الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بمشاكل نفسية وجسدية بعد غصة حدثت لي.. ما مشورتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرغب في طرح موضوع مهم يخصني، وأرجو منكم المشورة
العمر 39 سنة، الحالة الاجتماعية: متزوج منذ 11 شهرًا.
العمل : معلم.

منذ عدة سنوات مضت ( حوالي 15 سنة تقريبًا ) كنت أتناول طعام العشاء مع أهلي في منزلنا، وكان في ذلك الوقت عندنا عرس إحدى أخواتي، وأثناء تناولي للأكل ( غصيت في الأكل )، ونهضت فزعاً من مكاني، وذهبت لأشرب الماء، وبعد أن شربت الماء لم أستطع العودة لإكمال الطعام، وانتابتني مشاعر خوف، وذعر شديدة، وخرجت من البيت لا أعرف إلى أين وجهتي حتى أن أحد أصدقائي قابلني، فرأى ما أنا عليه، فظن أنني قد تعاطيت مخدراً، أو شيئًا من هذا، مع العلم بأنني لا أتعاطاه أبداً، -ولله الحمد- فقط أنا أدخن، وأسأل الله أن يعافيني منه.

لم أسع للعلاج لعدم معرفتي بما حدث معي، ولكنني ومنذ سنتين اتبعت نظامًا علاجيًا للتأكد من أنني ليس بي مرض روحي، وهذا العلاج عبارة عن رقية شرعية يتم قراءتها على عسل، وحليب بقر، وحبة سوداء، وماء للشرب، وتم ذلك تحت إشراف شيخ ثقة -جزاه الله خيراً- والحقيقة بأن الرقية مفيدة -والحمد لله- وقد قرر الشيخ بأنني لا أعاني من أي مرض روحي، ولكن هناك مشاكل لا زلت أعاني منها بعد تلك الغصة، وهي:-

1) أتناول الطعام بحذر خوفاً من أن أغص في الطعام.
2) أتحاشى الاجتماعات، وتنتابني أعراض خوف منها.
3) نظام النوم والاستيقاظ لدي غير منظم، فأنام باكراً وأصحو باكراً لمدة لا تزيد عن شهر، بعد ذلك ينعكس الروتين، فلا أنام إلا في الصباح وأستيقظ مساءً، مما أربكني في حياتي.
4) كنت منذ زمن وقبل حتى أن تنتابني تلك الغصة كنت أمارس العادة السرية، ولا زلت إلى الآن رغم معرفتي بضررها.
5) أشكو من قلة التركيز.

بعد ذلك وبالتحديد منذ سنه تقريبًا ذهبت إلى طبيب نفسي، وقلت له ما جرى معي فوصف لي علاج ( فافرين 100 مج) بدأتها بربع حبة لمدة ستة أيام، ثم نصف حبة لمدة ستة أيام، ثم حبة كاملة مستمرة، والحقيقة أنني ومنذ أول نصف حبة تحسنت بشكل كبير -ولله الحمد-، وبعد شهر من العلاج أحسست بأنني تحسنت بنسبة 99%، -ولله الحمد- واستمريت على العلاج لمدة 6 أشهر تقريبًا، ولكنني قررت أن أتوقف عن الدواء، وطبعًا الطبيب الذي عالجني ليس في بلدي، والحقيقة لم تساعد الظروف على السفر لملاقاته، فقررت أن أترك الدواء بنفس الطريقة التي بدأت تناوله بها، وهي بالتدريج حتى توقفت عن تناوله، ولكنني وبعد عدة أيام لاحظت بأن الأعراض السابقة رجعت، وأنا الآن لا أتناول أي دواء، فما هي مشورتكم لي؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سردك جميل جدًّا لحالتك، والذي حدث لك حين كنت تتناول الطعام في يوم العرس هو نوع من الغصة التي حدثت لك في الحلق، وهي بالفعل مفزعة جدًّا، وأعتقد أنها كانت المحرك الرئيسي لما نسميه بنوبات الهرع، حدثت لك نوبة هرع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد جدًّا والمخيف، وغالبًا يعقبها شعورٍ بالخوف، وكذلك وسوسة عامة، أو حول مواضيع معينة.

الأعراض التي سردتها في النقاط الخمسة الواضحة بذاتها دليل على أنك في الأصل لديك شيء من القلق النفسي، أي شخصيتك تحمل سمات القلق النفسي، لذا جعلك قابلاً للخوف والهرع، وكذلك الوساوس.

حالتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة جدًّا -أيها الفاضل الكريم – فكن إيجابيًا في تفكيرك، حاول أن تتجاهلها، نظم وقتك، مارس أي نوع من الرياضة، تمارين الاسترخاء دائمًا نُشير إليها ونجدها ذات فائدة عظيمة في مثل هذه الأحوال.

النيكوتين مثير جدًّا، فأنا أنصحك بالتوقف التدريجي عن التدخين حتى تقلع عنه، وقطعًا الرياضة سوف تكون بديلاً ممتازًا جدًّا للتدخين؛ لأن الرياضة تؤدي إلى إفراز مواد كيميائية داخلية في الدماغ تُعرف بالأفيونات الداخلية، أحد هذه المواد يسمى (إنكفلن) تؤدي إلى راحة نفسية كبيرة جدًّا، وأنصحك بهذا -أيها الفاضل الكريم-.

العادة السرية لا خير فيها – أيها الفاضل الكريم – اتخذ قرارًا حازمًا، وكن ذو قدرة لتحرر نفسك من هذا الاستعباد، الناس الأفاضل من أمثالك حين يمارسون هذه العادة لا بد أن يأتيهم شعور بالذنب، وهذه أحد الإشكاليات التي تولد القلق، فيا أخي الكريم: أقلع عنها، واشرع في الزواج، هو خير ورحمة، وهو ستر وهو مودة، ويغنيك عن كل الذي أنت فيه، -وإن شاء الله تعالى- يساعدك كثيرًا على استقرارك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت انتفعت كثيرًا من الفافرين، وهو دواء بسيط جدًّا، وأنا أقول لك: يمكن أن تبدأ في تناوله مرة أخرى، ابدأ بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها لمدة شهر، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً، تناولها لمدة ستة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وإن كنت تريد أن تنتقل إلى دواء آخر غير الفافرين فالزولفت، والذي يعرف باسم (سيرترالين) يعتبر بديلاً ممتازًا، لكنك قطعًا لست في حاجة لتناول الدوائين مع بعضهما البعض، وجرعة الزولفت هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة، وتتناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الزولفت يتميز أيضًا أنه من الأدوية المفيدة والراقية والسليمة والتي لا تؤدي إلى الإدمان.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً