضعف الإيمان أو قلة الأخلاق، كما قد يشعر المصاب أو كما قد يعتقد بعض الناس، بل هو يشير لعكس هذا، فهو يشير لقوة الإيمان والخلق، نعم قوة الإيمان، لأن الوسواس يصيب أعزّ ما عندك وهو إيمانك بالله تعالى وخلقك المستقيم، وإنما هو مجرد اضطراب نفسيّ، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، وكما يمكن أن يحدث في الاضطرابات الأخرى التي تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية، وكما أن لهذه الاضطرابات الأخرى علاجات، فللوسواس القهري وغيره من الاضطرابات النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.

إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس القهري، وأن تطمئني لدينك وخلقك ولصلتك بالله -تعالى-، فهذا من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج والشفاء.

ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على تغيير الأفكار والقناعات المتعلقة ببعض الأفكار والصور القهرية، ومن ثم تغيير السلوك.

وهناك أيضا بعض الأدوية التي تساعد على العلاج، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الأفكار القهرية، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص.

أنصحك بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب من مكان سكنك، ليشرح لك طبيعة الأفكار القهرية وليشرف بعد ذلك على العلاج المناسب.

عافاك الله وخفف عنك ما أنت فيه، ووفقك، ويسر لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق بنت ديالى

    أعتقد أن منحزن على شي لان الحياة مادايمه نعوفها على الله والله كريم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً