الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخجل الشديد والذي يمنعني من مواجهة الناس، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم

هذه أول استشارة لي، وأتمنى من الدكتور محمد عبدالعليم الإجابة لثقتي الشديدة فيه: حيث أنني أعاني من الخجل نوعاً ما، وهذا الخجل متوارث في عائلتي، جميع العائلة هكذا، ولكن أنا بالنسبة لهم أخف قليلاً، حيث أنني إنسانة اجتماعية وأحب مخالطة الناس، بعكس عائلتي فهم لا يحبون الاجتماعات، علما أن أبي عمره فوق السبعين، وهو إنسان رهابي ومعروف عائلياً هكذا، واثنين من إخوتي -أخت وأخ- يعانون من الوسواس القهري منذ ثلاث سنوات تقريباً، ويتناولون أدوية نفسية، وأعلم أن العائلة لديها القابلية للإصابة بذلك بسبب أبي الرهابي، وأيضاً تربية أمي الصارمة، ولا مجال للحوار معها، تربينا هكذا، ومع هذا كله أنا متقبلة الوضع.

الآن أنا متزوجة منذ حوالي 8 سنوات، ولدي طفلتان، وعمري 31 سنة، وزوجي إنسان واعي ومتفهم، ولكن لاحظت بعد الزواج أن خجلي زاد جداً، حتى أصبح يلاحظ علي، وعندما قررت إكمال دراستي الجامعية بعد الزواج لم أستطع، واعتذرت عن إكمالها، حيث أن هناك عروض تقديمية، فأصبحت أفكر كثيراً فيها، وبمجرد السماع أن العرض قريب أشعر بمغص في بطني، وحاولت أن أتجاهل الأمر.

ومرة خرجت أمام الطالبات أقرأ فاحمر وجهي، وأحسست بحرارة في جسمي، وتغير صوتي، وصار قلبي يخفق بسرعة شديدة، وأحسست بشعور بالبكاء، وأنه سوف يغمى علي، حتى عندما سألتني الأستاذة، لم أكن أعلم ماذا تقول، وتركيزي ضعف، وأنا أخشى الكلام أمام الناس في مجلس مزدحم، أو أمام حضور أو طلبة، لكنني وفي نفس الوقت أحب الناس، وأحب أن أتكلم مع أي كان، وأحب أن أساعد الناس.

أيضاً أنا متحدثة جيدة نوعاً ما، وأحب أن أناقش الجميع، ولكنني أخاف أن أتكلم أمام حشد كبير، ويحصل لي تأتأة من الخوف أحياناً، وأعاني من النسيان، وضعف التركيز، وتأتيني حالة غريبة جداً وأنا أتحدث، حيث ينقطع حبل الأفكار عندي ولا أعرف أن أكمل حديثي، ولا حتى الفكرة التي أريد أن أوصلها، كأنني أفقد الذاكرة لبضع دقائق، ويحصل عندي ارتباك أمام المتحدث، ويحمر وجهي.

إلى الآن أجهل السبب، أحس أن عقلي مشتت وأفكر كثيراً، ودائماً شاردة، والوقت لا أحس به، وأصبحت سلبية نوعاً ما، وأعترف أنني في انحدار الآن، وأخاف أن أتدهور، أصبحت أحب الجلوس في البيت كثيراً، وقطعت العلاقات العائلية التي كنت في يوم من الأيام أتنافس أنا وعائلتي الرهابية في حضورها، وأحاول أن أغيرهم، وكنت أكرههم بسبب رهابيتهم، فهم ملازمون للبيت دائماً، والآن أصبحت مثلهم، وأكره هذا الشيء، تسببوا لي في عقدة نفسية، وحالياً أحس بقلق حتى أصبحت أصحى من النوم أكثر من مرة متوترة، وأحس أن بالي مشغول بشيء لا أعرفه.

أرجو مساعدتي بعلاج دوائي غير إدماني وليس له تأثير على الحمل؛ لأنني لا أستخدم حالياً مانع الحمل، وهل فعلاً أن الأدوية النفسية تؤخذ كورساً معيناً حتى يعتدل كيمياء المخ، ولا ضرر من التوقف عنه؟ لأنني أخاف أن أدخل في متاهة الأدوية النفسية.

علما أنني استخدمت اندرال فقط، وحضرت محاضرة في شأنه، وكنت أتابع العرض التقديمي (برزنتيشن) فأحسست بربكة الموقف، وأنا أتابعهم، ولكن ضربات القلب هادئة، وفي الوقت نفسه أريد علاجاً غيره، لا تنصحونني بعلاج سلوكي؛ لأنني دائماً أقحم نفسي في مواجهات، وأعاند نفسي كثيراً، ولكنني تعبت، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف -أيتها الفاضلة الكريمة- الذي تعانين منه هو: مزيج من الرهاب الاجتماعي، وشيء من الخجل و-إن شاء الله تعالى- أيضاً فيه الكثير من الحياء، والذي هو شطر من الإيمان.

أولاً: أنا حقيقة أريدك أن تصححي مفاهيمك نسبياً حول الأمر الوراثي، نعم لا ننكر دور الوراثة في الخوف والرهاب والقلق، لكنه ليس الإرث المباشر إنما هو الاستعداد فقط الذي قد يرثه الإنسان، أرجو أن تقتحمي هذه الفكرة وتكسريها تماماً وتحطميها تماماً، قائلة: حتى وإن كان أبي وسواسياً أو عصابياً فأنا لدي القدرة أن أتجاوز هذه المرحلة، وأن أتجاوز الأثر الجيني، وذلك من خلال تفاعلي السليم والصحيح مع محيطي وتغيير نمط حياتي هذا مهم.

الأمر الثاني: وهو مهم جداً وضروري من وجهة نظري: هو أن تتدربي تدريبات سلوكية منتظمة، أهم ما في التدريب السلوكي هو أن تعرضي نفسك لمواقف الخوف والوجل هذه في الخيال بمعنى أن تضعي البريزنتشن مثلاً حول المادة التي تودين القيام بعرضها، قومي بعرضها وأنت جالسة في المكتب أو في المنزل، وتصوري أن جمعاً كبيراً جداً من الناس، وأن هنالك حوارات وأن هنالك أسئلة وتداخل الأمر، عيشي مثل هذا النوع من الخيال، أعتقد أنه مفيد، هذا نسميه تعرض في الخيال، موقف آخر حاولي أن تضعيه في شكل نوع مما نسميه بالسيكودراما أي تمثيل الموقف مع الأخذ بالجدية، أي أن آخذ الموقف بجدية، مثلاً: طلب منك أن تحضري مناسبة أو احتفالاً في المنزل، وأنت مشرفة على ذلك، هذا النوع من الخيالات جيد ومفيد ويساعد.

نقطة أخرى: هي التدرب على تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء ذات قيمة كبيرة جداً في علاج الرهبة فارجعي لاستشارة إسلام ويب تحت الرقم: (2136015) و-إن شاء الله تعالى- سوف تجدين فيها الكثير من التوجيهات والإرشاد الذي نحسبه مفيداً.

نقطة أخرى ضرورية: لا بد أن تكون لديك برامج تواصلية اجتماعية ثابتة، مثل: الانضمام لأعمال اجتماعية نسوية أو خيرية، والذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن مرة أو مرتين في الأسبوع، هذه كلها تبني في الإنسان مهارات جديدة تجعله يخترق المخاوف.

بالنسبة للعلاج الدوائي كما ذكرت وتفضلت: أنت لا تريدين دواءً تستعمليه لفترة طويلة أو تتعودين عليه، أعتقد أن اعتمادك على الآليات السلوكية التي ذكرتها لك سوف يساعدك كثيراً، ولا بأس من أن تتناولي عقار زوالفت الذي يعرف باسم سيرترالين لفترة ثلاثة أشهر فقط بجرعة صغيرة، ابدئي نصف حبة 25 مليجرام تناوليها لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.

قطعاً لا ننصح باستعمال أي دواء مع الحمل حتى وإن كان سليماً، بالنسبة للإندرال لا بأس به دواء إسعافي جيد، لكن يجب أن لا يعتمد الإنسان عليه، أي يجب أن لا تتصوري بصورة نمطية أنني لا بد وضروري أن آخذ الإندرال حتى أقدم تقديماً جيد.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً