الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من قلق المخاوف الوسواسي ومن الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أريد في البداية أن أشكركم على الجهود الجبارة في هذا الموقع الجميل، والذي جعله الله ليكون سببا في علاج كثير من الناس.

لدي مشكلة وأتمنى من الله أن أجد لها حلا في هذا الموقع العظيم، فمنذ أربع سنوات عانيت من اكتئاب، كان عبارة عن خوف من الموت، كنت أخاف عندما يأتي الليل، وكنت أرتعش، وتأتي لي حالة الهلع والذعر المعروفة بأعراضها المشهورة، وكنت أخاف أن أخرج من البيت؛ لأني كنت أشعر بثقل في الرأس، وحرقان في فروة الرأس، وعدم اتزان وخوف أن يحدث لي شيء عندما أكون في الخارج.

دائما أحبس نفسي في غرفة نومي، وأنام في أوقات مبكرة جدا؛ لأني كنت أكره الليل بشدة، وأحب النهار أكثر؛ لأنه يشعرني ببعض الطمأنينة.

استمريت على هذه الحالة لمدة 3 أو 4 أشهر تقريبا، حتى أتى فرج الله، وأصبحت بخير من هذه الحالة السيئة، كيف؟
لا أعلم، وبدون أي علاج، ولكنها إرادة الله، وعادت حياتي طبيعية بدون أي علاج، ولكني عانيت جدا في هذه الفترة.

منذ فترة قريبة حصلت معي بعض الضغوطات العصبية، مثل مرض والدتي وإجرائها لعمليتين في وقت قصير، كنت قلقا كثيرا على أمي، وبعد أسبوعين خرجت أمي من المستشفى بحمد الله، وفي اليوم الذي خرجت فيه أمي من المستشفى جاءت إحدى المقربات من أمي لتزورها، فماتت عندما وصلت إلى منزلنا، وكانت سليمة، ولا تعاني من أي أمراض، سقطت مكانها بدون أي سبب، ولكنها إرادة الله، وبعدها بثلاثة أيام مرضت أختي وأجرت عملية.

أنا لا أدري ماذا يحدث لنا، وكل هذا كان يؤثر على أعصابي؛ لأني لا أتحمل كل هذه المواقف في فترة قصيرة كهذه، وقد حدثت لي بعض أعراض القلق، مثل التي كانت تأتيني في السابق، كحالات الهلع، والقلق الشديد، والتفكير في الموت مرة أخرى، وعندما تأتيني حالة الهلع الآن أعلم أنها لن تكون أعراض الموت؛ لأنها جاءتني من قبل، وعلمت أنها بعيدة عنها تماما، ولكني لا أنكر أنها أيضا تقلقني وتصيبني ببعض الخوف وقد كان، والحالة مستمرة معي الآن.

أشعر بحرقة في فروة الرأس، وعدم الرؤية، وكأنني في حلم، أشعر بان غشاوة على عيني، ودائما عيني لا يوجد بها دموع، أشعر بأنها جافة، وأنا أحاول الآن التخلص من وضعي الحالي حتى لا تحدث معي نفس الحالة السابقة والتي استمرت لشهور.

التفكير والخوف من الموت والوساوس عادوا من جديد، فعندما أذهب إلى مكان بعيد يأتيني الوسواس، ويقول لي: سوف تموت لأنك بعيد، ولن تجد أحدا يساعدك، فتزداد ضربات قلبي، ويحدث لي ضيق في التنفس، وأعصاب جسدي تنهار شيئا فشيئا، وأرتعش أيضا، ولا أهدأ إلا عندما أقترب من بيتي.

أكره الذهاب إلى أي مكان بعيد، حتى إنني الآن قد امتنعت عن الذهاب لعملي، وقد كنت أعيش حياة طبيعية، وأذهب لأي مكان أريد، وأستمتع بحياتي، أما الآن فلا أستمتع أبدا، حتى إنني أبقى مع أصحابي في أماكن قريبة من البيت حتى أكون مطمئنا، ولم تأتِ لي الحالة أو الوسواس، ولكن يوجد بعض القلق، وأخاف أن أذهب إلى العمل؛ لأنه يبعد عن المنزل مدة ساعة تقريبا بالمواصلات.

أريد أن تساعدوني في القضاء على هذه الحالة السخيفة، والتي تربك حياتي، سواء كان العلاج دوائيا أو سلوكياً.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

كما تفضلت وذكرت فإن حالتك قد بدأت بنوبة اكتئاب، ثم صرفه الله تعالى عنك، واكتئابك دائمًا كان مصحوبًا بأعراض المخاوف، والتي أساسها هو الهلع والذعر، وهذا قطعًا يؤدي إلى تعقيد الاكتئاب، بمعنى أنه يزيد من حدته، ويجعل الإنسان يدخل في حالة من الوساوس.

أيها الفاضل الكريم: إذًا تشخيص حالتك هو قلق المخاوف الوسواسي، مع وجود اكتئاب ثانوي من الدرجة البسيطة.

الأحداث الحياتية التي حدثت من حولك، كمرض الوالدة، ووفاة السيدة التي أتتْ لزيارتكم، وعملية الأخت؛ لا شك أن هذه أحداث حياتية مهمة، والإنسان عواطف ووجدان، وتفاعلك معها بشيء من الشفقة وعدم الارتياح والحزن هو أمر طبيعي جدًّا –أيها الفاضل الكريم– والذي يتضح لي أن شخصيتك تحمل سمات الهدوء والحساسية واللطف والوجدان الرهيف، وهذا قطعًا يجعلك أكثر استعدادًا لنوبات الخوف والوساوس.

إن شاء الله تعالى حالتك بسيطة جدًّا، انظر إلى نفسك نظرة إيجابية، تناسى هذه الأعراض، قاومها، انطلق في حياتك، والإنسان حقيقة يُقيَّم من خلال فعاليته ومدى فائدته لنفسه ولغيره، ومهما وجدت الأعراض الجسدية أو النفسية، مهما كانت التشخيصات، مهما كانت المسميات، هذا من وجهة نظري لا يهمُّ كثيرًا، الذي يهمُّ هو أن يُكافح الإنسان، أن يُصِرّ على أن يكون فعّالاً، أن تكون له إرادة التحسُّن، وهذا هو النهج الذي أريدك أن تنهجه أخي الكريم سيد.

أمامك فرصة عظيمة جدًّا هي: أن تُطبِّع حياتك وتفصِّلها وتُهيئها حسب ما يناسبك لتكون إيجابيًا، مع تناسي هذه الأعراض.

ممارسة الرياضة نعتبرها أمرًا ضروريًا، والرياضة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أحد الآليات العلاجية المهمة جدًّا لهذه الحالات النفسية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن (السيرترالين) سيكون الدواء المناسب بالنسبة لك، وليس (البروزاك)، مع العلم أن (البروزاك) دواء رائع، لكن (السيرترالين)، والذي يعرف باسم (زولفت) وكذلك يسمى (لسترال) وفي مصر يسمى (ميدابكس/مودابكس) سيكون هو الأفضل؛ لأنه بالفعل متميز في علاج المخاوف المصحوبة بالقلق، وكذلك في علاج الوساوس وشيء من الاكتئاب.

الجرعة واضحة جدًّا وبسيطة جدًّا، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا –أي حبة واحدة– ليلاً لمدة شهرٍ، تناولها بعد الأكل، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة العلاجية وهي حبتين ليلاً –أي مائة مليجرام– استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الممتازة والسليمة جدًّا، وقد وصفنا لك الجرعة بمراحلها العلمية المعروفة، فأرجو الالتزام حتى تستفيد كثيرًا من هذا العلاج، ولا بد أن تستصحب العلاج الدوائي بالإرشادات السلوكية الهامة التي ذكرناها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ayman nagy

    جزاكم الله خيرا انا استفدت من الموقع ده لان انا كنت بشعر بنفس الاعراض
    مع الشكر

  • أمريكا Gazakm

    نفس الاعراض واصعب بمراحل
    الله يشفيني يارب

  • السودان محمد الصادق

    نفس الأعراض تقريبا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً