الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندي ارتباك وخجل في بعض المواقف.. ماذا أفعل لأتخلص منهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من احمرار الوجه عند مواقف معينة، مثلاً عند التحدث في ممارسات معينة، وصفات معينة تكون منبوذة دينياً واجتماعياً، وفي الأغلب لا تكون عندي، فأتهم بأمور أنا بريء منها، فأصبحت سمعتي سيئة، وبدأ الناس بالابتعاد عني، وبدأت بالابتعاد عنهم، فخسرت الكثير من الأشخاص والأصدقاء، وحتى عائلتي تغيرت نظرتهم لي، ودخلت في ضيق صدر، وحالة اكتئاب، وهذا الأمر حصل لي منذ سنين، وما زال، فأرجو المساعدة؛ لإيجاد طريقة لإيقاف الأمر، وسأكون شاكراً لكم.

مع العلم أنه من الصعب أن أذهب لطبيب نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على التواصل معنا بهذا السؤال.

لا شك أن الأمر كان صعباً لك ومحرجاً طوال هذه المدة، ويبدو من السؤال أن الذي تعاني منه بالأصل هو نوع من الرهاب الاجتماعي، والذي يظهر بالخجل، والارتباك عند الحديث في بعض المواضيع المحرجة اجتماعياً، وكما ذكرت في رسالتك، ويبدو أن الأمر تدهور أكثر من خلال ردة فعل الناس على هذا الارتباك في هذه المواضيع، فظنوا ظنوناً غير طيبة فيك، مما دفعك لاعتزال الناس.

يبدو أنك تعلم الآن أن الحالة الموجودة عندك، وأنها حالة من هذا الرهاب، أو الخوف الاجتماعي، والعادة أن يتأخر التشخيص في كثير من الحالات ولبعض الوقت، وكما حصل معك، ففي البداية لا يدرك الشخص ماذا حصل معه، ومن ثم يعتقد أنها مرحلة وتنقضي، وهي كثيراً ما تنقضي ومن دون علاج عند كثير الناس، ولكن قد يتأخر هذا لوقت طويل.

اسمح لي هنا أن أسألك سؤالاً: ما رأيك بشخص عنده مرض صدر، ولا يريد أن يذهب لطبيب صدرية، أو مريض مصاب بالسكري، ولا يريد أن يزور طبيب السكري؟ ونفس الشيء مع المشكلات والأمراض النفسية، فلا بد من زيارة الطبيب، أو الأخصائي النفسي.

لا بد قبل العلاج السليم من تأكيد التشخيص، فبدون تشخيص لا يوجد هناك علاج مناسب صحيح.

من أهم علاجات الرهاب والأكثر فاعلية هو العلاج المعرفي/السلوكي، وكما هو واضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبين: الجانب المعرفي، والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية، والجانب السلوكي، والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب المواضيع، أو الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، يقوم المصاب بالتعرض والإقدام على هذه المواضيع، والمواقف والأماكن حتى (يتعلم) كيف أن هذه المواضيع والمواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة، كما كان يتصور سابقاً.

ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي، أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.

وبالإضافة لهذه المعالجة المعرفية/السلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، لا أقول التي تعالج الرهاب، وإنما تحسن من ظروف العلاج، وإذا لم يرغب في زيارة الطبيب النفسي فيمكن لطبيب الأسرة أن يصف أحد هذه الأدوية.

ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي وكما ذكرت، والذي يمكن أن يقوم به الأخصائي النفسي، أو المرشد النفسي، وهم متوفرون في قطر، وهناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب.

وأنصحك -أيضاً- بقراءة كتاب عن حالات الرهاب الاجتماعي، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك، وهي كتب متوفرة، وفي أي مكتبة.

وأدعو الله تعالى لك بالعافية والشفاء في أقرب فرصة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً