الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقلل من الطعام، حتى أرتقي بإيماني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف يقلّل الإنسان من طعامه، بحيث لو أشتهى أن يأكل حلوى يمنع نفسه من أكلها، حتى لا يفسد القلب وينقص الأجر؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلًا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما سألت عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: شَكَر اللهُ لك حسن تديّنك واجتهادك في الإقبال على الله وإصلاح قلبك، وهذا أمر يُحمد لك، نسأل الله أن يعينك على طاعته.

ثانيًا: الطعام -أخي الحبيب- هو في الأصل مباح، وقد جعل الله في الإنسان شهوةً للطعام، فالإنسان بطبعه يحب الطعام ويحب الحلوى، وهذا لا يضر ما دام في حدود المعقول والمتاح.

ثالثًا: إذا كنت تشعر أنك تكثر من الطعام حتى لا تستطيع القيام بما فرضه الله عليك من طاعة، أو تشعر أن قلبك يتضرر من ذلك، فيمكنك حينها التقليل من الأكل، وهذا الأمر يعود إلى قوة إرادتك مع عدم ظلم نفسك بالتقتير عليها، فالاعتدال في كل شيء أمر محمود.

رابعًا: يمكنك الاستعانة بالصيام، صيام الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، تستطيع من خلال ذلك أن تجمع بين العبادة وبين التقليل من شهوة الطعام.

خامسًا: أعظم ما يقوي القلب -أخي الحبيب- تأدية الفرائض على وقتها، وهو أحب شيء إلي الله -عز وجل- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ، بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَ(((إِنْ))) سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ).

أخيرًا: لا ننصحك -أخي الحبيب- بمعاداة فطرتك، وعليك بالوسطية والتوازن في سائر أمورك كلها، وتذكر حديث أنس -رضي الله عنه- قال: (جاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا)، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ فَقَالَ: (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ: كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).

وفي روايةِ مسلمٍ: (أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- سَأَلُوا أَزْوَاجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)، وهذا يُظْهِر لك أن التوازن في الأمور هو ما يريده الإسلام ويحرص عليه.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فرنسا ام نور الهدى من الجزائر مقيمة بفرنسا.

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته،
    إني مثل السيد أحب الأكل فالثلاجة هي صديقتي المخلصة في الحزن و الفرح.
    لكني الان بدأت في نسيان الأكل بتاتا و ما أريده فقط التوبة الى الله عز وجل و عبادته على أحسن وجه.
    اسأل الله ان يعينني على ذكره و شكره و حسن عبادته. و شكرًا جزيلا لكم.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً