الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر اضطراب القلق المعمم مرضا نفسيا؟ وما علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أقدم شكري الكبير لكل من يخدم هذا الموقع، وأهنئكم على الجوائز التي حصلتم عليها، فهذا الموقع إنجاز عربي نفتخر به كثيرا.

1) هل يعتبر اضطراب القلق المعمم مرضا؟ لأني أرى أنه أصغر من أن يكون مرضا؛ لأن المرض النفسي أعمق وأكثر تعقيدا من الاضطراب المذكور, فالمشكلة النفسية التي يمكن التخفيف منها بشكل كبير، بل ويمكن إلغاؤها تماما ولو مؤقتا بطريقة أو بأخرى؛ من غير المعقول أن تكون مرضا نفسيا, فما رأيكم؟ وأنا أراها بهذا الشكل، هو قلق عادي لكن الشيء غير العادي فيه أنه مستمر، ويحدث عند أي شيء.

2) هل يمكن أن يكون للحوادث العصيبة أثر أكبر على المدى البعيد؟ أي حادث، ثم القلق من هذا الحادث، ثم اختفاء هذا القلق، وبعد مدة عام وأشهر من الحياة العادية يظهر اضطراب القلق العام؟

3) بما أنني أريد طريقة أسرع -ولا أقول سريعة- فأريد أن أستفسر عن مدى تأثير الأدوية, هل يمكنها أن تساعدني على إكمال دراستي؟ وهل الوظائف المعرفية في مأمن من هذا القلق؟

شكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نسيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

القلق أصلاً هو طاقة نفسية مطلوبة كما أشرت بصورة غير مباشرة، فالقلق مطلوب ليحفز الإنسان ويجعله منجزاً، وهذا نسميه بقلق الأداء، وهو مطلب أساسي بالنسبة للبشر، لكن القلق قد يخرج عن النطاق الإيجابي المطلوب، ويصبح قلقاً مطبقاً وشديداً، وقد يكون بدون أي مسبب، أو يكون ناتجا عن أحداث حياتية بسيطة جداً.

فالقلق قد يكون قلقاً ظرفياً، أي يقع في أوقات معينة، ولأسباب معينة، أو أن يكون قلقاً معمماً كما ذكرت، وهذا هو الذي لا يعتمد كثيراً على السببية، وهو جزء من البناء النفسي للإنسان، والقلق يتباين في تأثيره حسب شدته وقوته، وشخصية الإنسان والظرف الذي يعيشه.

إذاً على ضوء هذه المدخلات يجب أن نحكم إن كان القلق قلقاً مرضياً أم لا، الإنسان قد يكون صحيحاً، وقد يكون مرضياً، ودرجة تعامل الشخص معه هي التي تحدد، فالأمر -أخي الكريم- أمر نسبي، وأعتقد أن الأمور يجب أن تفهم على هذه الشاكلة.

سؤالك الثاني: هل يمكن أن يكون للحوادث العصبية أثر على المدى البعيد؟ هنالك أحداث حياتية كبيرة ذات معنى، وتحفر في ذاكرة الإنسان ووجدانه، وهذه قد تكون لها تبعات على المدى البعيد، ولا شك في ذلك، والحوادث العصيبة قد تؤدي إلى ما يعرف بعصاب أو اضطراب ما بعد الكارثة، أو ما بعد الحدث، وهذا قطعاً يظهر ولفترة طويلة يظل مع الإنسان، ويحدث في شكل اضطرابات للحدث، وتوتر وقلق، وأحلام مزعجة، واضطراب في النوم، وعسر في المزاج، وتحسس نحو الأصوات، فهذا نوع من القلق المرضي المعروف.

أخي الكريم: الإنسان ربنا وهبه دفاعات نفسية جيدة، في بعض الأحيان يفعل الإنسان هذه الدفاعات؛ مما يزيل أثر هذه الحوادث العصيبة، لكن في أحيان كثيرة تفشل الدفاعات النفسية، مما يجعل القلق وتوابعه ملازماً للإنسان لفترات طويلة.

بالنسبة لسؤالك الثالث حول الأدوية: متى ما أعطيت للتشخيص الصحيح بواسطة الطبيب المقتدر للمريض، والذي سوف يتناولها بصورة صحيحة، ويستفيد منها؛ هنا تعتبر مهمة ومطلوبة، وذات نفع وفائدة، وتحسن حتى المقدرات والوظائف المعرفية عند الإنسان، ولن يقع عليه أي نوع من الضرر، وهذا لا شك فيه أيها الفاضل الكريم، أما إذا كان هنالك عدم انضباط، وعدم التزام بتناول الدواء، ولم يكن التشخيص دقيقاً أو صحيحاً، ولم يفعل الإنسان الآليات العلاجية الأخرى؛ هنا قد تكون للأدوية تبعات سلبية.

أخي الكريم: إكمال دراستك يكون من خلال العزم والاجتهاد والتصميم، واستشعار قيمة العلم، والعلاج الدوائي قد يساهم فعلاً في تحسين الدافعية وإزالة القلق، فهو إذاً جزء من كل، ولا نقول إنه هو الكل كله، فأثره إيجابي إذا كان جزء من المنظومة العلاجية المتكاملة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً