الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغير نمط حياتي وأتأقلم مع أمراضي لأعيش حياة سوية؟

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي هي الزواج: فأنا مريضة جسدياً بروماتيد بسبب خلل في المناعة مزمن، وكنت مريضة ذهانياً، لكنني شفيت ولم يبق إلا الاكتئاب، وأيضاً مريضة روحانيا بين السحر والمس العاشق.

مشكلتي ليست من المس العاشق فقط، بل أيضا نفسية، وهي أنني بعد أن تزوجن صديقاتي وأخواتي، الناس بدأت تستحقرني، لكوني تأخرت عن الزواج، واللاتي في عمري وأصغر مني متزوجات، ولا يتحدثون معي، ويستحقرونني لتأخري في الزواج، أشعر أنني منبوذة، وأتمنى أن أعيش كفتاة طبيعية، أردت الزواج كأية فتاة.

لم أعش مراهقتي كأية فتاة ولا شبابي بسبب الانطواء والمشاكل النفسية، وما زلت فاقدة الرغبة بكل شيء، لكنني عندما أفكر في الزواج بشكل جاد أرفضه جداً، فحياتي مبنية على الانطواء والمكوث في الغرفة والكسل، لا أطبخ ولا أعمل في المنزل، ودائماً مريضة على الرغم من أنني أتحسن في بعض الأوقات.

مشاكلي مع أخوتي كثيرة، يكرهونني ويظلمونني ولا نتحدث، وإن خرجت معهم أتعب أكثر من معاملتهم القاسية واحتقارهم لي، ولا أستمتع بأي شيء، فأصبحت لا أخرج، ومنعت من كثير من حقوقي، أتمنى كثيراً أن أخرج من هذه العائلة، وهذا البيت، أتمنى أن يكون لي طفلاً بدلاً من اللجوء إلى أطفال أخواني وتربيتهم كخادمة لهم.

لكنني لا أستطيع أن أعيش مع أحد، فقد اعتدت على الانطواء، لا أستطيع التزين، لا أستطيع تنظيم نومي، فأنا دائمة السهر، لا أستطيع الالتزام بالطبخ أو المسؤولية أو العيش مع شخص، كل هذه الأشياء تزعجني وتغضبني، لا أستطيع زيارة أهله أو العيش معه كشخص، فأنا اعتدت على الوحدة، لا أستطيع تحمل مسؤولية الأبناء وحمل همومهم، يكفي أن حظي تعيس في كل حياتي، سأحرمهم من الكثير بسبب عدم شعوري بالتمتع بأي شيء، أشعر بضيق وكره للزواج، أخشى أن يمرض أبنائي ويورثوا أمراضي، وأظلمهم بأمراضي التي مررت بها سواء الجسدية أو الذهانية التي شفيت منها.

أيضا أثناء نشاط المرض لا أستطيع التخلي عن العلاجات، وهذه العلاجات لا تصح عند الحمل، المشكلة عندما يتقدم لي أحد فإن أهلي يحاولون إقناعي بالموافقة، أحاول بقوة فيطول الأمر، فأغير رأيي وأوافق.

أشعر بضيقة شديدة، وأرق يستمر شهرين أو حسب مدة الخطبة، واختناق وقيء وانعدام الشهية، وخوف وتعب شديد، وضرب نفسي، أعرف أن كل الفتيات يخفن لكن ليس مثلي، أشعر أن ماء حاراً ينسكب فوق رأسي ويتغير كل تفكيري، فأرفض بقوة، شيء قوي في رأسي يرفض، أحاول أن أقنع نفسي لكن لا أستطيع التحمل، أصرخ وأنهار وأفزع حتى لو أقنعت نفسي أن أبتعد عن التفكير السلبي، وأصبح إيجابية، لا أستطيع، وفي النهاية أية خطبة لا بد أن أرفض، ولا يتم الموضوع.

والمرات الأخيرة أصبح لدي هاجس من الخوف من الفقر، فأختي دكتورة في الجامعة، والأخرى مخطوبة من طبيب، أنا متواضعة ولا أحب التباهي بهذه الأشياء أو الأشياء المادية، لكن أهلي يسخرون من أي شخص فقير، ومن مرتبته عادية، يحتقرونه ولا يتعرفون عليه.

يكفيني أنني منبوذة منذ الصغر بسبب أمراضي النفسية ثم الجسدية ثم العنوسة، والتي أصبحوا يسخرون مني بسببها، وأنا ما زلت في 25 من العمر فقط، لكن في مجتمعي الزواج أصبح في سن مبكرة، وتأخرت بسبب مرضي الذهاني إلى أن شفيت منها، كما تأخرت عن الدراسة الجامعية أيضاً.

المهم أنني أصبحت أخاف من الزواج من فقير، ولا يتقدم لي بعد أن كبرت إلا من حالته المادية سيئة، لدرجة صرت أحلم بكوابيس بسبب هذا الموضوع، وحالتنا المادية جيدة، ويصعب أن أتحول فجأة إلى حياة فقيرة.

أخاف أن أصبح في القاع وهم في العالي، فأنا جامعية لكن بسبب مرضي لا أستطيع أن أعمل جسدياً، أما التدريس لا أستطيع نفسياً، فلا أستطيع الكلام أمام الناس أبداً، مع ذلك قدمت وبحثت عن وظائف بغض النظر، ولم أفلح بالقبول بأي منها، فالبطالة منتشرة في السعودية. ولم أكمل دراستي لأنني أصبحت لا أستطيع التركيز أبداً، أو التفكير.

المهم بعد أن رفضت من بحالة مادية سيئة انقطعوا الخطاب تماماً، وأود أن أجهز نفسي ونفسيتي وأفكاري لأية خطبة قادمة، لكي لا أضيعها كما فعلت، فأنا أخاف من المستقبل، ومعاملة أخواني القاسية لي، كيف سأعيش؟ وأمي دائماً تلومني أن كل ما حصل بسببي، لقد تعبت.

وأريد ذكر ملاحظة: أنني في مرة استمر موضوع خطبتي لشهرين، وجهزنا كل شيء، والأمور كانت ستتم تقريباً، أجبرت نفسي على الموافقة، وهو أيضا وافق، لكن فجأة لم يعد مرتاحاً، وجاء بأعذار سخيفة، ألزمه أخي بالرجوع حالاً فرفض، وتأزمت نفسياً، وجلست أبكي لشهور، لأنه جرحني، بعد أن كادت الأمور تتم، لكنه عاد بعد سنة، حاولت أن أقنع نفسي بالموافقة، وافقت ثم تعبت، ذقت الموت ورفضت، ولم أستطع الاستمرار، أصبح الجميع يلومونني أنا، وأن الرجل أصبح متأزماً بعد أن وافقت عليه ثم رفضته، لكن هو فعل الشيء ذاته قبل سنة، ويحق لي رفض من رفضني سابقاً، الموضوع منتهي منذ سنة، إلا أن أمي ما زالت تلومني، وأمه من الأقارب، وقد زعلت من أمي وحدثت مشاكل رغم أن ولدها الآن قد تزوج وانتهى الموضوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرسالتك واضحة وأشكرك عليها، وأنت ليس لديك مطالب علاجية حقيقية، ومن هنا أقول لك تعاملي مع الأمور ببساطة أكثر، الحمد لله تعالى أنت لديك مقدرات واضحة جدًّا حتى وإن كنت تعانين من مرض فيما مضى، فالمرض ليس بعيب، والإنسان يمكن أن يؤهل نفسه ويُخرج نفسه من كثير من الحالات النفسية، وذلك بشيء من الإصرار والمثابرة، والشعور والتفكير الإيجابي.

لا تكوني حساسة حول الأمور، وأحسني الظن بالناس، واجتهدي في حياتك، وبالنسبة للزواج: اسألي الله تعالى أن يهب لك الزوج الصالح.

وبالنسبة لموضوع علاج الروماتيزم وكذلك الحالة النفسية: هذا -أيتها الفاضلة الكريمة- يتطلب منك المواصلة مع أطبائك، ومتابعة العلاج نعتبرها من الأسس المهمة والضرورية جدًّا والتي تمنع الانتكاسات المرضية.

وموضوع السحر والمس العاشق: هذه حقيقة أمور أنا لا أنكر وجودها، لكن لديَّ تحفظات كثيرة جدًّا، حيث إن تفكير الناس مليء بالشوائب والخرافات والإضافات التي لا داعي لها في هذا الأمر، توكلي على الله، اعلمي أن الله خير حافظًا، حافظي على صلاتك والدعاء والذكر وتلاوة القرآن.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً