الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصابني اكتئاب وضعف ثقة بعد أن خطبت إحدى قريباتي ثم فسخت الخطبة

السؤال

السلام عليكم.

بارك الله في هذا الموقع والقائمين عليه.

أنا بعمر 25 سنة، كانت حياتي فوق الرائعة، لا يوجد بها مشاكل ضخمة، بدأت قصتي عند خطبتي لإحدى قربياتي، تقدمت لها، ونسبة ثقتي بنفسي وثقتي بقبولها 100%.

عندما جلست مع والدها قال: إنها كانت رافضة، وبعد الاستخارة وافقت، علما أني لم آخذ رأيها من قبل، ولكن كلامنا على الإنترنت كان بطريقة جميلة، اعتقدت أنه لا يمكن أن ترفضني، واحتطت جدا في هذه الأمور، حتى لا أصاب بصدمة ما، وقالت على الإنترنت بعد قبول الموضوع: إنها لا تراني إلا قريبها، وهنا لا أعلم ما حدث لي؟! انقلبت حياتي رأسا على عقب، وتمت الخطبة ودخلت بمرحلة اكتئاب لا توصف.

استمرت الخطبة سنة ونصف، من أحلك سنوات حياتي، ولكن الحمد لله على كل حال، فكل ما عند الله خير، كانت هناك اختلافات ثقافية هائلة ولم يكن هناك تكافؤ، ومشاكل يوميا.

لم أكن أدري ما بي، ذهبت لدكتور نفساني وقال: إن عندي قلقا، وأعطاني على ما أذكر( مودابكس) ولم يأت بنتيجة.

وصلت لأقصى حدودي، وفسخت الخطبة بعد أن انهارت قيمة المرأة أمام عيني وأصبحت لا أطيق الجنس الآخر، وبمجرد أن يذكر أمامي خطبة أخرى أتذكر الموضوع القديم بعد فسخي للخطوبة.

نزلت معدلات الاكتئاب عندي للنصف، كانت الأعراض من قبل عالية جدا، من قلق وتسارع النبض، وتبلد المشاعر، والتقيؤ اليومي بدون سبب، وكره أقرب الناس لي وارتفاع الضغط الدائم مهما أخذت من أدوية لا ينخفض، قرح المعدة، وصداع ملازم، وسرحان دائم، وانخفاض إدراك، وانعدام ثقة بنفسي، والنظرة الدونية لنفسي وللمرأة عموما، هذا قبل الفسخ، وبعد فسخ الخطبة انخفضت هذه الأعراض للنصف طبعا.

لا أدري لماذا الأعراض ما زالت موجودة؟ المهم بعد قراءتي على النت كثيرا، وخصوصا في موقعكم لحالات مشابهة عرفت تشخيص حالتي، وأنا حاليا في إحدى الدول العربية تعرضت لفترة اكتئاب فاقت ما حدث معي سابقا، لدرجة تمني الموت، ولكن الإسلام يمنعني، يا رب ثبتني على دينك وأمتني على الإسلام.

المهم تشخيصي لنفسي أنه اكتئاب عاطفي (صدمة عاطفية) وبعد تشخيصي هذا ومعرفتي مراحل الصدمة، وزوالها، خصوصا دخولي في مرحلة كرب ما بعد الصدمة، وبمجرد ما بدأت تقبل ما حدث هدأت نفسي ولأول مرة منذ ثلاث سنوات بفضل الله أكون أكثر إقبالا على الحياة.

منذ ميعاد فسخ الخطبة ليومنا هذا سنة ونصف، لم أعد أتأثر إذا عرض علي أحد خطبة بنت، لم تعد الحالة الفسيولوجية تأتيني، وبدأت أنجز في عملي بعد أن كان مهددا.

حدث لدي تشوه معرفي، كيف أفهم البنت بطريقة سوية، وأتعامل معها جيدا؟ وكيف ومتى يحدث الحب؟ لأن هذه الأفكار هي محل قلق دائم، ما هي النظرة السوية للزواج؟

هل ارتباطي من جديد قد يمحو تلك الأيام الصعبة؟ علما أنني لم أر يوما واحدا جميلا مع خطيبتي الأولى بسبب اكتئابي، وبسبب الهوة الثقافية التي زادت من المشاكل، ومن الطين بلة.

أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاصم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم.

أنا أقدر مشاعرك الوجدانية وما مررت به في موضوع الخطبة وفسخها، وأقول لك: إن شاء الله تعالى هذا كله خير لك، يجب أن تنظر إلى الأمور من هذه الزاوية، والإنسان يجب أن يستخير ويستشير، وهذه مبادئ من وجهة نظري تمثل دعماً سلوكياً عظيماً.

أنصحك وأريدك بالفعل أن تأخذ بهذه النصيحة، وهي أن لا تعمم الكدر الوجداني على حياتك، نعم حدثت مشكلة ومشكلة وجدانية لا نقلل من شأنها، لكن أن تجعل هذه المشكلة تهيمن وتسيطر عليك وعلى كيانك هذا أمر خاطئ.

ضعها في زاوية صغيرة في تفكيرك المعرفي، وأملأ الفراغات المعرفية بأشياء أخرى في الحياة، وأنت تدركها وتعرفها تماماً، انطلق انطلاقات إيجابية، كن متميزاً في عملك، وتواصلك الاجتماعي، نظم وقتك وهكذا تسير الأمور.

نظرتك نحو المرأة لا أعتقد أنها سلبية، أعتقد أنك أخذت الأمور بشخصنة شديدة جداً، وتجربة واحدة فاشلة قد تترك جراحات على بعض الناس، خاصة إذا نظرت للأمور بشيء من التعميم، وأصبح الوجدان مهتزاً، وكأن هنالك كارثة أو مصيبة.

المرأة هي المرأة أخي الكريم، المرأة هي أمي وأمك وأختي وأختك وزوجتي وزوجتك ننظر إليها هكذا، وليس هنالك نموذج مثالي، فمرجعيتنا هي دائماً أن نحاول أن نظفر بذات الدين، ولا نتجاهل الجمال أبداً، الجمال مهم، الخلفية الأسرية مهمة، الشخصية مهمة، وهكذا.

اجعل هذا هو مبدأك، وأعتقد أن ذلك سيزيل ما بك من عدم القدرة على التكيف أو التواؤم، هذا هو الذي أنصحك به، والأمر في غاية البساطة أخي الفاضل.

أسأل الله لك التوفيق والسداد وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً