الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بد من اكتشاف ذواتنا قبل اكتشاف وجوهنا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً على جهودكم، وشكراً جزيلاً لكم.

معاناتي مع قصر قامتي الذي عذبني وكرهني في المشي أمام الناس، فتُعذب قلبي نظرات الشفقة، ولا أطيق قصر قامتي، فأصبح من حولي يسخرون مني، ويشمتون بي، وأول الشامتين هو: والدي.

كذلك قبح وجهي يعذبني نفسياً، وجعل من حياتي جحيما، منذ أربع سنوات وإلى الآن، لا أطيق أن أرى وجهي في المِرآة، بل وأحاول أن أتجنَّب أيَّ مكان فيه مِرآة أو انعكاس، كإبريق الشاي، لكنني في هذه الفترة، أصبحت أجبر نفسي وبصعوبة، على الوقوف أمام المرآة، كي أوضب نفسي، وأُخرس الأفواه الشامتة بسوء مظهري، لا أنفكُّ أقضي يومًا واحدًا مِن دون البكاء على مدَى قُبحي، ولا أستطيع أن أرضى بنصيبي، فالرضا شعور لاإرادي، لا أدْري ما العمل؟

ذهبتُ إلى عدَّة عِيادات نفسيَّة بلا جدوى إطلاقًا، والمنومات لم تجد معي نفعاً، بل بعضها زاد من أرقي وتعبي، حزن دائم لا مُتناهٍ، بكاء دائم و مستمر، بسبب وبدون سبب، بقع لونها بني غامق في الجسم، إهمال في المظهر، ضعف في التركيز، ضعف الحفظ، ضعف وخوار عام في البدن، نسيان للأشياء المهمة، كالنقود، والأوراق، والأرقام السرية.

والأشياء التي تقهرني -كاللحظات السيئة- لا أنساها، بل دائما على بالي، أشعر بالإجهاد الدائم وأنا لم أقم بعمل شيء، قروح تظهر وتختفي، شعري يتساقط بشكل مُرعب، ولديّ شبه صلع في مقدمة رأسي شوهني، أحياناً أعاني من كسل في الصلاة، وأفتقر للخشوع دائماً، وأعاني من كثرة التنهد في الصلاة والشرود، وأشعر بالاختناق، وأحياناً يصعب علي ملازمة ذكر الله كالاستغفار، والتسبيح، أشعر أن لساني ثقيل، وأشعر بعجز، ثقل في مؤخرة الرأس، ثقل على الكتفين، كثرة التنهد والتأوه،احتقار للذات، أعيش في دائرة يأس وإحباط دائم.

أشعر دائماً بعدم الثقة في النفس، حرارة في العينين، سرعة في الغضب والانفعال، خفقان دائم في القلب، صداع مزمن منذ وقت طويل لم يزل، ضعف في الشهية، لم أضحك منذ زمن طويل، حرب نفسية، صراعات داخلية، نظرة سوداوية للحياة، الموت أقصى ما أتمنى، عشق خاطئ يكبر بكل لحظة، انفعالات شديدة وغضب غير طبيعي، لا أستطيع بذل أدنى مجهود، نفور من المجتمع، والأهل، والأقرباء، وأكن لهم العداوة؛ لأنهم تسببوا في أذيتي في أحيان كثيرة، شرود ذهني، عصبية المزاج ، مررت بظروف قاهرة.

أقسى الظروف قاسيتها، وتحملت أعظم الكروب التي لا يتحملها الجبل العظيم، مما جعل قواي خارت، وأعصابي تلفت، ولم يعد بوسع أعصابي الآن تحمل شيء، ولا بوسعي تحمل أدنى شيء، خمول، إنهاك، إرهاق دائم، اضطرابات نفسية، وفي أحيان كثيرة حياتي لم تكن شيئا، سوى سلسلة من الندم.

أعاني من الندم بعد حسم القرارات المصيرية، والتراجع عن القرارات بعد تنفيذها، يحرق قلبي الندم والحسرة بعدما أتراجع عن قرار تم تنفيذه ولا يُسمح لي بالرجوع عنه، وأقضي غالب وقتي نادمة محزونة على قرار اتخذته وتم تنفيذه، رغم أنني حين أتخذ القرارات أراها صائبة ومنطقية، ويجب علي اتخاذها في أقرب وقت ممكن، كي أتجنب أخطارا فادحة، وهي بالفعل صائبة، ولكنني بعدما أتخذها، أبكي ندماً، وأعيش حالة كآبة، تمتد لزمن طويل، وهذا الشيء يعذبني، ظروفي تدفعني لاتخاذ قرار سيء، لأنه هو المنطقيّ، وبالتالي أتضرر من هذا القرار، أشعر بالحنين المهلك لأشياء تركتها عن قناعة، وأرغب رغبة ملحة بالرجوع إليها، لكن الظروف لا تسمح لي بالرجوع، يتقطع قلبي حسرات عليها، كأنني أعاقب نفسي باتخاذ هذه القرارات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يجب أن لا تتضجري، ولا تتعذبي من قصر قامتك، الإنسان لا يحكم عليه من خلال طوله، أو قصر قامته، الإنسان يحكم عليه من خلال أفعاله، وسلوكه، ونفعه لنفسه ولغيره، وإنجازاته في الحياة.

حالة الضجر، والكدر، والقلق، وعسر المزاج التي تأتيك؛ هذه ناتجة من شعورك بوصمة حول قامتك، أعتقد أن مفاهيمك خاطئة تماماً، وقصر القامة ليس بعيب أبداً، ومع بعد المقارنة، هنالك من الكثير والكثير جداً من فضليات النساء قصيرات القامة، حتى يقال أن أمنا حفصة - رضي الله عنها وأرضاه - كانت قصيرة القامة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أخرجي نفسك من هذا الدهليز السلبي، من الفكر غير النافع، تسامي، ارتقي بنفسك، من خلال أعمالك الإيجابية، وأفعالك الراقية، تزودي بالمعرفة، كوني إنسانة فعالة في أسرتك، احرصي على أمور دينك، رتبي وقتك، انضمي لمراكز تحفيظ القرآن، حيث الصحبة الطيبة الآمنة، ولن يعيّرك هنالك أحد بقصر قامتك، انخرطي في أي عمل اجتماعي نافع، هذا هو الذي يجب أن تقومي به، إذا كانت قامتك قصيرة، فسمو نفسك يجب أن يكون عالياً، ونفعك لنفسك ولغيرك يجب أن يكون عالياً، ليس هنالك ما يدعوك للشعور بالدونية على هذا المستوى، ابني لنفسك مجتمعا جديدا تتحكمين أنت فيه، بدل أن يتحكم بك، وهذا يعتمد على بناء صداقات جديدة، لا تكترث للمظاهر التي تقتل الإنسان، وتحطم موهبته، وتجعله مهتما فقط بالشكليات.

استبدال هذا الفكر السلبي مطلوب، وهو الوسيلة العلاجية التي يجب أن تعتمدي عليها، لا تكوني حساسة لهذه الدرجة، ويجب أن لا تتخذي قصر قامتك عذراً، لأن تكوني محبطة، وأن لا تطوري ذاتك، وأن لا تبنيها، على العكس تماماً، يجب أن يكون حافزاً -أي قصر القامة- بالنسبة لك، من أجل المزيد من الدفع الإيجابي.

أنا لا أرى أنك في حاجة حقيقية لتناول أحد مضادة الاكتئاب، لكن إن كنت تفتقدين الطموح التام نحو التغير المعرفي الإيجابي، فهنا تناولي عقار بروزاك، والذي يعرف باسم (فلوكستين)، والجرعة هي: كبسولة واحدة في اليوم، لمدة ستة أشهر، والدواء غير إدماني، وغير تعودي، ولا يسبب أي مشاكل هرمونية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، اسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب حسن ممتاز من المغرب

    ما عليك أختي هو النظر الى ماهو ايجابي في حياتك انت أفضل مخلوق هلى وجه الكون القصير في القامة ليس عيبا العيب هو الذي عقله وتفكيره قصير خلق الله اناسا بغير يدين ولا رجلين وهم يشعرون بالسعادة لأن الله اعطاهم عيونا يرون بها وعقولا يفكرون بها وآذانا يسمعون بها لا تكترثي بالمطبثين ارضي بما أعطاك الله فلست انت من صنعت نفسك .كثير من الناس يتمنون ان يكونوا مثلك .الحمد الله على نعمة الذات بدون وجع .دع الكلاب تنبح وواصلي المسير

  • المغرب ممتاز حسن من المغرب

    عليك كل يوم أن تكتبي:كل عمل يرفع من معنوياتك ولو كان بسيطا ايجابي ولو تكرر كل يوم .مثال :صليت الصلاة في الوقت -اتصلت بصديقة-ساعدت أمي في المطبخ تكتبين الإيجابيات فقط وداومي على ذلك 15 يوما وسترين النتيجة ولا تنسي الدعاء .تضرعي الى الله كي يقويك .اللهم يا قوي قونا آمين

  • المغرب حسن ممتاز من المغرب

    تذكري انك بصحة وعافية :انت بخير وغيرك في المستشفى مقعد وانت لديك والديك وكم شخص يتيم انت في صحة وغير مريض أنت لا تحسين بالأوجاع وغيرك يئن من الأوجاع احمد الله ولا تسمعي للمستهزئين بقلبك رد كل كلام لأنه ليس صحيحا قصر القامة ايجابي قد تجدين جميع ما تريدين من ملابس واحذية وطويل القامة يجوب الشوارع بحثا عن حذاء يناسبه اشكر الله على فضله ونعمائه

  • الجزائر امة الله

    السلام عليكم
    ل تاثر بالغ التاثر بهذه الكلمات اللتي تنبع من نفس طيبة طيبة طيبة هدا ما لمسته من الكلمات الحزينه من الاخت لينا واقول لها صدقا : انت تنظرين الى النصف الفارغ من الكاس .متاكدة من ان هناك اشياء جميلة وتستحق التمتع بها في حياتك كلنا لدينا امور تحزننا ولكن لا ينبغي ان نعطي للشيطان فرصة ليزيد من احزاننا فهدا من بعض مهامه كما كما تعرفين .شكلنا يا اختي في الله لا ليس معيارا لدخولنا الجنه او النار . ولله الحمد . كما ان ارضاء الناس غاية لا تدرك بل ليست غاية في الاصل الغاية والمنتهى ارضاء ربي .افرضي نفسك على نفسك وعلى من حولك احب من احب وتابى من ابى .
    كفى بنعمة الاسلام نعمة . تخيلي نفسك لو كنت ملكة جمال العالم لكن ......على غير دين الاسلام ......الا ترين ......الله عز وجل من بين اسمائه الحكيم حاولي التمعن والفهم حول اسمه هدا سبخانه وغيرها من الاسماء التي تبث الطمانينه في النفس تععرفي على اخوات طيبات كما نصحك الشيخ وسترين الخير الكثير ان شاء الله .

  • تونس لسعد الفراتي

    باسم الله الرحمان الرحيم
    أولا قال الله تعالى 'انا خلقنا الانسان في أحسن تقريم' فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن نعيب خلقة الرحمان التي هي أحسن تقويم ,ثم أذكرك بقوله صلى الله عليه و سلم 'ان الله لا ينظر الى اجسامكم و لا الى صوركم و لكن الى قلوبكم' فاحرصي أختي في الله أن يكون قلبك جميلا و معمرا بذكر الله كي ينظر الله الى قلبك فيحبك,أتدري ماذا يحدث لك ان أحبك الله ,اقرأي جيدا ان شئت هذا الحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : " إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ " . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يَضَعُ لَهُ الْقَبُولَ فِي الأَرْضِ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ الأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ : " إِنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضْهُ " . فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضُوهُ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ الأَرْضِ
    فسبب محبة العباد لانسان ليست وسامته و قسامته فكم من وسيم ما ان تكلمت معه قليلا حتى أحسست أنك لا تحبه لكي لا أقول تبغضه و كم من حسناء يعجبك جمالها فما ان تكلمت حتى أحسست أن روحها ثقيلة هذا هو معنى القبول الذي يضعه رب السماوات لعبد أو يرفعه ,فاحرصي أختي العزيزة على أن تطهري قلبك من الآفات كالحسد و البغضاء و احذر من آفات اللسان كالغيبة و النميمة و اعلم أن أعظم جهاد جهاد النفس فجاهدي نفسك و استعيني بالله 'اياك نعبد و اياك نستعين'
    و لا تنسي الدعاء فالدعاء مخ العبادة .

  • السعودية Nasser

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
    لا يجب أن تتكدري الى هذه الدرجة فحتى أنا قصير القامة الى حد ما و نحيل جدا جدا جدا و معروف بهذا منذ طفولتي و مع ذلك و رغم أنني أتمنى لو كان وزني مثاليا و أتمنى لو كنت طويل القامة لكن حياتي تسير بسلام و لدي مشاكل كثيرة و لكن لا يعني ذلك أن أكره حياتي بالكلية .. استمتعي بلحظتك .. عيش يومك .. أعرفي النقاط الجميلة فيك .. استمتعي بشخصيتك .. و مهما سبك الآخرين فلا تظنين أنهم لا يشعرون بنقاط ضعف في أنفسهم أو أنهم متفوقون عليك .. اخبري والدك أنك تتأذين كثيرا بسخريته .. و كل من آل اك غيره .. أعرف قريبة لي ليست بالجميلة و في وجهها بقع بنيه و سمراء و لم تتزوج رغم أن عمرها تقريبا 25 سنة و لكنها تعجبني في ذوقها و أدبها و أخلاقها و هي مثقفه و موهوبه في التشكيل و الرسم و الخياطة و متدينة .. عيشي مع الله و مع النجاح طوري في نفسك حبي ذاتك اقرأي و حتى لو لم تكوني جيدة في الحفظ فكم من انسان غير جيد في الحفظ قد تكونين جيدة في الكتابة مثلا أو أي شيء آخر فلقد لاحظت من كتابتك في الاستشارة أنك جيدة في الكتابة و فقك الله لما يحبه و يرضاه و أسعد قلبك و أنار دربك بأنوار ايجابياتك و لا يهم الشكل بقدر ما تهم الأخلاق و والله ان من يشمتون فيك قد يكونون يشعرون حتى هم بالضعف و إلا فماذا دفعهم لشتمك و والله انهم لا يستحقون كل هذا الاهتمام و العناء منك .. وفقك الله

  • السويد Majed

    قرأت باهتمام بالغ ماكتبتيه. أسلوبك في وصف واقعك يشد الانتباه. من الواضح أنك تمتلكين موهبة متميزة وأسلوبا رائعا في التعبير عن مشاعرك ورسم أحاسيسك.
    إن لديك من الملكات الأدبية مايؤهلك لتكوني في مصاف المبدعات في هذا المجال. تلك نعمة من الله سبحانه وتعالى وهبها لك فلا تضيعيها. وتأكدي أن ما تنعمين به من صفات إيجابية يربو ويزيد كثيرا على ماتعتبرينه نقصا في حياتك. أنصحك أن تستفيدي من موهبتك وتستغلي ما أنعم الله به عليك وستجدين السعادة والطمأنينة والراحة عندما تجنين ثمار جهدك نجاحا وتميزا وتوفيقا في الحياةالدنيا وأجرا وثوابا من المنعم سبحانه وتعالى في الآخرة. امض في طريق الإبداع الأدبي الهادف ولا تلتفتي لمن يريدون أن يقيدوك بسلاسل الإحباط وإن كانوا أقرب الناس.

  • الجزائر بلال

    أظن والله أعلم أن النصيحة الدكتور الأولى اولى وايسر وهناك قصة ذلك الشاب قصير اليدين والرجلين فبعدما كان اكثر الناس كآبة صار ماحي الكآبة عن الناس

  • مصر مجهول

    انظرى الى مميزاتك وحاولى استغلال قدراتك فى صنع ما يفيد يشغلك عن الوساوس القهرية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً